بافل طالباني يكرّس زعامته… هل ينجح “الاتحاد الكردستاني” في ترتيب بيته الداخلي؟

6

 المصدر: النهار العربي رستم محمود

بافل طالباني متحدثاً خلال المؤتمر.

بافل طالباني متحدثاً خلال المؤتمر.

فيما انتهى المؤتمر الخامس للاتحاد الوطني الكردستاني بتكريس تحول جذري في قيادته، بعد استقطاب حاد استمر لسنوات، أكد قيادي مخضرم فيه تخطيط زعامة الحزب الجديدة للقاءات وخطوات تعيد الوصل مع القياديين السابقين، بغية الحفاظ على المسار العام التاريخي للحزب وبقائه حزباً قيادياً، سواء في إقليم كردستان أم في كامل العراق، مشيراً إلى قرار الحزب خوض حوار استراتيجي مع غريمه الحزب الديموقراطي الكردستاني، الحزب الشريك في حكم إقليم كردستان، ومن موقع الشراكة في تحمل المسؤولية ووضع استراتيجية واضحة للإقليم.  بافل طالباني رئيساً في غياب قيادات تاريخيةالمؤتمر الخامس استمر خمسة أيام متواصلة طوال الأسبوع الماضي، وحصل رغم مقاطعة أغلبية “القيادة التقليدية” للحزب، متمثلة بالسياسي البارز ملا بختيار، وغياب النائب السابق لزعيم الحزب ورئيس الجمهورية العراقية السابق برهم صالح، في وقت لم يُدعَ الرئيس المشترك المُنتخب في المؤتمر السابق وابن عم الرئيس الحالي للاتحاد الوطني لاهور شيخ جنكي، فيما استنكفت قيادات سابقة عن الحضور، مثل القيادي في قوات البيشمركة محمود سنكاوي، وعضو المكتب السياسي السابق عدنان المفتي.  انتخب المؤتمر بافل طالباني رئيساً للحزب، من دون شريك، كما حدث في المؤتمر السابق، أو حتى نائب للرئيس، كما كانت قيادة الاتحاد الوطني، وهو نجل الزعيم التاريخي ومؤسس الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني، وكان صعوده السياسي – الحزبي منذ أواخر عام 2017، عقب وفاة والده، محل مزاحمة ومنافسة من العديد من قياديي الحزب. كذلك انتخب الحزب مجلسين منفصلين، الأول خاص بـ”المصالح العليا للاتحاد الوطني الكردستاني”، وأُسندت رئاسته إلى القيادي في قوات البيشمركة ونائب رئيس الإقليم مصطفى شيخ جعفر. كذلك انتُخب “المجلس القيادي للاتحاد الوطني”، من 60 عضواً، سيُنتخب المكتب السياسي لاحقاً من ضمنه، كان بغالبيته من أبناء الجيل الثاني من أعضاء الحزب، ولم يتضمن العديد من القياديين الذين استمروا في الصفوف الأولى للحزب منذ تأسيسه عام 1975.  باب موارب للمعارضين؟لكنّ مراقبين لاحظوا أن المادة 21 من النظام الداخلي الذي أقره المؤتمر خصصت بحسب الفقرة السادسة خمسة مقاعد شاغرة، يمكن للحزب أن يخصصها للشخصيات السياسية والحكومية بحسب الحاجة، ما فُسر باعتباره آلية ومحاولة لاسترجاع الشخصيات القيادية التي لم تشارك في المؤتمر. وكانت المادة نفسها من النظام الداخلي محل انتقاد من بعض تيارات الحزب وقياداته، لأنها ثبتت في الفقرة الثالثة منها مبدأ “القائمة المغلقة” لتشكيل قيادة الحزب، الأمر الذي فسره مراقبون باعتباره الأداة التي فرض بها رئيس الحزب إرادته وسطوته في تشكيل كامل القيادة الجديدة.  

إحياء ذكرى الزعيم السابق لـ”الاتحاد الوطني الكردستاني” والرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني. القيادي البارز المخضرم في الاتحاد الوطني الكردستاني سعدي أحمد بيرة، والوحيد الذي بقي محافظاً على موقعه كعضو في المكتب السياسي طوال آخر ثلاثة مؤتمرات للحزب، شرح في حديث مع “النهار العربي” كيف أن المؤتمر الخامس “كان يستهدف أولاً تجاوز مرحلة الخلافات والصراعات الداخلية التي تراكمت داخل الحزب خلال المؤتمرين الثالث والرابع، بالذات على مستوى الاستقطاب الحاد داخل جسم القيادة، وهو ما نجح فيه تماماً”. وأضاف بيرة: “كذلك كان المؤتمر بمثابة عودة إلى الجذر الاقتصادي الاجتماعي السياسي للاتحاد الوطني، باعتباره جزءاً من منظومة الاشتراكية الدولية، ومتوافقاً على تصنيف نفسه كتيار اجتماعي، يتقصد التنمية المستدامة من خلال تصعيد الطاقات الاقتصادية الداخلية، وتجاوز مرحلة انتظار المساعدات الدولية، كما العديد من النماذج في المنطقة، وتقليد دول التنمية الآسيوية في صعودها التاريخي خلال السنوات الماضية”.  القيادي في الاتحاد الوطني أكّد لـ”النهار العربي” عدم وجود أي خطوط حمر أمام حزبه راهناً في فتح خطوط التواصل وإعادة التفاهم مع كل قياداته التقليدية والتاريخية، الذين لا يزالون محل تقدير واحترام في صفوفه، لافتاً إلى أن الحزب قرر أن تكون نسبة النساء ضمن القيادة 25 في المئة على الأقل، وأن تَعقد اجتماعاً قيادياً موسعاً سنوياً، بغية مناقشة استراتيجية الاتحاد الوطني وتقييمها دورياً.  أزمات داخلية متراكمةمن الجدير بالذكر أن الاتحاد الوطني، يعاني طوال السنوات الماضية أزمات سياسية، تتصدرها الخلافات مع الحزب الديموقراطي الكردستاني. فالاتفاق الاستراتيجي الذي ربط الحزبين طوال السنوات 2005-2017، تفكك فعلياً بعد ذلك تماماً، وحدث استقطاب داخل الإقليم منذ ذلك الوقت، تسبّب بالعديد من الأزمات الحكومية والاقتصادية والإعلامية والشعبية.  وكان الحزب قد تعرض في عام 2009 لانشقاق داخلي، انفصل فيه القيادي ونائب رئيس الحزب نيشروان مصطفى عن قيادته، وأسس “حركة التغيير” الكردية المعارضة التي أصبحت خلال سنوات قليلة الحزب الثاني في الإقليم، متجاوزة الاتحاد الوطني الكردستاني، وإن كانت جماهيريتها تراجعت في ما بعد، لكن صعد تيار “الجيل الجديد” المعارض في مناطق نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني شرق إقليم كردستان.  يتخذ الاتحاد الوطني الكردستاني استراتيجية سياسية داخل العراق مختلفة جذرياً عما للديموقراطي الكردستاني. فالاتحاد الوطني أقرب الى إيران والقوى السياسية العراقية المقربة منها، بما فيها فصائل الحشد الشعبي. كذلك يصر الاتحاد الوطني على أن تكون قيادة إقليم كردستان وحكومته مناصفة بينه وبين الحزب الديموقراطي الكردستاني. 

التعليقات معطلة.