زهير ماجد
ورشة عمل تحول فيها الجيش الإسرائيلي إلى المساهمة في معرفة الخلاص من أزمة تحتاج إلى حل. القائد الجديد لهذا الجيش أفيف كوخاني قرر أن يأخذ ردود قوى جيشه بكيفية الانتصار على المقاومة اللبنانية، فهو بالتالي حوار يطول هذه المؤسسة بكل قواعدها، سواء في المناصب العليا، أو حتى الوصول إلى أدنى المواقع العسكرية.
هذا الهاجس تعيشه إسرائيل على مدار الساعة، وكلما جاء جديد في قيادة هذا الجيش وجد نفسه مضطرا لوضع خطط جديدة ضد هذا الواقع الذي ليس له مخرج بحسب الاستطلاعات التي لا تنفك تتجدد دائما.
الورشة الإسرائيلية سوف يشترك فيها الجيش بأسره، وستؤخذ نتائج الآراء على محمل الجد، لكن من يمكنه أن يجد الحل الذي عجزت عنه القيادة السياسية سواء بقيادة نتنياهو أو من كان قبله أو من الذي قد يأتي بعده، لكنه ليس لغزا طالما أن هنالك معرفة وثيقة بالواقع التكنولوجي للمقاومة اللبنانية وبالكمية الضخمة من الصواريخ وما يتبعها إضافة إلى العناصر المقاتلة التي باتت تملك خبرة أكثر من ممتازة بحكم ممارستها على الأراضي السورية.
لا شك أن الجيش الإسرائيلي أمام مأزق تاريخي لم يمر به طوال تأسيسه .. خصوصا إذا ما رجعنا إلى ملفات الماضي، فلسوف نجد كلاما خطيرا لمؤسس إسرائيل ديفيد بن جوريون يقول فيه، إذا هزم جيش إسرائيل مرة واحدة انتهت إسرائيل واختفت من الوجود. وليس عبثا بالتالي أن تجد القيادة الإسرائيلية العسكرية نفسها أمام غموض لا يمكن حله طالما أن القياد السياسية رمت مسألة الحل عليها، طالبة منها أن تشارك في البحث عنه عبر قواعدها، ظنا أن تعدد الحلول قد يصل بالحل المناسب للخلاص من المقاومة.
قد يكون القائد الجديد للجيش الإسرائيلي كوخافي على حق طالما أن كل أسلافه في هذا الموقع لم يخترعوا حلولا ولم يجدوها، وأنهم جاؤوا إلى الموقع العسكري ثم خرجوا منه وهم لا يملكون أية فكرة تؤدي إلى الخلاص. والواضح أن الإسرائيلي استعان بغيره، ربما بالأميركي وغير الأميركي، لكنه وجد أيضا لدى هؤلاء إجابات غير مقنعة لا تشفي الغليل ولا تقدم الحل الذي يناسب الكيان الذي يعرف أن أية مغامرة عسكرية غير محسوبة قد تؤدي إلى كارثة في إسرائيل، وهذا ما لن يحصل .. لذلك ستستمر ورشة البحث في الجيش الإسرائيلي إلى شهر يوليو، علها تثمر أو تحمل أفكارا خارج التقليد الذي حكم القيادتين العسكرية والسياسية.
لعلنا تابعنا العديد من المناورات التي أقامها الجيش الإسرائيلي وكلها في عمليات محاكاة لحرب قد تقع مع لبنان .. صحيح أنها مناورات ناجحة من حيث حصولها على نتائج باهرة في التنفيذ، إلا أنها لا تلبي الحاجة عند اللحظة المصيرية التي سوف يتحرك فيها هذا الجيش لملاقاة عدوه اللبناني في أكبر حرب كما يقال ويخطط لها في تاريخ المنطقة، أي أنها قد تكون المصيرية في حياة إسرائيل، ولذلك يصبح التأني في الخيارات مقدسا بالدرجة الأولى ومعولا عليه قبل أية خطوة في المجهول، لن تؤدي هذه المرة إلى إخفاقات كما حصل سابقا.
قد تنتهي ورشة البحث عن خلاص إلى لا شيء، لكنها في كل الأحوال لن تأخذ إطلاقا إلى أية فكرة تحمل ولو واحدا بالمائة من المغامرة غير المحسوبة.