بحجة أزمة المناخ… إدارة بايدن تعلّق بناء منشآت جديدة ‏لتصدير الغاز الطبيعي ‏

1

شحنة غاز مسال

 أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة تعليق إصدار ‏تصاريح لأي منشآت جديدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال،  ‏في خطوة حظيت بإشادات على اعتبارها ضرورية للتعامل مع ‏أزمة تغيّر المناخ‎.‎
يأتي القرار في وقت يسعى الرئيس لحشد تأييد الناخبين ‏الشباب المتحمّسين لقضايا البيئة استعدادا لمواجهة صعبة في ‏وقت لاحق هذا العام مع دونالد ترامب الذي يبدو الأوفر حظا ‏لنيل ترشيح الحزب الجمهوري علماً أن الأخير وصف ظاهرة ‏الاحتباس الحراري في العالم الناجم عن الأنشطة البشرية بأنها ‏‏”خدعة” متعهّدا نسف أجندة خصمه الديموقراطي المرتبطة ‏بالمناخ‎.‎
وقال بايدن في بيان إن “إيقاف التصاريح الجديدة المرتبطة ‏بالغاز الطبيعي المسال يعكس رؤية لحقيقة أزمة المناخ: ‏التهديد الوجودي في عصرنا‎”.‎
وأضاف “بينما ينفي الجمهوريون من ماغا عن عمد مدى ‏إلحاح أزمة المناخ، ليحكموا على الشعب الأميركي بمستقبل ‏خطير، فإن إدارتي لن تتهاون” في هذا الملف. يُستخدم ‏مصطلح “ماغا‎” MAGA ‎للإشارة إلى حركة ترامب التي ‏ترفع شعار “أعيدوا لأميركا عظمتها‎” Make America ‎Great Again.‎
تُعد الولايات المتحدة أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال ‏بمعدل 328 مليون متر مكعّب يوميا، وفق المؤسسة الدولية ‏للأنباء المتعلقة بالغاز “سيديغاز‎” CEDIGAZ‎، مع وجود سبع ‏محطات عاملة حاليا‎.‎
وبموجب الخطة الجديدة، ستخضع طلبات التصدير الجديدة ‏للدراسة لمدة غير محدودة تأخذ في الاعتبار المناخ ‏والتداعيات البيئية والاقتصادية الأوسع، ما يضع على المحك ‏مستقبل 17 منشأة يجري التخطيط لها‎.‎
وفي حال حصلت جميع المنشآت الـ17 على تصاريح، فإن ‏الغاز الطبيعي المسال المصدّر من الولايات المتحدة سيكون ‏مسؤولا عن كمية انبعاثات غازات دفيئة تتجاوز تلك الصادرة ‏عن الاتحاد الأوروبي بأكمله، وفق أحد التحليلات‎.‎
تشمل المنشآت المتأثرة بالقرار مشروع “فينتشر غلوبال” ‏‏”كالكاسيو باس 2″ في لويزيانا المقترح ليكون أكبر محطة في ‏البلاد تصدر عنها انبعاثات سنوية تعادل تلك التي تنتجها 42 ‏مليون سيارة، وفق رسالة رفعها 170 عالما إلى بايدن في ‏كانون الأول (ديسمبر)‏‎.‎
ورحّب علماء وناشطون مدافعون عن البيئة بخطوة الجمعة‎.‎
وقالت رئيسة منظمة “إرث جاستيس‎” Earthjustice ‎أبيغيل ‏ديلين “نثني على إدارة بايدن لقيامها بهذه الخطوة المهمة ‏للغاية لمواءمة عملية صناعة القرارات لديها مع أهداف ‏الولايات المتحدة بشأن المناخ‎”.‎
