مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
الرئيس الأميركي جو بايدن أشهر شخص في العالم اليوم، يحكي الناس عن مدى سلامته الذهنية وقواه العقلية.
تابعتُ المؤتمر الصحافي الذي عقده بايدن بُعيد انتهاء قمّة الناتو في واشنطن، الغرض من المؤتمر، من قِبل فريقه، كان إظهار قوة الرئيس الذهنية وسلامتِه العقلية وجدارته القيادية، لكنه قبل المؤتمر- كعادته – وقع في مصائدِ اللسان وهفوات الكلام، جاعلاً من رئيسِ أوكرانيا زيلينسكي، الرئيسَ الروسي بوتين، ومن نائبته هاريس، نائبةً لخصمهما ترمب، كما قال ابن أبي ربيعة: عمْركَ الله… كيف يلتقيانِ؟!
لكن أصدقاء بايدن، وأشباهه في الهوى السياسي، الذين حضروا قمّة الناتو، سارعوا، للدفاع والتسويغ والتهوين من الأمر، خذ لديك أمثلة:
الرئيس الفرنسي ماكرون: «كلنا تصدُر عنّا زلَّات لسان في بعض الأحيان. حدث لي ذلك من قبل، وربما يحدث لي غداً… أسألكم أن تُبْدُوا التساهل نفسه الذي يبديه الرفقاء».
المستشار الألماني شولتس: «زلَّات اللسان تحدث، وإذا راقبنا أي شخص، فسنرصد الكثيرَ منها».
رئيس الوزراء البريطاني الجديد، ستارمر: «بايدن أنجز الكثير الذي يدعو للفخر، لقد كان مُلمّاً بكلّ التفاصيل».
هؤلاء الأصدقاء الأوفياء، الذين يسترون العيوب، وينشرون المناقب، وإلا فما هي فائدة الأصدقاء؟!
لكن الأعداء، لا يفعلون ذلك، خذ لديك مثلاً:
محطة «إن تي ڤي» الروسية: «بايدن لم يكن يوماً على هذا النحو، زلَّاتُ لسانه مؤخراً تستحق جائزة أوسكار».
صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» الروسية: «أيهما أكثر خطورة: قردٌ يمسك قنبلة بيده، أم يدٌ ترتعش على زرّ نووي؟».
هذا مفهومٌ، وهي شِيمة بشرية تليدة، وعادة اجتماعية قديمة، فالكلُّ للواحد، والواحدُ للجميع، في تعاضد سياسي فكري مرصود.
طاف بي سؤالٌ – ليس بريئاً – ماذا لو حصل ربعُ هذه الزلَّات بل سُدسها، مع الرئيس الجمهوري ترمب؟!
هل سيدافع عنه أصدقاءُ الناتو بهذه الطريقة؟!
بالمناسبة، رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، وهو قريبٌ من الهوى السياسي لترمب، لم يدافع عن بايدن، وسارع للاجتماع بترمب في فلوريدا، عقب انتهاء قمّة الناتو.
تذكّرتُ المثل المصري الشعبي الظريف:
حبيبك يبلع لك الزلَط … وعدوك يتمنّى لك الغلط!
وأحسنُ منه الشعرُ المنسوبُ للشافعي:
وعينُ الرضا عن كُلّ عيبٍ كَليلَةٌ ولكِنَّ عينَ السُّخطِ تُبدي المَساوِيا.
غير أن هناك مَن رأى «المَساويا» في أزمة القيادة السياسية للديمقراطيين في أميركا، وهو من «الأهل والعشيرة» وليس من معسكر العدو الجمهوري الترمبي.
كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، جيم هايمز، قال إنَّ الحملة الديمقراطية الرئاسية في أميركا، إذا لم ينسحب بايدن «ستكون في خطر».
أمَّا لسانُ حال ترمب، بالاتكاء على قصيدة الشافعي السابقة، فهو:
كِلانا غنيٌّ عن أَخيهِ حياتَهُ ونحنُ إِذا مِتنا أَشَدُّ تَغانِيا!