نفت منظمة الصحة العالمية ما تم تداوله عبر بعض وسائل الإعلام عن أن العراق غادر ذروة الإصابات بفيروس كورونا وه
في اليوم الثالث لتخفيف إجراءات حظر التجوال في العراق، تصاعدت الخميس أعداد الإصابات بفيروس كورونا مجددا، لتسجل أكثر من 45 حالة جديدة، بالمقارنة مع نحو 20-25 إصابة يومية خلال الأسبوع الأخير من حظر التجوال المشدد.
خلية الأزمة في البصرة جنوبي العراق، طالبت بإعادة تشديد إجراءات حظر التجوال “الكلي والشامل” بعد اكتشاف “بؤرة إصابة بالمرض” في قضاء الزبير الفقير، والغني بالنفط جنوبي المحافظة.
والثلاثاء، أول أيام السماح بالتجوال، شهد زحاما شديدا في شوارع بغداد وعدد من المدن الأخرى، اضطرت معه القوات الأمنية العراقية إلى فتح جزئي للمنطقة الخضراء المغلقة منذ أشهر، لتسهيل حركة المرور في العاصمة.
وأعرب المسؤولون الصحيون في العراق عن قلقهم من أن “التجمعات البشرية بعد الحظر كانت أكبر من التجمعات قبله”. وكانت التوقعات أن الأخبار عن الفيروس و”النجاح” الذي يقول العراق إنه حققه بتطويقه، ستقنع الناس بضرورة الاستمرار في تطبيق سياسة التباعد الاجتماعي، لكن هذا لم يحصل، كما يبدو.
يقول الصحفي العراقي سلام حسين لموقع “الحرة” إن “هناك شعورا احتفاليا بين الناس، كأن تخفيف الحظر يعني الخلاص من الفيروس إلى الأبد، ولكن هذا غير صحيح”.
وقد نفت منظمة الصحة العالمية، في 12 أبريل ماتداولته بعض وسائل الإعلام العراقية المحلية عن أن “العراق تجاوز ذروة الوباء”.
واحتفل العراقيون في دهوك بإقليم كردستان العراق، قبل يومين، بـ”انتصارهم على فيروس كورونا” من خلال الألعاب النارية، وإطلاق الرصاص في الهواء مما تسبب بإصابة 13 شخصا، بينهم نساء.
ويقول طبيب في مستشفى اليرموك العراقية في بغداد لموقع “الحرة” إن “من المبكر الاحتفال بالخلاص من المرض في العراق”، مضيفا أن “المستشفى افتتحت قسم طوارئ خاصا لاستقبال مرضى كورونا في جانب الكرخ من بغداد، والناس بدأوا يتوافدون بكثرة على هذا القسم”.
“معدات الاختبار التي نستخدمها مستوردة من الصين”، يقول الطبيب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، مضيفا “نشعر بالتفاؤل حينما تبين الفحوص عدم إصابة الحالات التي تعاني من أعراض شبيهة بكورونا، لكن ما نقرأه عن كفاءة عدد الاختبار الصينية يصيبنا بالقلق”.
وانتقدت دول أوربية منها إيطاليا وبريطانيا وفرنسا عدد الاختبار الصينية التي وصفتها بغير الدقيقة، ولا يمكن الاعتماد عليها.
ويشعر الأطباء العراقيون أنهم “في الظلام” في ما يتعلق بتشخيص المرض فـ”الحالات المبكرة لا تظهر أصلا أية أعراض، والحالات المتقدمة التي تظهر أعراضا لا تتأكد إصابتها بعد الاختبار، ونحن أصلا نجري اختبارات قليلة”، يقول الطبيب.
وأعلنت وزارة الصحة العراقية إجراء 2002 فحص يوم الخميس، ليرتفع عدد الفحوص المنفذة في البلاد إلى نحو 65 ألف فحص، أثبتت إصابة 1677 شخصا، وتوفي 83 مصابا بالفروس حتى الآن.
