“بريكست” يسبب “كارثة تامة” بخسارة سنوية لبريطانيا بنحو 100 مليار جنيه

1

في الذكرى الثالثة للمغادرة البريطانية لكتلة الاتحاد الأوروبي غاي هاندز المتبرع السابق لحزب “المحافظين” يصف مسار “بريكست” بأنه “حفنة من الأكاذيب المطلقة والشاملة”

آدم فوريست مراسل صحفي 

“…يبدو أن الأدلة حتى الآن ما انفكت توحي بأن بريطانيا قد أضرت باقتصادها بعد بريكست” (رويترز)

في الذكرى الثالثة لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وصف أحد المانحين السابقين لحزب “المحافظين” المغادرة البريطانية بأنها “كارثة تامة” بالنسبة إلى الاقتصاد البريطاني، وقد ظهرت على أنها  “مجموعة من الأكاذيب المطلقة”.

يأتي ذلك في الوقت الذي يظهر فيه تحليل جديد أن الخروج البريطاني من الكتلة الأوروبية تسبب في خسارة سنوية لإنتاج البلاد بنحو 100 مليار جنيه استرليني (123 مليار دولار أميركي)، مما خفض الاقتصاد البريطاني بنسبة أربعة في المئة عما كان عليه أثناء وجودها ضمن الكتلة.

ورأى غاي هاندز مؤسس شركة الأسهم الخاصة “تيرا فيرما” Terra Firma ورئيس مجلس إدارتها، أن الطريقة الوحيدة التي كان يمكن أن ينجح بها الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي تتمثل في ما سماها “يوتوبيا ليز تراس” (رئيسة الوزراء السابقة) المتعلقة بإلغاء كامل للقيود التنظيمية، واعتماد الخصخصة.

واعتبر أن مغادرة الكتلة الأوروبية كان “كارثة تامة في الواقع، وشكل خسارة متبادلة بالنسبة إلينا وإلى الاتحاد الأوروبي. ويمكن القول إن حقيقة ’بريكست‘ تتلخص بمجموعة من الأكاذيب الكاملة والشاملة”.

وأشار هاندز إلى أن “الطريقة الوحيدة التي كان يمكن من خلالها لاتفاق ’بريكست‘ الذي وضعه بوريس جونسون (رئيس الوزراء الأسبق) أن ينجح، تتمثل بإلغاء تام للقوانين التنظيمية في المملكة المتحدة، والانتقال إلى نوع من ’المدينة الفاضلة‘ كتلك التي اقترحتها ليز تراس، على نسق سنغافورة، وهذا لن يحدث أبداً”.

وجزم بأن البريطانيين “لن يقبلوا على الإطلاق” بخصخصة قطاع “خدمات الصحة الوطنية” (أن إتش أس) NHS وبإلغاء قوانين العمل، متهماً مؤيدي المغادرة البريطانية للاتحاد الأوروبي بتلفيق “أكاذيب مطلقة كاملة وشاملة” لجهة أن الخروج من المنظومة الأوروبية من شأنه أن يعطي دفعاً لاقتصاد البلاد.

المانح السابق لحزب “المحافظين” – الذي توقف لأعوام عدة عن التبرع للحزب – أضاف في معرض اتهامه لغلاة “بريكست”: “يمكن أن تكون حافلة الترويج للخروج البريطاني خير مثال (على) الأكاذيب التي رواها بوريس جونسون وحزب ’المحافظين‘ في ما يتعلق بدعم مرافق ’أن إتش أس‘ (ظهر جونسون في إعلان ترويجي لحملة ’المغادرة‘ أمام باص كتب عليه: “نبعث أسبوعياً إلى الاتحاد الأوروبي بـ 350 مليون جنيه استرليني – دعونا نمول مرافق ’خدمة الصحة الوطنية‘ بدلاً من ذلك). وفي الواقع إن ما قاموا به هو إلقاء البلاد وقطاع ’الخدمات الصحية الوطنية‘ تحت عجلات تلك الحافلة”. 

واستناداً إلى تحليل جديد أجرته خدمة الأبحاث “بلومبيرغ إيكونوميكس”  Bloomberg Economics، لانعكاسات “بريكست” على الاستثمار وتزايد النقص في اليد العاملة في المملكة المتحدة، فقد تبين أن الخروج من الكتلة الأوروبية يكلف الاقتصاد البريطاني نحو 100 مليار جنيه استرليني (123 مليار دولار) في السنة.

الخبيران الاقتصاديان آنا أندريد ودان هانسون اللذان قدرا أن الاقتصاد البريطاني قد تراجع وبات أصغر بنحو أربعة في المئة مما كان عليه خلال عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، تساءلا: “هل أقدمت بريطانيا على نوع من إيذاء الذات الاقتصادية عندما صوتت على المغادرة في عام 2016؟ يبدو أن الأدلة حتى الآن ما زالت تشير إلى أنها فعلاً قامت بذلك”.

يأتي ذلك في الوقت الذي توقع فيه “صندوق النقد الدولي” IMF أن يحقق الاقتصاد البريطاني أسوأ أداء ما بين جميع اقتصادات “مجموعة الدول السبع”  G7 هذه السنة – حتى أنه تراجع ليصبح من حيث التصنيف خلف روسيا.

