وكالة “موديز” تواصل خفض التصنيف الائتماني لمصر وتمنحها نظرة مستقبلية سلبية (غيتي)
وصلت بعثة من صندوق النقد الدولي إلى مصر، بقيادة رئيسة البعثة، فلادكوفا هولار، لمواصلة المناقشات حول المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاحات الذي يدعمه الصندوق بعدما كان من المقرر أن يجري الصندوق هذه المراجعات على مدى عام 2023.
وفي مذكرة بحثية حديثة كانت وكالة “موديز” توقعت أن يرتفع برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي إلى 10 مليارات دولار، مستفيدة من زيادة حصص الأعضاء، وبينهم مصر بنسبة 50 في المئة التي أقرها المجلس التنفيذي للصندوق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأبرمت مصر برنامج تسهيل ائتماني ممدد مع صندوق النقد الدولي في 2022 بقيمة 3 مليارات دولار، هدفه تنفيذ إصلاحات هيكلية وتجاوز الأزمة الاقتصادية التي أحدثتها الاختلالات في ميزان المدفوعات عقب حرب روسيا وأوكرانيا، لكن هناك تكهنات بوصول قرض صندوق النقد الدولي إلى 6 مليارات دولار أو أكثر للسيطرة على السوق الموازية للدولار والتضخم المرتفع، وفقاً لما قاله رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب فخري الفقي.
في تصريحات حديثة، قال رئيس شركة “الشرق الأوسط للتصنيف الائتماني وخدمة المستثمرين – ميريس”، عمرو حسنين، إن “جميع تقارير وكالة موديز بلا استثناء لم تغفل أن مصر لديها اقتصاد عميق ومتنوع، المشكلة تكمن في سياسات إدارة الموارد والأجهزة القائمة على هذه السياسات… ليس لدينا خيار سوى العمل على جذب الاستثمارات”.
فجوة تمويلية ضخمة مع استمرار خسائر الجنيه
وقالت متحدثة صندوق النقد، جولي كوزاك، في تصريحات أخيرة خلال مؤتمر صحافي، إن زيادة قيمة القرض ضرورة لضمان فاعلية الإصلاحات في مصر. وتوقعت وكالة “موديز”، الانتهاء من المراجعتين الأولى والثانية اللتين تأجلتا بسبب تأخر الإصلاحات خلال الأسابيع المقبلة، وأوضحت أن الـ10 مليارات دولار بالكاد كافية لتغطية فجوة التمويل لمصر التي قدرتها بناءً على تحقيق عجز في الحساب الجاري يعادل اثنين في المئة من الناتج المحلي في كل من العام المالي الحالي والمقبل.
وقدر بنك “أتش أس بي سي” أن زيادة حصص الأعضاء بنحو 50 في المئة بوسعه إضافة تمويلات لمصر تصل إلى 8 مليارات دولار.
تعد مصر ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي، وفي تقرير حديث توقعت شركة الأبحاث “فيتش سوليوشنز”، التابعة لمجموعة “فيتش” للتصنيف الائتماني، أن يصل قرض مصر مع صندوق النقد الدولي إلى 8 مليارات دولار.
وأشارت إلى أن ذلك يأتي في ظل الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية الصعبة، وأن القاهرة ستسدد للصندوق خلال العام الحالي أصل قروض تصل إلى 5.4 مليار دولار، في حين تصل بالفوائد والرسوم إلى نحو 6.7 مليار دولار، وتوقعت أن تستأنف مصر برنامجها مع الصندوق بحلول مارس (آذار) المقبل أو في الربع الثاني من العام، إذ سيتباطأ التضخم لنحو منتصف العشرينيات بدلاً من مستويات 35 في المئة في الوقت الحالي.