ويتوقع خبراء عراقيون وأجانب، أن تكون أعداد الإصابات أعلى بكثير من الأعداد المعلنة رسميا، خاصة وأن العراق يفحص فقط المشكوك بإصابتهم سواء ممن يظهرون أعراضا أو ممن يلامسون المرضى المؤكدة إصابتهم.
ويعني هذا إن الشريحة المفحوصة تعتبر شريحة ذات خطورة عالية.
ويمتلك العراق نظاما صحيا ضعيفا نتيجة للحروب المتعاقبة التي مرت عليه، وكذلك العقوبات الدولية، والفساد الإداري الذي يستشري في أغلب مفاصل الدولة.
وتبلغ نسبة الأطباء في العراق إلى عدد السكان 0.8 لكل ألف شخص، وهناك 1.4 سرير مستشفى لكل ألف من العراقيين، بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية.
هذه الأرقام تساوي تقريبا نصف الأرقام الموجودة لدى بعض جيران العراق، ونحو الربع بالنسبة للأردن، على سبيل المثال، التي تمتلك 2.3 أطباء لكل ألف مواطن، فيما تمتلك إسرائيل على سبيل المثال 3.1 سرير و3.2 طبيب لكل ألف مواطن.
وتعاني البلاد من نقص في أجهزة التنفس الصناعي، ومع أنه لا توجد أرقام واضحة لأعداد هذه الأجهزة في كل العراق، إلا أن مدينة الموصل على سبيل المثال تمتلك جهازي تنفس صناعي مقابل مليونين تقريبا من السكان.
ويقول موقع Iraq Energy إن البلاد تحتوي تقريبا على 200 جهاز تنفس صناعي، يفترض أن تخدم الحاجات الطارئة لنحو 40 مليون شخص، بما يعادل نصف جهاز لكل 100 ألف شخص، فيما تمتلك الولايات المتحدة على سبيل المثال 200 ألف جهاز تنفس بما يعادل 60 جهازا لكل 100 ألف شخص.
وتواجه الولايات المتحدة حاليا أزمة لتوفير أجهزة التنفس الصناعي لمواطنيها، بعد وصول عدد المصابين بالفيروس إلى أكثر من 800 ألف حالة.
وسجلت أول إصابة في العراق في 28 فبراير الماضي، فيما سجلت أول إصابة في الولايات المتحدة قبل ذلك بأكثر من شهر.
ويقول الطبيب في مستشفى اليرموك العراقي، “اتخذت الحكومة العراقية إجراءات مشددة بعد شهر تقريبا من الإعلان عن أول إصابة، وكذلك فعلت الحكومة الأميركية حسب ما أعرف. والعراقيون معروفون بحبهم للتجمع وسكنهم في منازل تحوي عوائل كبيرة، الأرقام (المتعلقة بالإصابات) لا تبدو منطقية بالمقارنة”.
ويضيف “إما أن تكون الأرقام خاطئة، أو قد تكون هناك معجزة ما، أتمنى فقط أن تستمر”.
وقال مدير وكالة المخابرات الخارجية الإسرائيلية يوسي كوهين الخميس، إن “الوضع في العراق ولبنان وسوريا وإيران أسوأ بكثير مما تعترف به حكومات تلك الدول علنا”.
وعلق العراق ترخيص وكالة “رويترز” للأنباء بداية ابريل، بعد أن نشرت تقريرا أشار إلى وجود حالات إصابة مؤكدة بالوباء في العراق، قدرت بآلاف، وهي أعلى بكثير من العدد المذكور في التقارير الرسمية المعلنة آنذاك (772 حالة إصابة). وتضمن قرار الحظر أيضا فرض غرامة مالية على الوكالة، تتجاوز 20 ألف دولار، لكن العراق عاد عن قراره لاحقا وسمح للوكالة بالعمل.
وقد تضيف الأزمة الاقتصادية إلى مشاكل العراق الصحية. فمؤخرا، فقدت البلاد نحو 40 بالمئة أو أكثر من قيمة صادراتها النفطية، التي تشكل 90 بالمئة من الواردات العامة في البلاد، بسبب انخفاض أسعار النفط.