وأضافت “في وقت تواجه مجتمعات في أنحاء البلاد التداعيات ‏المدمّرة لأزمة المناخ والتلوّث الناجم عن الوقود الأحفوري، ‏كان من الواضح تماما أن الموافقة على صادرات الغاز ‏الطبيعي المسال لا تصب في المصلحة العامة‎”.‎
لكن الرد جاء قوياً من مجموعات في قطاع الوقود الأحفوري ‏إذ أعلنت الجمعية الأميركية المستقلة للنفط في بيان أن الخطة ‏‏”ستعزز النفوذ الروسي” في سوق الغاز الأوروبي‎.‎
إلاّ أنّ رسالة وجّهها 60 نائبا أوروبيا إلى بايدن مؤخراً لفتت ‏إلى أنه “بينما ساعد الغاز الطبيعي المسال الأميركي القارة في ‏السابق على تجنّب أزمة الطاقة التي أثارها الغزو الروسي ‏لأوكرانيا، إلاّ أنّ دول الاتحاد الأوروبي تخفّض حاليا طلبها ‏على الغاز”‏‎.‎
وأكد النواب أنه “ينبغي عدم استخدام أوروبا ذريعة لزيادة ‏صادرات الغاز الطبيعي المسال”. ‏
الإضرار بالسواحل وصيد السمك‎ ‎أفاد العالم في مجال البيئة لدى جامعة كورنيل روبرت هاورث ‏‏”فرانس برس” بأن سمعة الغاز الطبيعي كمصدر للوقود ‏الأحفوري صديق أكثر للبيئة نوعا ما “مبنية على حملات ‏قطاع النفط والغاز الإعلانية”‏‎.‎
وبينما ينتج كميات أقل من الكربون لدى حرقه مقارنة مع ‏الفحم والنفط، إلا أن ذلك لا ينطبق على دورة الحياة الكاملة ‏للغاز الطبيعي المسال من الإنتاج إلى النقل إلى المستخدمين ‏النهائيين والتي تتضمن تسرب كميات من غاز الميثان القوي ‏المتسبب بالاحتباس الحراري على مدى العملية‎.‎
وبناء على أبحاثه، فإن التأثير الإجمالي للغاز الطبيعي المسال ‏على الاحتباس الحراري يعد أسوأ بنسبة 25 في المئة تقريبا ‏من الفحم حتى لدى توظيف أفضل التقنيات‎.‎
بقي تصدير الغاز الطبيعي المسال محظورا حتى العام 2016 ‏للمحافظة على إمدادات الغاز المحلية، لكن تم رفع الحظر بعد ‏ازدهار عملية الاستخراج بتقنية التصديع على مدى عقد، علما ‏بأن الصادرات أدت إلى رفع أسعار الغاز والكهرباء بالنسبة ‏للمستهلكين في الولايات المتحدة، بحسب هاورث‎.‎
بالنسبة لآن رولفس، مديرة حملة “لويزيانا باكيت بريغيد‎” ‎Louisiana Bucket Brigade، فإن قرار التعليق تأخر ‏بالنسبة للولاية حيث دمّرت عمليات التطوير المرتبطة بالغاز ‏الطبيعي المسال الأراضي الرطبة الساحلية وتركت السكان ‏أكثر عرضة لتداعيات الأعاصير‎.‎
وقالت لوكالة “فرانس برس”: “اضطر الناس بالفعل للانتقال ‏بعيدا بسبب ارتفاع منسوب البحر وازدياد العواصف، ومع ‏ذلك يصر القطاع على القيام بأعمال بناء على هذا الساحل ‏المعرض للخطر‎”.‎
من جانبه، أكد الصيّاد تريفس داردار أن الصيد تراجع بأكثر ‏من 50 في المئة في مقاطعته كاميرون نظرا إلى شراء ‏شركات الغاز الطبيعي المسال أرصفة صيد السمك وهدمها‎.‎
وقال “يضحون بقطاع المأكولات البحرية من أجل قطاع ‏البتروكيماويات‎”‎‏. ‏

التعليقات معطلة.