وفي سياق متصل، ارتفعت كلفة التأمين على الديون السيادية لمصر أجل خمسة أعوام، عقب إعلان وكالة “موديز” خفض الرؤية المستقبلية للاقتصاد المصري مع تثبيت التصنيف عند مستوى Caa1. وبلغت كلفة التأمين على الديون السيادية أجل خمسة أعوام إلى 13.26 في المئة الجمعة الماضي مقابل 12.5 في المئة في تداولات منتصف الأسبوع الماضي. وعلى مستوى كلفة التأمين أجل عام ارتفعت من 9.99 في المئة إلى 10.97 في المئة، فيما بلغت كلفة التأمين أجل عامين نحو 12.9 في المئة مقابل 11.9 في المئة.
ويعني خفض وكالة “موديز” رؤيتها لمصر أن هناك احتمالاً لخفض التصنيف الائتماني، الذي خفضته الوكالة بالفعل مرتين حتى الآن، الأولى من B2 إلى B3 ثم إلى Caa1 الذي يعكس أن مصر تواجه تحديات ملحوظة في سداد الديون، وأن جودة إصدارات الدين منخفضة. وارتفعت العقود الآجلة للجنيه أجل ثلاثة أشهر إلى ما بين 41.2 و42.2 جنيه بعدما تراجعت دون 40 جنيهاً بنهاية تداولات الأربعاء الماضي، فيما ارتفعت العقود الآجلة مدة عام إلى نطاق ما بين 53 و54 جنيهاً مقابل ما بين 51 و52 جنيهاً للدولار.
أزمة التصنيف الائتماني تتفاقم
فيما يتعلق بملف صندوق النقد الدولي، أعلن الصندوق تأجيل المراجعتين اللتين كانتا مقررتين في مارس وسبتمبر (أيلول) 2023 بعد فشل الحكومة في التزام شروط القرض. ويتوقف صرف الجزء المتبقي من التسهيل على إتمام هذه المراجعات، إذ من المنتظر أن تتلقى البلاد ما يقارب 700 مليون دولار حال إتمام المراجعتين الأولى والثانية، ويتعين على الصندوق الموافقة على المراجعتين قبل إصدار أي إعلان حول إمكانية زيادة القرض.
ويريد صندوق النقد أن تستوفي مصر متطلبات السياسة النقدية اللازمة للتوقيع على المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج القرض، وهي تشديد السياسة المالية والنقدية والتحرك نحو سعر صرف مرن، وفقاً لما صرحت به مديرة الاتصال في صندوق النقد جولي كوزاك الأسبوع الماضي.
لكن إشارات متزايدة على حزمة تمويلية أكبر، إذ قالت كوزاك، إن إتاحة حزمة تمويلية أكبر من قبل صندوق النقد الدولي لمصر أمر “حاسم” لنجاح برنامج القرض، نظراً إلى الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة، وتأثيره في قطاع السياحة وحركة التجارة في البحر الأحمر. وكانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا قالت في نوفمبر الماضي، إن الصندوق “يدرس بجدية” زيادة قرض الثلاثة مليارات دولار المقدم لمصر.
وتسعى الحكومة إلى الحصول على ملياري دولار إضافية من صندوق النقد الدولي، مما سيرفع قيمة برنامج القرض إلى 5 مليارات دولار، وفق ما ذكرته تقارير صحافية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما أشارت تقارير محلية إلى أن الحكومة المصرية تجري محادثات مع الصندوق في شأن رفع قيمة القرض إلى 10-12 مليار دولار.
لكن التقدم في محادثات صندوق النقد غير كاف لتحسين النظرة المستقبلية لمصر، إذ خفضت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية لمصر من “مستقرة” إلى “سلبية”، مع تثبيت التصنيف الائتماني السيادي عند مستوى Caa1. وبذلك هبط التصنيف بنحو سبع درجات في المنطقة غير المرغوب فيها وأربع درجات فوق التعثر، بحسب ما أعلنت الوكالة في تقرير حديث.
وأشارت إلى مخاوف من أن دعم صندوق النقد قد لا يكون كافياً للتغلب على تحديات الاقتصاد الكلي وعدم استقرار العملة المحلية.