بعد فنزويلا… هل يتجه ترامب إلى المكسيك؟

1

 

ضجيج الحشد العسكري الأميركي قبالة السواحل الفنزويلية وشن الغارات الجوية، التي تستهدف ما تزعم واشنطن أنها قوارب لكارتلات المخدرات في مياه الكاريبي والمحيط الهاديء، يسمع صداه في كل أميركا اللاتينية….

 

أسعد عبود

 

المصدر: النهار

 

بعد فنزويلا… هل يتجه ترامب إلى المكسيك؟

يهدف ترامب لخلع مادورو ومحاسبته على معارضته للسياسة الأميركية. (أ ف ب)

Smaller

Bigger

ضجيج الحشد العسكري الأميركي قبالة السواحل الفنزويلية وشن الغارات الجوية، التي تستهدف ما تزعم واشنطن أنها قوارب لكارتلات المخدرات في مياه الكاريبي والمحيط الهاديء، يسمع صداه في كل أميركا اللاتينية.

 

 

 

وكل يوم أكثر من يوم يقترب التدخل العسكري الأميركي المباشر في فنزويلا، بعدما منح الرئيس دونالد ترامب الإذن الثلاثاء لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إي” لتنفيذ عمليات داخل فنزويلا.

 

 

 

وفي مؤشر على احتمال توسع العمليات الأميركية إلى دول أخرى، لم يستعبد ترامب توجيه ضربات الى عصابات المخدرات داخل المكسيك. تهديد استفز الرئيسة كلاوديا شينباوم، التي استبعدت مثل هذا الأمر، مؤكدة: “لا نريد تدخلات من أي حكومة أجنبية. هناك تعاون وتنسيق (مع واشنطن)، لكن ليس تبعية”. ولم يسعها إلا التذكير بمرارة، أنه “في المرة الأخيرة التي تدخلت فيها الولايات المتحدة في المكسيك، استولت على نصف الأراضي”، في إشارة إلى الثورة المكسيكية في القرن التاسع عشر.

 

 

 

بحديث شينباوم عن “التبعية”، فإنها تكون قد أثارت نقطة جوهرية تسلط الضوء على السياسة التي ينتهجها ترامب إزاء دول أميركا اللاتينية. ماذا يريد الرئيس الأميركي من فنزويلا وكولومبيا والبرازيل، غير أن تكون دولاً تابعة للولايات المتحدة، تمتثل لمشيىتها ولإرادتها، على غرار نظام نجيب بوكيلة في السالفادور ونظام خافيير ميلي في الأرجنتين؟

 

 

 

والتدخل العسكري الأميركي الذي يقترب من فنزويلا، هدفه خلع الرئيس نيكولاس مادورو، ومحاسبته على معارضته للسياسة الأميركية، والاتجاه بالبلاد نحو توثيق العلاقات مع روسيا والصين. وحتى عندما يعرض ترامب على مادورو الحوار، فإن الهدف من ورائه ليس تعويم النظام في كراكاس، وإنما سيطلب منه التنحي بهدوء وتسليم الحكم الى زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي تزعم الفوز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة والحائزة جائزة نوبل للسلام هذه السنة.

 

 

 

كل الدلائل توحي أن ترامب قد اتخذ قراراً بخلع مادورو، بذريعة “إغراق الولايات المتحدة بنزلاء السجون الفنزويلية” ورعاية تجارة المخدرات المتجهة إلى أميركا. ولا يأتي ترامب بجديد. سبقه إلى ذلك الرئيس الأميركي جورج بوش الأب عام 1989 في بناما، عندما انقلبت واشنطن على رجلها هناك مانويل نورييغا، وغزت هذا البلد وعادت بحاكمها مكبل اليدين إلى سجن أميركي بتهمة الاتجار بالمخدرات.

 

 

 

يريد ترامب أن يثبت أن لا شيء يقف في طريق أميركا إذا عزمت على أمر. وبوصول حاملة الطائرات الأحدث “جيرالد فورد” إلى قبالة السواحل الفنزويلية قبل أيام، يكون الحشد العسكري الأميركي قد بات جاهزاً لشن عمليات داخل فنزويلا.

 

 

 

ربما لا تبلغ العمليات الأميركية حد الغزو الشامل لبلد تعداد سكانه 40 مليوناً، لكن قد يكون الهدف في البداية قصف بعض القواعد بهدف حمل الجيش الفنزويلي على الانقلاب على مادورو، أو حمل الأخير على اللجوء إلى بلد ثالث.

 

 

 

وعلى افتراض أن واشنطن نجحت في خلع مادورو، فهل ستعم الديموقراطية والازدهار فنزويلا؟ التجارب الأميركية الحديثة في أفغانستان والعراق وليبيا، تنفي ذلك. إن إطاحة الأنظمة الشمولية بالقوة لا ينجم عنه، في الغالب، إلا فوضى عارمة، وتعميق الانقسام والفقر في هذه الدول.

 

 

 

يصادف أن فنزويلا دولة غنية بالنفط. ولن يفرط ترامب بوضع يد الشركات الأميركية على مصادر الطاقة في هذا البلد. أما تحقيق الديموقراطية فلن يبقى إلا شعاراً غير قابل للتحقق في الأمد المنظور.

 

 

 

تثير الضربات الأميركية الموجهة إلى “قوارب التهريب” ومقتل عشرات على متنها من دون محاكمة، معارضة في دول حليفة للولايات المتحدة، مثل بريطانيا، وتعتبرها الأمم المتحدة عمليات قتل من خارج القانون.

 

 

 

لا يؤثر ذلك كثيراً في ثني ترامب عن عزمه الذهاب بعيداً، في إثبات أن القوة الأميركية هي القول الفصل في تقرير مصائر الدول، سواء في الكاريبي أو في ما هو أبعد!

التعليقات معطلة.