زهير ماجد
كلما تطاير الكلام عن احتدام ما بين الهند وباكستان، أشعر بالأسى للملايين التي تعيش حالة الخطر الدائم في البلدين من أي فقدان للعقل باستعمال القنابل الذرية بين الطرفين. هنالك نظرية مقنعة تقول إن اختراعا ما وتنفيذه ووضعه في المخازن سيأتي اليوم المحدد لاستعماله.البلدان نوويان، والخطأ قد يقع في أية لحظة، قالها الرئيس كلينتون ذات يوم، وكررها في مناسبات.
قال لي دبلوماسي عربي ذات جلسة معه، إن انفصال باكستان عن الهند لم يكن حلا، فالعداء بين الطرفين أبدي مهما حاول المصلحون، أو المخلصون.لاشك أن خطوة رئيس وزراء باكستان عمران خان في إعادة الطيار الهندي إلى بلاده لها بعد التهدئة والإقرار بأنها مد يد للسلام، وكلما تكرر هذا النوع من الخطوات السلامية، شعرنا بالأمان ومستتبعاته.
الهند اليوم ورغم مئات ملايينها إلا أنها أمة من العباقرة كما يقول عنوان كتاب صدر عنها.. صارت الهند يحسب لها حساب التقدم التكنولوجي والصناعي، وأحسب أن منطقة الخليج العربي التي تزخر بعدد كبير من الوجود الهندي العامل لديها قد حققت الكثير بفضل تلك الجالية العاملة بصمت، بل العاملة بقوة فهمها للعمل وضمن اختصاصاتها الكثيرة والمحترمة.
نخاف من الفلتان النووي، ونخاف على الشعوب كالعادة من دفع فواتير العداء.. في مذكراتها تقول رئيسة وزراء العدو الصهيوني السابقة جولدا مائير إنها فكرت خلال حرب أكتوبر 1973م من استعمال السلاح النووي.. ويقال إن الإسرائيليين طوروا هذا السلاح بحيث يمكن استعماله دون أن تتأثر إسرائيل لقربها الجغرافي من أعدائها العرب أو الأصح من عدوها حزب الله.وإسرائيل اليوم أكثر تفوقا في هذا السلاح مما مضى.
خلال الحرب الكورية في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، رجح القائد العسكري الأميركي ماك آرثر استعمال النووي ضد كوريا الشمالية، وطالب بتجهيز أكثر من قنبلة لهذا الغرض، وكلنا يعرف أن اليابان استسلمت خلال الحرب العالمية الثانية بسبب الكارثة المجزرة التي حدثت في هيروشيما وناجازاكي من آثار القنبلتين النوويتين الأميركيتين اللتين ألقيتا عليهما.
إن تملك شيئا لابد من يوم تستعمله فيه.. وهنا مكامن الخوف من تلك الدول التي تعوم على النووي، ومازالت تطور فيه، فيما الإرث الإنساني مصابه جلل من جراء استعمال هذا النوع المدمر.من هنا نفهم أيضا كيف دمرت الحضارات أما بفعل الطبيعة أو بيد الإنسان، هذا السببان هما أساس التاريخ الإنساني منذ قيامه وتأسيسه.
نخاف إذن على الهند وباكستان من الخطأ المميت، من الحسابات التي تخرج عن السيطرة، من لحظة جنون عاصفة لايتم فيها تقدير الموقف.. وكلما توترت على حدودهما، قلنا جاء الأعظم، وفي الحسابات أن الطرفين لن يسلما من الكارثة التي لاتقع لحظتها فقط، بل تمتد إلى عشرات السنين وربما مئاتها.
يحتاج البلدان إلى حلم وتواضع، وفهم عميق لطبيعة الجغرافيا التي لن تتغير ولن تتبدل، وأن مشقات العلاقة بينهما لابد أن تتبدل طالما أن ليس هنالك من أمل بتغير تلك الجغرافيا التي مازالت وستبقى تصنع التاريخ وتزوده بأحداث.. وبدل فعل الظن الآثم، التفكير بصوت عال بأمل الشعبين في العيش بسلام، رغم أن شروط السلام يجب أن تتوفر فلماذا لايبقى كتاب الخوف مفتوحا بينهما لعله يصنع الحذر الدائم.