تتداعى المواقف السياسية والاعلامية والصيحات والمواقف الشعبية في أرجاء العالم الاسلامي واقطار الأمة العربية بعد قرار الرئيس الامريكي رونالد ترامب نقل السفارة الامريكية للقدس الشريف والاعتراف بها عاصمة للكيان الصهيوني المغتصب .
ان هذا القرار اعرب بشكل كامل وصريح عن العلاقة الوثيقة والمصالح المشتركة والتبني الكامل للادارة الامريكية لمصلحة اسرائيل والاقرار باغتصابها للارض الفلسطينية وانحيازها التام للجانب الصهيوني بعيدا عن التحالفات الاستراتيجية والمواقف الدبلوماسية التي تربطها بباقي حلفائها في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الاوسط.
ويؤكد هذا القرار حقيقة الولايات المتحدة ومواقفها منذ الاحتلال الصهيوني لفلسطين الحبيبة في 15 من أيار عام 1948 وتبنيها لاستمرارية العدوان ومفهوم الاغتصاب والدفاع عن المعتدي والتصدي للحق والحرية والحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني الثائر .
ان الامة العربية وقواها الوطنية وهيئاتها الشعبية تقف اليوم أمام تحد كبير لمواجهة الغطرسة والهيمنة الامريكية على القرارات الدولية وابتعادها عن مفاهيم العدالة الدولية وانتهاكها لكل القرارات الدولية التي تدين الاحتلال واعلانها قرار نقل سفارتها للقدس السليبة وطمس معلمها الدينية وانتمائها العربي الاصيل عبر التاريخ وعدم اعتمادها مبادئ ومواقف عادلة من القضية الفلسطينية وهي التي كانت تنادي وتدعم زورا وبهتانا المفاوضات والحوارات بين القيادات الفلسطينية وممثلي الكيان الصهيوني وتمني حلفاءها في المنطقة بوعود كاذبة حول اقرار مبدأ الدولتين والعمل على انهاء الصراع العربي -الصهيوني .
ان الأهداف والغايات التي سعت اليها الادارة الامريكية في هذا الوقت بالتحديد انما تؤشر الى حقيقة المواقف الامريكية التي يمكن النظر اليها من عدة زوايا، وأهمها :
1.ان القرار الامريكي باحتلال العراق في التاسع من نيسان عام 2003 كان هو البداية الحقيقية للشروع بتنفيذ قرار الكونجرس الامريكي الذي شرعه عام 1995 باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني والطلب من الادارة الامريكية نقل سفارتها من مدينة تل أبيب للقدس الشريف ،فخروج العراق من دائرة الصراع العربي -الصهيوني باعتباره قطرا عربيا له تأثيره العربي والاسلامي وكلمته القوية الصريحة التي تنادي بحقوق الشعب الفلسطيني ودفاعه المستمر عن أمال هذا الشعب العربي الاصيل وأهدافه ووقوفه الحازم ضد كل القرارات الجائرة التي تشجع العدوان والاحتلال الصهيوني ،أسهم في تقوية الادارة الامريكية وتعضيدها واسهم في اعلان الاعتراف بمدينة القدس عاصمة للكيان الصهيوني .
2.ان الادارة الامريكية وبقرارها الجائر الغاشم لم تفاجئ القوى والهيئات والاحزاب الوطنية لأن الجميع يدرك حقيقة الولايات المتحدة وأهدافها ومدى علاقتها الوثيقة مع الكيان الصهيوني والدعم والمساندة التي يتلقى من جميع الادارات المتعاقبة على ادارة البيت الابيض ولكنها فاجأت من كان يعول حقيقة على المواقف الامريكية ويسعى لتبنيها والعمل على الترويج لها وخداع الشعب العربي والفلسطيني بها وتسويق الأهداف الامريكية على أنها تسعى للعمل جديا على انهاء الصراع الفلسطيني -الصهيوني بضمان حقوق الشعب الفلسطيني وحقه بإقامة دولته .
3.ان جميع من يتحالف ويعاضد ويساند الادارة الامريكية ويعمل على الاتجاه الذي يساعده على البقاء ويعتقد جازما ان الولايات المتحدة هي الحليف الرئيس له وتستطيع أن تحميه وتسانده عليه أن ينظر بشكل دقيق وواضح ويأخذ درسا من المواقف الاخيرة لهذه الادارة وكيف تخلت عن وعودها التي قطعتها لحلفائها بالمنطقة العربية حول دورها ومواقفها من الصراع العربي -الصهيوني .
4.ينظر الكثير من المتابعين السياسيين وأصحاب الشأن بالوضع السياسي العربي الى أن الرئيس الامريكي ترامب قد تحدى شعوب الامتين الإسلامية والعربية في مشاعرهم وانتماءاتهم بقراره المشين نقل السفارة الامريكية الى القدس الشريف ولكننا نرى أنه قد تحدى جميع حلفائه وشركائه في منطقتنا العربية وعالمنا الاسلامي وعلى الجميع أن يدرك هذا الامر .
5.أعطى مشروعية زائفة ومضللة للكيان الصهيوني وأدواته وأذانه ليعلو صوتهم ويقولوا اننا لا نقبل باي تفاوض قادم أو أجراء عملية سياسية سلمية لصراعنا مع الفلسطينيين الا باعترافهم بان القدس عاصمة لنا وهذا ما أكده أمس نتنياهو بعد قرار الرئيس الامريكي .
6.ان القرار الامريكي يناغم حقيقة العداء العالمي للعرب والمسلمين منذ وعد بلفور المشؤوم في الثاني من تشرين الثاني 1917 والى يوم السادس من كانون الاول 2017 فهو الموقف المعلن الصريح من المساندة والدعم للصهيونية العالمية ولننظر أن (100) عام جديرة بتأملنا ولنعلم ان الغرب وأدواته قرأوا التاريخ جيدا ويعملون حقيقة على الاستمرار بالوقوف بجانب الاحتلال الذي أوجدوه منذ 100 عام مشروعا استيطانيا في منطقتنا العربية لاستلاب ارادتها وضياع حقوقها واستقلالها .
ومهما كانت الرؤى السياسية والمواقف المساندة للكيان الصهيوني واستمرار الدعم والمساندة فان كل هذا لا يعني ضياع الحقوق الفلسطينية ومستقبل أمتنا العربية وشعبها المكافح وانما يشكل منعطفا تاريخيا في حياتها لتعيد حساباتها وتعنى بانطلاقة ووقفة جديدة ضد الاهداف الامبريالية للولايات المتحدة وستبقى القدس الشريف في شغاف قلوبنا وحدقات عيوننا وما النصر الا من الله العزيز