باختصار : من يمنع حدوث الخطأ الفادح؟

1

 
 
زهير ماجد
 
الأميركي يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهو “يتمختر” في مياه الخليج كي يؤكد سطوته على منطقة الشرق الأوسط، وأنه موجود حيثما يريد، ومهمته دائما الردع، وإذا استدعى الأمر فالحرب بكل أبعادها .. كأنما لا يتعلم قادة أميركا من الماضي، وكم من الأثمان دفعوها، بل كم كان عدد قتلاهم وجرحاهم ومن أصيبوا نفسيا بعاهات ترافقهم طول العمر، ثم خسائرهم الاقتصادية، وقبلها الهيبة الأميركية التي صارت على المحك.
القوة الزائدة مشكلة، تخلخل عقل صاحبها بحيث يتنقل بين حاضر ناسيا ماضيه .. وينسى أن هنالك مستقبلا ينتظره. وهنا يبرز السؤال المحير الذي لا أدري إذا كان الأميركي يطرحه على نفسه: وأين ربحت أميركا؟ بل كل ما حسمته بالحرب تحول وبالا عليها، والشواهد كثيرة، ولذلك ركبت لها أجنحة تطير بها وهو “داعش” وغيره.
الآن هي في مياه دافئة رفع وجودها فيها درجة حرارتها إلى ما لا يحتمل .. خطأ جديد يرتكب .. حين نقول فتش عن إسرائيل أو هو كرمى لعينها فقد لا يصدقنا أحد .. ولطالما تجير معاركها لهذا الكيان، فمصيرها يلفه علامات استفهام.
المغامرة الجديدة تقوم على حشد كبير لها، ثم يأتي من يفتعل الحدث وهو الذي يضغط بكل قوته لقيام حرب في الخليج الذي لا يتحمل ولو معركة قصيرة. الرئيس الجالس في البيت الأبيض يقود تاريخا يشبهه تماما، انفلات في المكان حسبما يتطلب زمانه الانتخابي القادم، لكنه أيضا يصغي ويستمع وحوله جهابذة من الذين يطنون في أذنه عن أهمية الحرب وحبلهم السري مربوط بإسرائيل.
يتصرف الأميركي على أساس واحد، أن الكرة الأرضية ملكه .. هو سيد الأمكنة في أي موقع، وقواعده المبعثرة في العالم تعني ذلك .. لكنه هذه المرة يتحسب لما بعد الخطأ الذي قد يرتكبه، ليس لأن للآخر قوة المكان والجغرافيا والتاريخ والحسابات المبنية على الوصول الدائم إلى تلك اللحظات، بل لأنه جاهز لتغيير خريطة القوة الأميركية وبنى كل قواعده بانتظار هذا اليوم.
لا أحد يريد الحرب سوى إسرائيل، أما العالم فيده على قلبه مما قد ينتج عن هذا الخطأ الفادح .. وسنشهد خلال فترة الاستعراض الأميركي في مياه الخليج شتى المحاولات من خارجها التي تدفع إلى الحرب .. العقل والمنطق يقولان إنها لن تحدث، ومتى كان لهما تأثير عندما يلبس الأميركي الدفع الإسرائيلي لها.
قرأت العديد من المقالات عن واقع الأزمة المتربصة بالخليج، هنالك تناقضات في الكتابة وفي الرأي، هنالك آمال عند البعض، فيما للبعض الآخر آراء مغايرة .. لكن ليس على المقالات تبنى السياسات الكبرى أو تحل الأزمات المستعصية .. لا أعتقد أن ثمة من يقرأ ما يكتبه العرب سوى نفر قليل يريد أن يغذي عقله باتجاهات مختلفة .. وقيل أن لا أحد يقرأ المقال سوى كاتبه .. ولنفترض أن ملايين قرأوا فلن يقدم في الأمر شيئا .. كما هي الخطط والسيناريوهات سيتم التنفيذ.
لكن من يمنع حدوث الخطأ القاتل..؟ من يوقف الشحن الذي لا يتوقف من أجل حرب مدمرة إذا وقعت ستكون زلزالا، وهي الأصعب والأشد تأثيرا والأسلحة التي ستستعمل قد تكون للإبادة الشاملة، ونتائجها وخيمة؟ وأين هو العقل الذي نفتقده اليوم وسط جنون الحسابات الآنية؟!

التعليقات معطلة.