“بزشكيان كبش فداء”.. هل يتجه البرلمان الإيراني لعزل الرئيس؟

2

ـ محمد طارق
جاء في تحليل نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، أن تهديد رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف ببدء إجراءات عزل ضد حكومة الرئيس مسعود بزشكيان، هو في حقيقته محاولة لتحويل الغضب الشعبي بعيداً عن النظام وجعل الرئيس “كبش فداء”، حيث تكمن السلطة الحقيقية والمسؤولية عن الفشل في يد المرشد الأعلى علي خامنئي.
وبحسب صحيفة “جيروزاليم بوست”، وقف قاليباف على منصة البرلمان يوم الأحد ليحذر من أن البرلمان قد يُجبر على بدء إجراءات عزل ضد حكومة الرئيس مسعود بزشكيان إذا فشلت في كبح جماح الأسعار، لافتة إلى أن هذا التحذير جاء على خلفية المشهد الاقتصادي والبيئي القاتم في البلاد، حيث يواصل الريال انهياره، والسدود والخزانات جافة، وتلوث الهواء عند مستويات كارثية، وارتفعت تكلفة السلع الأساسية مع زيادة التضخم المستمر، والاستياء العام واضح في جميع أنحاء إيران.
آلية العزل في إيران
أوضح التحليل أن عزل الرئيس في إيران لا يشبه النموذج الأمريكي، فالبرلمان لا يمكنه ببساطة عزل الرئيس بتصويت واحد، وما يمكنه فعله هو استدعاء الرئيس للاستجواب، وعرقلة أي تشريع تحاول الحكومة تمريره، والأهم من ذلك، عزل الوزراء بشكل فردي.
ومن الناحية العملية، يمكن للضغط البرلماني المستمر أن يشل الرئاسة، ويحول حكومتها إلى وعاء فارغ حتى تصبح غير قابلة للاستمرار سياسياً وتكون هناك حاجة لإجراء انتخابات، وفي الحالات القصوى، يمكن عزل الرئيس، ولكن فقط بدعم من القضاء، وفي النهاية، بموافقة المرشد الأعلى علي خامنئي.
ووفقاً للصحيفة، فإن الحديث عن عزل الرئيس الإيراني اليوم هو بمثابة تحذير أكثر من كونه مساراً سياسياً حقيقياً، ومع ذلك، هناك سابقة حديثة، ففي مارس (آذار) من هذا العام، صوت البرلمان الإيراني على عزل وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي، كما كان هناك ضغط من المتشددين في أكتوبر (تشرين الأول) لعزل وزراء الطاقة والنقل والزراعة والعمل.
هل بزشكيان هو المسؤول حقاً؟
ترى الصحيفة أن بزشكيان ليس مهندس الكوارث الاقتصادية في إيران، فهو لا يسيطر على السياسة الخارجية، أو البرنامج النووي الإيراني، أو استنزاف الأصول الإيرانية التي تدعم منذ فترة طويلة جماعات مثل حزب الله والحوثيين، كما أنه لا يقود الإمبراطورية الاقتصادية الواسعة للحرس الثوري، ولا يملي استراتيجيات تحدي العقوبات التي أتت بنتائج عكسية مراراً وتكراراً، فهذه القرارات تقع في يد خامنئي.
وتشير إلى أن الرئيس الإيراني يعمل ضمن نظام مقيد بإحكام، وقد يتحدث بزشكيان بلغة الإصلاح والاعتدال، لكنه يظل شخصية رمزية تتحرك ضمن خطوط حمراء رسمها آخرون، وعندما تفشل السياسات، يكون من المناسب سياسياً استهداف الحكومة، ولكن من شبه المستحيل مهاجمة خامنئي بسبب إخفاقات الحكومة.
ماذا بعد؟
ويخلص التحليل إلى أن حديث البرلمان عن العزل يبدو محاولة لتوجيه الغضب العام بعيداً عن النظام نفسه ونحو سياسيين يمكن التخلص منهم، ولفتت الصحيفة إلى أن المشكلة هي أن لا أحد يصدق ذلك، فالجميع يعلم أن القرارات الحقيقية والسلطة الحقيقية تكمن خلف خامنئي.
ووفقاً للصحيفة، على المدى القصير، من المرجح أن يقوم بزشكيان بتعديل وزاري، ويقدم بعض الوزراء كقرابين لإرضاء البرلمان وكسب الوقت، وسيواصل المتشددون التلويح براية العزل، وسيراقب خامنئي الإجراءات عن كثب، لكن بقاء بزشكيان سياسياً من عدمه لم يعد مهماً، فهناك مشكلة أعمق داخل إيران، وجعل الرئيس كبش فداء قد يكون محاولة علنية لتحويل اللوم، لكن الجميع في إيران يعرفون السبب الحقيقي لمشاكلهم.

التعليقات معطلة.