2021 09 25
يقرّ وزير الداخلية العراقي الأسبق باقر جبر الزبيدي، بارتكاب القوى الإسلامية التي حكمت البلاد بعد العام 2003 مجموعة كبيرة من الأخطاء التي أوصلت البلاد إلى هذه الأوضاع، مؤكداً أن المدنيين تم اقصاؤهم من المشهد بعد الاحتلال الأميركي وحان وقت تصدرهم.
ومنذ استقالته من “المجلس الإسلامي الأعلى”، أحد أبرز القوى السياسية الشيعية في البلاد، وتأسس في إيران مطلع ثمانينيات القرن الماضي، يتبنّى الزبيدي الذي شغل عدة وزارات، أبرزها الداخلية والمالية، طروحات نقدية واسعة للقوى الإسلامية في البلاد، وشكّل أخيراً تكتلاً سياسياً جديداً بعيداً عن الأحزاب التقليدية حمل اسم “إنجاز”، ويتبنى طروحات مدنية للدولة العراقية.
حظوظ الكيانات والأحزاب المدنية الجديدة مرتبطة بحجم المشاركة في الانتخابات المقبلة
ويقول الزبيدي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن حظوظ الكيانات والأحزاب المدنية الجديدة، مرتبطة بحجم المشاركة في الانتخابات المقبلة، في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وقد تحصل على نتائج جيدة نسبياً، بسبب شعور الشعب العراقي بفشل التيارات والأحزاب الإسلامية بإدارة الدولة منذ العام 2003. كما يصف التظاهرات الشعبية الأخيرة التي شهدتها البلاد، بأنها “صرخة بوجه زعماء الأحزاب، أطلقها العراقيون بعدما شاهدوا كيف يُباع وطنهم بسبب الفساد المالي والإداري”.
الزبيدي (75 عاماً) يتحدث عن فشل “الإسلام السياسي في البلاد، بسبب الشخصيات التي تزعمت المشهد، ولا سيما منصب رئيس الوزراء، نتيجة خلل في المادة 78 من الدستور، التي أوردت صلاحيات كبيرة وكثيرة في شخص رئيس الوزراء، وهذه الصلاحيات تحوّله إلى ديكتاتور، إذ إن ضمن مسؤولياته، رسم السياسات العامة، وهي الخارجية والنقدية والاقتصادية والمائية والعمرانية وغيرها، إضافة إلى قيادته العامة للقوات المسلحة، وإدارة جلسات مجلس الوزراء وتمتعه بحق إقالة أي منهم”.تقارير عربية
المناصب… أداة الزعامات العراقية لتحصين نفسها
ويضيف أن “الفشل في اختيار رئيس الوزراء في العراق منذ 2003، وتحديداً السنوات التي حكم فيها حزب الدعوة الإسلامية التي تقدر بـ13 عاماً، هو سبب تراجع القدرة على إدارة الدولة، إذ لا يمكن اختيار رئيس وزراء متخرج من كلية دينية، لا يملك رؤى أو خبرة سياسية، والرغبة الإيرانية والأميركية كان لها دور في هذا التوجه للأسف، لكن الوضع اختلف حالياً، فقد بات الصوت الشعبي الداخلي أقوى”. ويعتبر أن “الإسلام السياسي فشل في كل الدول التي وصل فيها للحكم، والانشقاقات حصلت في البيوت الإسلامية السياسية المعروفة في العراق”. ويوضح أن “التحول إلى الخطاب المدني أمر طبيعي، ويجب التوجه في هذا الاتجاه، لأن العراق، أو أي دولة عربية عندما تنطلق فيها السياسة من فكر ديني، لن يكون هناك نجاح بكل تأكيد، والتجارب تثبت ذلك. وهذا ما توصلت إليه بعد عملي السياسي الإسلامي الذي يمتد إلى عام 1963”.
ورداً على سؤال ما هي الأسباب التي أدت إلى فشل الإسلام السياسي في العراق بالوصول إلى دولة حقيقية، يوضح الزبيدي أن “الهدف الرئيس للعمل الجهادي والإسلامي قبل 2003 كان إسقاط نظام صدام حسين فقط، وليس حكم العراق. لذلك لم يدرس الإسلاميون الذين باتوا مسؤولين هامين المرحلة المقبلة من العمل السياسي. لكن قرار الحكم جاء بتوافق جميع قوى المعارضة العراقية، من الإسلاميين والعلمانيين الأكراد، كنتاج لمؤتمر لندن عام 2002. ويمكن القول إن الأحزاب التي حكمت البلاد بعد 2003 فشلت“.
ويطالب الزبيدي “العمائم السياسية التي دمرت الدولة العراقية بالنزوح من العمل السياسي”. قائلاً: “لست مع بقاء العمامة في العمل السياسي، وأي إسلامي فشل في إدارة الدولة عليه أن يرحل”. ويشير إلى أنه تم “إقصاء المدنيين بعد عام 2003، وصار التوجه نحو الإسلاميين، لكن يبدو أن التوجه يعود حالياً إلى المدنيين مرة أخرى”.
لا يمكن اختيار رئيس وزراء متخرج من كلية دينية
ويتهم حكومة مصطفى الكاظمي، بأنها “ما تزال تعمل بطريقة المحاصصة وتوزيع المناصب المهمة بين الأحزاب، كما أن الفساد انتشر فيها. وهناك فساد آخر داخل مجلس النواب من خلال ابتزاز الكتل الكبيرة للحكومة، وهذا الأمر واضح بالنسبة لي، وهو أمر طبيعي في ظل حكومات تتشكل إثر انتخابات تحترق فيها صناديق الاقتراع وتشهد نسبة تزوير كبيرة بالنتائج”. لكنه يبيَّن أن “الكاظمي يتقدم في ملف الانتخابات، بسبب الدعم الدولي له، وأن دخول مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية والأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني، إضافة إلى المراقبين الخاصين بالكتل السياسية، على خط مراقبة الانتخابات، أمر قد يشكل فارقاً في التوصل إلى نتائج شفافة غير متأثرة بتوجهات القوى السياسية التي تمتلك أجنحة عسكرية. أما ملف الكشف عن قتلة المتظاهرين، الذي لم يتمكن منه الكاظمي، فيعود السر إلى وجود كتل كبيرة في مجلس النواب، بعضها لا يسمح بفتح هذا الملف”.
وباقر جبر الزبيدي، المعروف أيضاً باسم بيان جبر صولاغ، من مواليد 1946 في محافظة ميسان، وهو عضو سابق في “المجلس الإسلامي الأعلى” الذي تأسس في إيران عام 1982 على يد محمد باقر الحكيم، واشترك إلى جانب الجيش الإيراني في حربه ضد العراق، من خلال جناحه العسكري المسمى “فيلق بدر”. في العام 2004، أيام الحكومة العراقية الأولى بعد الاحتلال الأميركي، تولى منصب وزير الإعمار والإسكان، قبل أن يتولى وزارة الداخلية ثم وزارة المالية في العام 2010، وأخيراً أصبح عضواً في البرلمان العراقي، قبل أن يتفرغ لتأسيس حركة “إنجاز” التي تشارك في الانتخابات المرتقبة.