بينما تغرق بغداد في غبار السماء، يختنق سكانها بسحابة خانقة من الكبريت والملوثات، تجتاح الأحياء والشوارع وتخنق الأرواح قبل الأنفاس. هذه الأزمة البيئية ليست مجرد حادث عرضي، بل هي نتيجة مباشرة لتراكم الفساد وسوء الإدارة والتجاهل المستمر لمصلحة المواطنين، تاركةً أهل العاصمة يصارعون هواءً مسمومًا لا يرحم، بينما يستمر المسؤولون في تجاهل الخطر .
بدأت الكارثة في أواخر شهر أكتوبر، عندما غطّت سحب الكبريت سماء بغداد، ما دفع مئات المرضى إلى المستشفيات جراء ضيق التنفس وتهيج الجهاز التنفسي. وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة من خبراء البيئة والأطباء، تجاهلت الجهات المعنية هذه الأزمة وتذرعت بأن “الأمور تحت السيطرة”، مكتفيةً بحلول مؤقتة وغير فعّالة دون معالجة جذور المشكلة.
الأ ان بعض المعلومات تثير قلقاً واسعاً حول حقيقة الموضوع والتي تشير الى استخدام أساليب بيئية غير تقليدية كجزء من استراتيجيات دفاعية بأطلاق غازات وكبريت في سماء بغداد بشكل متعمد بهدف خلق غيوم تغطي أجواء المدينة. هذه الخطوة يعتقد انها ستكون احدى المحاولات لتعطيل قدرات الطائرات الأمريكية والإسرائيلية التجسسية في جمع المعلومات عن أماكن وتواجد أهداف معينة كما يضن فاعليها .
هل يمكن فعلاً استخدام غازات وكبريت لهذا الغرض؟
من الناحية النظرية، يمكن لبعض الغازات الثقيلة الممزوجة بالكبريت أن تساهم في تكوين طبقات غائمة أو حتى ضباب صناعي. ومع ذلك، هذه الطريقة قد تكون ذات تأثيرات بيئية وصحية خطيرة على السكان والمحيط. ويعد استخدام مواد كيميائية كأداة دفاعية مفهوماً نادراً ومعقداً، خاصة أن معظم الدول تلتزم باتفاقيات دولية تمنع التلاعب بالبيئة كسلاح.
المخاطر البيئية والصحية
التلاعب المتعمد بالبيئة بإطلاق غازات كبريتية في الجو يمكن أن يشكل خطراً جسيماً على الصحة العامة. استنشاق هذه الغازات يمكن أن يؤدي إلى تهيج الجهاز التنفسي ومشاكل صحية، خاصة لدى الفئات الضعيفة كالأطفال وكبار السن والمصابين بأمراض تنفسية. كما أن تأثيرات هذه المواد قد تمتد إلى المياه والتربة، ما يهدد الزراعة والمحيط الطبيعي.
التداعيات الأمنية والسياسية
إذا كانت هذه الأخبار صحيحة، فإن مثل هذه الخطوة تشير إلى تطور جديد في استراتيجيات المواجهة، حيث يجري استخدام البيئة كسلاح ضمن نطاق العمليات الدفاعية. وقد يكون الهدف هو مواجهة التفوق التكنولوجي الأمريكي والإسرائيلي في مجال الاستخبارات الجوية، لكن من ناحية أخرى، قد يكون لهذا الفعل تداعيات سياسية ودولية.
أن أزمة الهواء في بغداد باتت تشكل المعانات اليومية للمواطنين في العاصمة
بينما يستمر المواطن البسيط في معاناته، يغرق المسؤولون في التبريرات والحجج، دون تقديم حلول حقيقية. بل إن المشكلة تتفاقم مع تجاهل خطورة التلوث البيئي على صحة المواطنين وتأثيره المباشر على زيادة الأمراض التنفسية وسرطان الرئة والأمراض المزمنة.
وبهذا الواقع الصارخ، يتساءل العراقيون: ماذا ننتظر بعد؟ كيف يمكن لبلد غارق في ثروات نفطية هائلة أن يعجز عن تأمين هواء نظيف لأبنائه؟ أين هي الرقابة والمساءلة؟ ولماذا لا تفرض عقوبات رادعة على الجهات التي تتسبب في هذه الكوارث البيئية؟
حان الوقت لتحرك حقيقي وجاد، فالخطر يزداد يومًا بعد يوم، وصحة المواطنين يجب أن تكون أولوية قصوى لأي حكومة تدّعي المسؤولية. العراق بحاجة إلى استثمارات حقيقية في التكنولوجيا البيئية، ورقابة صارمة على المنشآت الصناعية والنفطية، وتوعية مجتمعية للحفاظ على البيئة.
بغداد تستحق أن تتنفس هواءً نقيًا، وأهلها يستحقون حياة كريمة. فهل يستجيب المسؤولون قبل أن تغرق المدينة أكثر في سمومهم ؟