وزير الخارجية الصيني: مهما صبغتم شعركم بالأشقر لن تصبحوا أوروبيين أو أميركيين
واشنطن وطوكيو وسيول تدين السلوك الصيني “الخطر” في النزاعات (أ ف ب)
احتفى الرئيس الأميركي جو بايدن وزعيما اليابان وكوريا الجنوبية الجمعة بتدشين “حقبة جديدة” من التعاون الأمني الثلاثي الوثيق في قمة هي الأولى من نوعها أثارت انزعاج الصين.
وشكر بايدن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول على “الشجاعة السياسية” التي أظهراها عبر العمل على هذا التقارب، على رغم الماضي المؤلم الذي تمثل في استعمار اليابان لكوريا الجنوبية.
وحرص الرئيس الأميركي في مبادرة رمزية على تنظيم هذه القمة في كامب ديفيد، المقر الرئاسي الأميركي المرتبط بتاريخ من مفاوضات السلام في الشرق الأوسط.
وقال بايدن في مؤتمر صحافي مشترك “قيادتكما بدعم كامل من الولايات المتحدة أوصلتنا إلى هنا، لأن كلا منكما يدرك أن عالمنا يقف عند نقطة انعطاف”.
وشدد على أن القمة لم تكن حول الصين الساعية إلى تعزيز حضورها الإقليمي في عهد الرئيس شي جينبينغ، بما في ذلك عبر تدريبات واسعة في محيط تايوان التي تعتبرها جزءاً من أراضيها.
اتفق بايدن ويون سوك يول وفوميو كيشيدا على خطة لسنوات عدة لإجراء تدريبات عسكرية منتظمة في جميع المجالات (أ ف ب)
إدانة “السلوك الصيني”
لكن في بيان مشترك، قال الزعماء الثلاثة إنهم يعارضون “السلوك الخطر والعدواني” للصين في النزاعات في بحر الصين الشرقي والجنوبي.
وجاء في البيان “نعارض بشدة أي محاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع القائم في مياه المحيطين الهندي والهادئ”.
البلدان الحليفان للولايات المتحدة متقاربان إلى حد كبير في الآراء – وهما يستضيفان نحو 84500 عسكري أميركي – لكن انعقاد مثل هذه القمة لم يكن وارداً حتى وقت قريب، بسبب إرث الاحتلال الياباني القاسي لشبه الجزيرة الكورية بين عامي 1910 و1945.
وقد طوى يون صفحة الخلاف الثنائي مع طوكيو من خلال فض نزاع قانوني حول العمل القسري للكوريين في زمن الاحتلال الياباني، وصار مذاك يصف اليابان بأنها شريك في خضم توترات شديدة مع كل من الصين وكوريا الشمالية.
“يوم تاريخي”
وقال الرئيس الكوري إنه يريد “التطلع إلى الأمام”، ووصف القمة بأنها “يوم تاريخي” لإرساء “قاعدة مؤسسية صلبة” للعلاقات المشتركة بين الدول الثلاث.
خلال هذه القمة اتفق بايدن ويون وفوميو كيشيدا على خطة لسنوات عدة لإجراء تدريبات عسكرية منتظمة في جميع المجالات، تمضي أبعد من تدريبات لمرة واحدة رداً على كوريا الشمالية، وأعلنوا عن “التزام للتشاور” في حال نشوب أزمات، كما أكد الرئيس الأميركي إقامة خط تواصل مباشر.
واتفق القادة أيضاً على تشارك المعطيات بشكل آني في شأن كوريا الشمالية وعقد اجتماعات قمة كل عام.
تمثل كامب ديفيد المرة الأولى التي يلتقي فيها قادة الدول الثلاث في قمة منفصلة، وليس على هامش حدث أكبر، وهي أول حدث دبلوماسي منذ عام 2015 في المنتجع.
“لن تصبحوا أوروبيين أو أميركيين”
على رغم تصريح بايدن أن القمة لا تستهدف الصين، فقد قال سفير الولايات المتحدة لدى اليابان رام إيمانويل إن الدول الثلاث تتحدى الصين عبر هذه القمة.
من جانبها، لم تخف الصين موقفها المعادي لهذا الحوار الثلاثي. وحض وزير الخارجية الصيني وانغ يي طوكيو وسيول على العمل مع بكين “لإنعاش شرق آسيا”.
وقال في فيديو نشرته وسائل إعلام رسمية “مهما صبغتم شعركم بالأشقر أو جعلتم شكل الأنف رفيعاً لن تصبحوا أوروبيين أو أميركيين، لا يمكنكم أن تصبحوا غربيين أبداً”. وأضاف “ينبغي أن نعرف أين هي جذورنا”.
لكن أساليب الضغط التي تتبعها الصين أدت إلى تدهور حاد في علاقاتها مع اليابان وكوريا الجنوبية، اللتين كانتا تقليدياً أكثر تحفظاً في تعليقاتهما من الولايات المتحدة.
كوريا الشمالية
كما تصاعدت التوترات مع كوريا الشمالية التي اختبرت عدداً من الصواريخ في الأشهر الأخيرة، ويخشى أن ترد على القمة باختبار صاروخي جديد.
وجدد البيان المشترك للزعماء الثلاثة دعوة كوريا الشمالية إلى التخلي عن أسلحتها النووية، وحض جميع الدول على التزام العقوبات المفروضة عليها.
مع افتتاح قمة كامب ديفيد أعلنت كوريا الشمالية أنها أرسلت طائرات مقاتلة في طلعات ووضعتها في “حالة تأهب” بعدما رصدت “خرق” طائرة تجسس أميركية أجواءها.
أزمة في النظام العالمي
تناولت القمة أيضاً ملفات أبعد من كوريا الشمالية ومن آسيا.
وقال كيشيدا إن زيادة التعاون مع كوريا الجنوبية “شبه حتمي” في ضوء “الأزمة” في النظام العالمي.
وأضاف رئيس الوزراء الياباني “بسبب العدوان الروسي على أوكرانيا اهتز النظام الدولي من أساساته. والمحاولة الأحادية الجانب لتغيير الوضع القائم بالقوة في بحر الصين الشرقي والجنوبي مستمرة، والتهديدات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية تتعاظم”.
تهدف القمة إلى إضفاء طابع مؤسسي على التعاون الثلاثي من أجل ترسيخه، إذ يمكن أن تنتخب كوريا الجنوبية رئيساً جديداً يفتح سجلات الخلاف مجدداً مع اليابان، كما من الوارد أن يعود دونالد ترمب إلى رئاسة الولايات المتحدة ويقلل مجدداً من الالتزامات العسكرية الخارجية.