بعد نحو عقدين من الشائعات… هل تُسبب الهواتف المحمولة السرطان فعلاً؟

2

منذ أن بدأنا نستخدم الهواتف المحمولة، برزت مخاوف من أن موجات الراديو التي تُصدرها قد تُسبب السرطان. والآن بعد أكثر من عقدين من ثرثرتنا عبر الهواتف المحمولة، لا تدعم الأدلة العلمية الواسعة فكرة أن الهواتف تزيد من مخاطر الإشعاع على جسم الإنسان، وفقاً لموقع «Prevention» أو «الوقاية» المعني بالأخبار الصحية.

وتشير الدراسات العلمية حتى الآن إلى عدم وجود مخاطر بسبب استخدام الهواتف المحمولة.

وقد تجدد النقاش العام الماضي عندما أصدرت منظمة الصحة العالمية مراجعة منهجية واسعة النطاق لجميع الأبحاث حول هذا الموضوع.

وفحص العلماء 63 دراسة من 22 دولة نُشرت بين عامي 1994 و2022. وركزت الدراسات على سرطان الدماغ وأنواع أخرى من سرطان الجهاز العصبي المركزي.

وأفاد الباحثون أنه على الرغم من الزيادة الكبيرة في استخدام التكنولوجيا اللاسلكية في العقدين الماضيين، لم تكن هناك زيادة مقابلة في خطر الإصابة بسرطان الدماغ.

والأكثر من ذلك، لم يكن هناك ارتباط بين تكرار مكالمات الأشخاص ومدتها بالسرطان. كما لم تكن هناك زيادة في مخاطر الإصابة بأورام الدماغ أو سرطان الدم لدى الأطفال المعرّضين لأبراج الهواتف المحمولة أو أجهزة الإرسال الإذاعية والتلفزيونية، على الرغم من الشائعات.

إذا كانت النتائج مطمئنة هكذا، فكيف بدأ هذا القلق أصلاً؟

كما هو الحال مع العديد من الخرافات الشائعة، نبع الأمر من قلق مشروع بشأن إشعاع الترددات الراديوية، وقرار بتوخي الحذر بشأنه ريثما تتضح الأمور. وفي عام 2011، صنّفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية التعرض للموجات الراديوية على أنه «مسبب محتمل للسرطان».

ووفقاً للوكالة، كان هذا يعني فقط أنه «قد يكون هناك بعض المخاطر، ولذلك علينا مراقبة أي صلة بين الهواتف المحمولة وخطر الإصابة بالسرطان عن كثب»، وهو نهجٌ يُفضّل الحذر. والآن، بعد 14 عاماً، لدينا المعلومات اللازمة لاتخاذ قرار أكثر وضوحاً.

وأكدت أحدث مراجعة للدراسات أجرتها منظمة الصحة العالمية عدم خطورة الأمر، وفق الدكتور دانيال لاندو، اختصاصي أمراض الدم والأورام بولاية كارولينا الجنوبية الأميركية، الذي قال إن الإشعاع الصادر من الهواتف المحمولة يُطلق عليه اسم الإشعاع غير المؤين. وأوضح: «الأنواع الأكثر خطورة، مثل تلك الصادرة عن القنابل النووية أو المواد النووية الأخرى، هي الإشعاعات المؤينة»، ويشير إلى أن التعرض للإشعاع المؤين هو ما يُسبب تلف الحمض النووي الذي قد يُؤدي إلى السرطان. أما النوع غير المؤين (الذي تُصدره أيضاً أفران الميكروويف مثلاً) فلديه طاقة ضئيلة جداً بحيث لا يُشكل خطراً.

لذا، لا داعي للقلق بشأن الإصابة بسرطان الدماغ من هاتفك المحمول، مع أن الدكتور لاندو ينصح بتقليل مدة وضع الهاتف بالقرب من رأسك؛ إذ «قد تكون هناك مخاطر أخرى لم تُلاحظها الدراسة». ومع ذلك، يقول: «أشعر بأن دراسة كهذه تُطمئننا»، مُضيفاً أنه لو وُجدت صلة واضحة بين الهواتف المحمولة وسرطان الدماغ، لربما ظهرت الآن.

التعليقات معطلة.