زهير ماجد
كأنما أراد الرئيس السوري بشار الأسد في كلامه الأخير أن الحرب في سوريا انتهت .. مجرد القول بأن هنالك حربا جديدة هي الحرب الاقتصادية يعني ذلك .. فهل فعلا نحن في نهاية النفق السوري، وأن الربيع قادم إلى هذه الجمهورية المكافحة الصلبة التي دفعت دما وعرقا وبطولة وتضحيات بالجملة من أجل هذا اليوم الذي يؤرخ فيه أنه تم إسقاط أكبر مؤامرة على سوريا خلال تاريخها كله.
لا شك أن صانعي الحرب على سوريا قاموا بتشكيلها على النحو الذي يجعل منها أطول مدة ممكنة. فإن انتهت عسكريا، قد تظل أمنيا، وقد تمتد لتشمل الحياة الاقتصادية وتلك لها وجه بشع في محصلة النتائج. إنها تطول الناس، تصل إلى أفواههم، وإلى جيوبهم، كما تصل إلى الدولة فتخرب ما فيها من أمل الخروج من المؤامرة بأقل الخسائر الممكنة.
يقينا أن من خطط لتلك المؤامرة الكبرى على القطر العربي السوري وضع أهدافا متتالية كي يصل إلى مبتغاه. عمليات التدمير المنهجية تنبئ بذلك، استعمال الإرهاب بالطريقة التي استعمل فيها والرعاية التي تضمنها، إنما كان بتوجيه منه وتخطيط .. الوطن العربي دائما تحت السقف الدولي، وهو بالتالي خاضع لمشيئته، لكن سوريا بمقاومتها الباسلة والحثيثة أحبطت الخطط الجهنمية، وأعادت كتابة تاريخه بما يعنيها في حربها الطويلة التي ما زالت تحتاج للمزيد من الصبر كي تتجاوزها.
الحرب الاقتصادية أقذر أنواع الحروب وأشدها فتكا بالمواطن وبالدولة أيضا. الكشف عنها في هذا الوقت من قبل الرئيس السوري له معناه القريب والبعيد. فهي تؤرخ إلى أن المؤامرة سقطت على أعتاب سوريا، وأن كل الوسائل الوسخة والقذرة التي تم استعمالها فيها لم تنجح، أسقطها الجيش العربي السوري، وصبر على سقوطها الشعب السوري بكل فئاته متحملا كل الضغوطات التي مورست بلا رحمة عليه.
من الطبيعي أن تبرز الحرب الاقتصادية، وهي في الأساس لم تكن نائمة أثناء تفاصيل المؤامرة ومجراها. كان اللعب بالاقتصاد السوري قائما على قدم وساق، وكانت محاولة التخريب بلا توقف، من الليرة السورية إلى الصناعة والزراعة إلى الكهرباء والماء وشتى نواحي الحياة. الدكتور علي حيدر وزير المصالحة في سوريا أخبر بعض من قابلوه، أن تدمير الرقة لم يكن عملا من صنع جماعة فقط، بل كان أمرا من قوى كبرى، هنالك تدمير مئة بالمئة لكل ما هو فوق الأرض، وما تحتها، فلماذا مثلا دمرت البنى التحتية بكاملها؟ عمل لا يقوم به إرهاب من تلقاء نفسه بل بتخطيط مسبق وأوامر عليا..
مع كل تلك الحروب التي تشن على سوريا، فما زالت بخير .. الإشارة دائما في الفضل الأكبر إلى الجيش العربي السوري وتضحياته، وإلى الشعب السوري وتلاحمه، وإلى القوة المركزية للدولة السورية التي أظهرت قدرة عالية من الثبات رغم ما تعرضت له.
اليوم إذن حرب اقتصادية، وهذا طبيعي، وله لدى القيادة السورية معرفة مسبقة، بل من بديهيات التفكير بكل خلفيات تلك المؤامرة على سوريا عدم إغفال أشكال التآمر التي ستنفذ بحق القطر العربي السوري. لكن المؤكد أن هنالك تجاوزا لتلك المؤامرة، وستسقط كما سقطت الحرب العسكرية الطاحنة.