الهيئة الدولية خفضت مرة أخرى من توقعاتها في شأن اقتصاد المملكة المتحدة، وتوقعت انكماشاً بنسبة 0.6 في المئة، بعدما كانت قد توقعت نمواً بنسبة 0.3 في المئة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

بول جونسون مدير “معهد الدراسات المالية” للأبحاث Institute for Fiscal Studies (IFS)، قال إن “تحديات” الخروج من الاتحاد الأوروبي والنقص في العمالة، عاملان يفسران جزئياً سبب توقع الأداء السيئ للمملكة المتحدة في عام 2023.

إلا أن ريتشارد هولدن العضو في البرلمان عن حزب “المحافظين”، اعترض على توقعات “صندوق النقد الدولي”، قائلاً إنه ثبت خطأ المنظمة من قبل، ومتوقعاً أن “تتغلب” المملكة المتحدة على التوقعات. وقال لـ “راديو تايمز”: “لقد أخطؤوا في العامين الماضيين، وأعتقد أن بريطانيا يمكنها أن تقلب تلك التوقعات”.

Anti-Brexit protester outside parliament_getty.jpg

“هل أقدمت بريطانيا على نوع من إيذاء الذات الاقتصادي عندما صوتت على المغادرة في عام 2016؟” (غيتي)

وفي الذكرى الثالثة لمغادرة بريطانيا رسمياً كتلة الاتحاد الأوروبي، توقع الخبير في استطلاعات الرأي جون كيرتس – استناداً إلى متوسط نتائج استطلاعات أخيرة – أن يصوت 57 في المئة من البريطانيين على معاودة الانضمام إلى المنظومة الأوروبية.

غي فيرهوفستات العضو البارز في البرلمان الأوروبي الذي أمل في أن تتمكن بريطانيا من معاودة الانضمام إلى الكتلة الأوروبية على المدى الطويل، أشار إلى أن روسيا ربما ما كانت لتغزو أوكرانيا لو لم تخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي”.

وقال في حديث أجرته معه إذاعة “ال بي سي” إن “أوروبا موحدة، في ما يتعلق بالمسائل الدفاعية، من شأنها بالتأكيد أن تحدث فارقاً هائلاً. وأعتقد أنه ربما لولا المغادرة البريطانية للاتحاد الأوروبي، لما كان هناك غزو. لست أدري”.

إلا أن رئاسة الوزراء في “10 داونينغ ستريت” وصفت كلام السيد فيرهوفستات بأنه “هراء”، وقال المتحدث الرسمي باسم رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك إن “الغزو غير القانوني الذي قام به (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، لا علاقة له بالخروج البريطاني من الكتلة الأوروبية”.

أما المفاوض السابق باسم الاتحاد الأوروبي ميشيل بارنييه فرأى في حديث مع راديو “أل بي سي” أنه   “لا توجد قيمة مضافة للخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي”. وأعرب في المقابل عن  “احترامه” لزعيم حزب “العمال” البريطاني السير كير ستارمر قائلاً: “أعتقد أنه أوروبي” ويدرك مدى الحاجة إلى قيام تعاون أوثق بين لندن وبروكسل.

ووسط التحذيرات الاقتصادية المرعبة في الذكرى الثالثة لـ”بريكست”، حض بوريس جونسون البريطانيين على “تجاهل كل هذه السلبية والتشاؤم” في ما يتعلق بنتائج المغادرة البريطانية للاتحاد الأوروبي.

وشدد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق في مقطع فيديو تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي، على أن إطلاق حملة التلقيح ضد فيروس “كورونا” في المملكة المتحدة كان سريعاً على النحو الذي حصل، لأننا “استعدنا السيطرة” على “الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية” Medical Health Regulation Agency (MHRA)، كما قال.

في المقابل رأى الوزير السابق لفرص “بريكست” جاكوب ريس موغ أن مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي “تسير على ما يرام، وفقاً لمجموعة كبيرة من الأسباب”.

وعدد ريس موغ منها مشروع قانون تعديل الجينات، والتحركات التي استهدفت تخفيف القيود البيروقراطية عن الأعمال في المركز المالي في لندن، إضافة إلى عدم مساهمة بريطانيا في تقديم دعم مالي للاتحاد الأوروبي للخروج من تبعات جائحة “كوفيد”. وزعم أيضاً أن المشكلات المرتبطة بـ “بروتوكول إيرلندا الشمالية” لم تكن “نتيجة حتمية” لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال لشبكة “سكاي نيوز”: “إن ذلك هو موقت. ويبدو لي أن البروتوكول قد فشل ويحتاج إلى إصلاح جذري. ويجب ألا تكون هناك حدود في البحر الإيرلندي”.

غير أن وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، أقر يوم الثلاثاء الماضي بأن “التقييم سيكون عادلاً على الأرجح”، في إشارة منه إلى أن مغادرة الاتحاد الأوروبي كانت “صعبة” بالنسبة إلى المملكة المتحدة.

الزعيم السابق لحزب “المحافظين” السابق ويليام هيغ نبه أنصار المغادرة من المتشددين داخل الحزب، إلى أنه يتعين على رئيس الوزراء سوناك “أن يكون مستعداً لإبرام صفقة” مع الاتحاد الأوروبي في شأن “بروتوكول إيرلندا الشمالية”، بدلاً من “الإصرار على تحقيق نتيجة مثالية”.

وكتب في صحيفة “تايمز”: “لقد صوتت البلاد في الانتخابات الأخيرة لمصلحة المضي في خطوة مغادرة بريطانيا الكتلة الأوروبية، وليس على مواصلة في الجدل في شأنها بعد خمس سنوات”.

© The Independent

التعليقات معطلة.