حسن فليح / محلل سياسي
هكذا هو الوصف الحقيقي وهكذا يفكر الغرب مجتمعين لطبيعة المعركة في اوكرانيا ، ومن هذا المنطلق يشعر الغرب بالخطر الشديد ، وهكذا قال رئيس وزراء بريطانيا (لايمكن ان نسمح لبوتين ان يخرج منها منتصراً ) بالمقابل لايمكن لروسيا ان تنكسر بعد الان وان عدم تحقيقها لاهدافها المعلنة ستصاب بالخيبة والخذلان لاتقل عن ما اصابها ايام انهيار وتفكيك الاتحاد السوفيتي سابقاً ، وتجنباً لتمدد الناتو شرقاً وقطع الطريق لذلك المسعىٰ ولاجل حماية روسيا لنفسها وتعزيزاً لأمنها القومي ذهبت للمعركة ودخلت الحرب ضد الغرب كلة وضد النظام الدولي الحالي بزعامة امريكا وحلف الناتو ، من اجل تغير ذلك النظام وخلق معادلة دولية ونظام دولي جديد ، حتمت الظروف ان تكون اوكرانيا ساحتها وبدايتها ، عنوانها اوكرانيةوحقيقتها اكبر من ذلك بكثير ، انها معركة ليست سهلة ومصيرية لجميع الاطراف المعنية بالنزاع وقابلة للتطور وربما تتسع رقعتها لتشمل دولا اخرىٰ ، لااحد يستطيع التكهن بتداعياتها وانعكاساتها الامر الذي دفع بوزير الخارجية البولندي الىٰ القول (الحرب علىٰ اوكرانيا هي الحرب علىٰ اوربا) هكذا ينضر حلفاء الناتو للمعركة في اوكرانيا الان ، ومن هنا راح الغرب محموماً بايصال المساعدات المالية والتسليحية الحديثة وارسال المتطوعين وجميعهم من المرتزقة والمقاتلين الشرسين والمدربين على حرب الشوارع وقتال العصابات ، لجعل اوكرانيا منطقة قتل واستنزاف لروسيا طويل الامد ، للحيلولة دون تحقيق موسكو اي من اهدافها انفة الذكر ، سابقا كان الصراع أيدليوجي بين المعسكرين الاشتراكي والراس مالي انتهت لصالح الرأس ماليه وتسيدت امريكا العالم وفرضت هيمنتها ، تلك الهيمنة المرفوضة الان من عدة دول حول ألعالم وتصدرت روسيا والصين لهذا الرفض ، سعياً منهما للحد ووقف توسيع تلك الهيمنة وتأثيرها السياسي والاقتصادي علىٰ الساحة العالمية ، اليوم الصراع علمي وتكنلوجي اقتصادي تنموي وتنافس سعري واستهلاكي يمس حياة البشر اين ما حلوا هذا الامر اجادتة الصين وابدعت وتقدمت به كثيراً ، بحيث شكل احراجاً اقتصادياً للولايات المتحدة والغرب عموماً ، روسيا ذات الصناعات العسكرية والقدرة النووية الهائلة والطامحة بالعودة والحضور الدولي كشريك عالمي والساعية للنهوض من بين الرماد ومن الانكفائه التي تعرضت لها من جراء الانهيار الذي اصاب السوفيت في تسعينيات القرن الماضي ، تحالفها مع الصين عزز من موقفها وعزز من مواجهة روسيا للناتو ، وموقف الصين المتماسك مع روسيا في موضوع شراء وقود الطاقة جاءَ مخالفا للرغبة الامريكية وبدأ حلفاء امريكا الاوربين يتفتت تماسكهم في موضوع المقاطعة الاقتصادية بشان المحروقات وتصريح المستشار الالماني الذي اكد فيه( لايمكن لالمانيا الاستغناء عن شراء الغاز من روسيا ) وكذلك بالنسبة لفرنسا التي لاتستطيع الاستغناء عن توريد الغاز الروسي لها وكما عبر عنه الرئيس ماكرون من (ان فرنسا تختلف عن الولايات المتحدة وبريطانيا بهذا الخصوص) اذن أمريكا لاتستطيع ان تستمر بحصارها ومقاطعتها لروسيا كون ذلك له انعكاساتة السلبية على حلفاء امريكا انفسهم وليس علىٰ روسيا وحدها ، سقوط خيار المقاطعة وعدم فاعليتة جاءَ بعد سقوط الخيار العسكري من يد امريكا وحلف الناتو ، في مواجهة موسكو ، وهذا مؤشر قوي من أن المعركة ومساراتها العسكرية والسياسية تجري لصالح روسيا ، يبدو ان امريكا والناتو فقدت عنصر المبادرة ، في حين ان روسيا والصين لديهم زمام المبادرة الان وامامهم خيارات متعددة ، وهما الان بأنتضار مؤشرات الازمة وتفاعلاتها الدولية ، لاتخاذ مايرونه مناسباً وفي الوقت المحدد .