باختصار : مكرمة أميركية أم ماذا69!؟

1

 
زهير ماجد
 
ليس مكرمة ذاتية أن يتفوه الرئيس الأميركي ترامب بأنه سينسحب قريبا جدا من سوريا ويتركها للآخرين .. ام يعني ان بلاده وصلت إلى اهدافها وحققت غايات تدخلها في الأراضي السورية والشأن السوري ..
كلام ترامب كان مفاجئا كعادة العديد مما يتفوه فيه، لكن تلك “المكرمة” ما كان لها ان تحصل إن حصلت، لولا الهمس السوري المعلن حول مستقبل الجيش الاميركي في سوريا، والكلام الدائم من اعلى المسؤولين السوريين عن ان سوريا لن ترضى بأقل من اراضيها المعروفة موجدة محررة.
لكن هل يخيف مثل هذا الكلام ترامب مثلا أو آخرين من ذوي الدماء الحامية .. في العنتريات الاميركية التاريخية لا يمكن كسر الإرادة الاميركية بالكلام بل بالأفعال التي سبق لها وانتجت حالة كان لها الأثر في اطلاق الوجع الاميركي العميق. الاميركي سواء ترامب او غيره من الرؤساء يعي ان هنالك فرقا بين الوصول إلى الأهداف، وبين النوايا. النية الاميركية تقول يجب فرط سوريا بكل محتواها، من دولتها ونظامها إلى جيشها وشعبها ومؤسساتها بحيث تتحول إلى ليبيا اخرى، وهو المطلوب اسرائيليا في الأساس .. اما تحقيق هذا الغرض، فهو المشكلة، ويبدو انه حتى الآن لم ولن يحصل، ومن عادة البراجماتية الاميركية التعامل مع الأمر الواقع كحالة مقبولة ريثما يلوح البديل.
ولمحة سريعة على الاميركي في سوريا، فهو قد ركب موجة الكردي فورطه في كل الحالات .. ثم هو ابلغ الروسي انه لن ينسحب من دير الزور، في توضيح واضح لخططه في قطع الطريق على التمدد الايراني باتجاه سوريا ثم لبنان .. امام هذه العقد اذن، اين يصرف كلامه عن الانسحاب من سوريا، ثم ولو حصل فأين سيكون! ..
في لغة المؤامرات التي تعرضت لها سوريا والعراق وغيرها من الوطن العربي الذي صار عالما عربيا، يبدو ان ما وقع من خراب ودمار وآلام وتفتيت مؤقت لم يصل إلى المبتغى الاميركي والاسرائيلي وحتى بعض الغربي والعربي. القضية كلها، يجب ازالة كل تفكير قائم على ما بقي من شعارات عربية كبرى، مثل الوحدة، وفلسطين، والأمة الواحدة، والعمل العربي المشترك، وغيره، تلك المصطلحات ما زالت سوريا متمسكة بها وهي في صلب تفكيرها وفكرها الذي لا تتخلى عنه. ومن الضروري ان نعرف ايضا، انه تم خلع حزب البعث من العراق، لكن من يتمكن من خلع افكار شبيهة بتلك الموجودة في العقل والتفكير السوري.
نحن امام اسئلة اجاباتها ضبابية .. في المنحى العام، لابد من الاعتراف ان سوريا المحررة امر لا نقاش فيه، والأراضي السورية كلها بالسنتمتر ستعاد بكافة الطرق الدبلوماسية او العسكرية. هو ليس فعل ايمان فقط، او مجرد تمني، الخطط لهذا الغرض تمت على اعلى المستويات.
أعتقد ان كثيرا من المسؤولين الاميركيين، لم يقرأوا جيدا تاريخ المنطقة وسوريا على وجه لتحديد، هو ما قاله ذات يوم الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد لأبرز مسؤولي البيت الأبيض الذي زاره في دمشق .. بل كما بات معروفا رفض الرئيس بشار الأسد لاملاءات وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول كونها تجريد سوريا من حالها وتاريخها ومعنى وجودها.
يمكن للأميركي افناء المنطقة العربية بما يملكه من قوة مفرطة، لكنه لن يتمكن من البذرة المقدسة المزروعة في الهواء والتربة.

التعليقات معطلة.