بزوغ عصر «الذكاء الاصطناعي في كل شيء»

1

بزوغ عصر «الذكاء الاصطناعي في كل شيء»

يمنحنا كثيراً من الأشياء التي لا نحتاج إليها

بعد مرور عشرين شهراً على ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي، لا تزال روبوتات المحادثة مثل «تشات جي بي تي»ChatGPT تبحث عن حالة استخدام قاتلة.

من المصارف إلى المطاعم

الذكاء الاصطناعي التوليدي موجود الآن في كل مكان، بدءاً من روبوتات الدردشة المصرفية وحتى الوجبات السريعة عبر الشاشات. وقد استخدم ربع الأميركيين الآن «تشات جي بي تي»، وفقاً لمركز بيو للأبحاث. ومع ذلك، فمن غير الواضح ما إذا كان الناس يجدون هذه التقنية مفيدة جداً بالفعل. وفي حين أن واحداً من كل أربعة أميركيين استخدم «تشات جي بي تي» على الإطلاق، فإن واحداً فقط من كل خمسة يستخدمه في القوى العاملة.

تراجع تصورات فوائد الذكاء الاصطناعي

أما بنك «غولدمان ساكس»، الذي توقع قبل 15 شهراً أن الذكاء الاصطناعي التوليدي من شأنه أن يعزز الناتج المحلي الإجمالي العالمي والإنتاجية بشكل هائل، فهو الآن يتراجع عن بعض تفاؤله بشأن التكنولوجيا.

في حين أن الناس قد يرحبون بقدرة الذكاء الاصطناعي على دفع عروض «بور بوينت» PowerPoint التقديمية، بعيداً عن القصاصات الفنية الموروثة من التسعينات إلى شيء أكثر حداثة، إلا أنه من غير المؤكد سبب حاجتنا إلى روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي فوق شاشة «ماسنجر» من «فيسبوك».

استثمارات هائلة ونتائج قليلة

نحن في مرحلة صعبة من اعتماد الذكاء الاصطناعي، حيث أنفقت شركات التكنولوجيا الكبرى الملايين – وأحياناً المليارات – من الدولارات لتطوير أدواتها الخاصة أو الاستثمار في الآخرين، وتحتاج إلى محاولة التوصل إلى أسباب لتبرير هذا الاستثمار المكثف والمكلف.

منتجات لا طائل منها

وهكذا نبقى مثلاً مع منتجات مثل تلك المدعومة بالذكاء الاصطناعي في «لينكد إن» التي تقترح أسئلة تتعلق بالمشاركات الموجودة في خلاصتك؛ ومساعد Rufus AI من «أمازون»، الذي يدعوك لطرح أسئلة حول المنتجات التي لم تبدِ اهتماماً بها من قبل؛ أو مساعد تدوين الملاحظات الجديد الذي يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي من Zoom، الذي يكون أداؤه سيئاً للغاية، لدرجة أنه من المحتمل أن يتم فصله إذا كان إنساناً.

تقول كاثرين فليك، أستاذة الأخلاقيات في جامعة «ستافوردشاير»: «هذا النوع من الذكاء الاصطناعي الذي لا طائل من ورائه مزعج حقاً، لأنه يمكن أن يبتعد حقاً عما تتوقعه… تحاول الشركات حقاً الاستفادة من هذه النماذج بقدر ما تستطيع، في حين أن الضجيج (حولها) لا يزال مرتفعاً».

حوافز لتبني الذكاء الاصطناعي

حتى بالنسبة للشركات الناشئة، هناك حافز مالي لتبني نهج الذكاء الاصطناعي في كل شيء، وفقاً لـ«كرانتشبليس» Crunchbase، تضاعف التمويل في الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي في الربع الثاني.

والرغوة «الحساء» هذه «شرسة»

يقول مايك كاتيل، زميل الأخلاقيات في معهد «آلان تورينغ» إن «وجود الذكاء الاصطناعي في الاسم يجعل الأمر يبدو كما لو أنهم (أي مسؤولي الشركات) متطورون بشكل لا يصدق، في حين أنهم على الأرجح يقدمون إلى حد كبير ما يقدمه أي صالون تحسين تجميلي آخر».

الذكاء الاصطناعي مخرب للبيئة

الذكاء الاصطناعي في كل شيء لا يؤثر فقط على تجربة المستهلك، من المحتمل أن يكون له تأثير ملموس على مناخنا. لا أحد يعرف في الواقع مدى تأثير ذلك – الشركات المعنية لن تقول ذلك – لكن بيانات الطرف الثالث تشير إلى أنه ليس جيداً.

أحد التقديرات ربط التأثير البيئي للتدريب (عدم استخدام) GPT – 3 بنحو 500 طن من ثاني أكسيد الكربون (على الرغم من أن هذا التقدير أصبح الآن قديماً تماماً). في عام 2022 قبل طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي، توقعت مؤسسة «غارتنر» أن أدوات الذكاء الاصطناعي ستستخدم في نهاية المطاف طاقة أكبر من القوى العاملة البشرية بأكملها.

تقول مارغريت ميتشل، كبيرة علماء الأخلاقيات في شركة «Hugging Face»، التي تصنع أدوات الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر التي تدعي أنها أقل ضرراً بالبيئة: «داخل فقاعة التكنولوجيا، يعد المزيد من الذكاء الاصطناعي هو الشيء الأكثر أهمية في العالم… أما خارج تلك الفقاعة، فإن حقيقة موت المحاصيل، على سبيل المثال، بسبب موجات الحرارة الأكثر شدة على الإطلاق، هي أكثر أهمية قليلاً. ومن عجيب المفارقات أن إدخال الذكاء الاصطناعي في كل شيء يجعل قضية الانحباس الحراري العالمي أسوأ».

منتجات غير مكتملة

إن شركات التكنولوجيا تلعب بالنار من خلال طرح مثل هذه المنتجات غير المكتملة للجمهور، يضيف فليك، عالم الأخلاق في «ستافوردشاير»، ويقول: «يتعلق الأمر بمحاولة الاستفادة من حقيقة أن الناس لم يملوا منه بعد… إنهم ما زالوا غير متأكدين من كيفية التعامل معه بفاعلية». ولكن كلما كانت تجربة الأشخاص مع هذه الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أقل إرضاءً، زاد احتمال تعبهم من التكنولوجيا، وقد يحدث ذلك قبل وقت طويل من إظهار إمكاناتها الكاملة.

*مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا»

التعليقات معطلة.