استبقت تركيا زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لأنقرة، (السبت)، وانتقدت الدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل في الحرب الدائرة في غزة منذ أشهر، وعدته «مشكلة كبيرة».
كما أعلنت دعمها جنوب أفريقيا في الدعوى التي قدمتها ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، بتهمة «ارتكاب إبادة جماعية»؛ بسبب العدوان المستمر على غزة منذ أشهر، وقتل الآلاف، أغلبهم نساء وأطفال.
وأعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن نظيره الأميركي سيزور أنقرة، (السبت)، وأن المباحثات ستركز في جانب كبير منها على الوضع في غزة.
هذه هي الزيارة الثانية التي يقوم بها بلينكن لأنقرة منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث كانت زيارته الأولى في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني).
وجدد فيدان انتقاد بلاده الدعم غير المشروط الذي تقدمه الولايات المتحدة أو بعض الدول الغربية لإسرائيل، قائلاً «إنه يمثل مشكلة كبيرة». وأضاف أن «عدم بذل المجتمع الدولي أي جهد لمنع هذه العملية، شكّل لحظة انهيار كبيرة للنظام العالمي».
وأشار إلى ضرورة أن تستخلص كل دولة دروساً كبيرة من هذا الأمر، وأنه سيكون هناك مَن يعتقد بأن التحالفات ليست مفيدة، كما يفترض، موضحاً أن المواقف السياسية ستتغير مع بدء تغير ميزان القوى في المنطقة، وأن ذلك ينطبق أيضاً على دول المنطقة التي تعدّ من أقرب الأصدقاء للولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال فيدان، في مقابلة مع ممثلي وسائل الإعلام التركية في أنقرة، ليل الأربعاء – الخميس، إنه «في معادلة تقاتل فيها الولايات المتحدة نيابة عن إسرائيل، سوف ترغب دول المنطقة في تطوير قوة مضادة، أعتقد بأن أولئك الذين لا يريدون أن تتكرر مجازر مثل تلك التي وقعت في غزة، قد يسعون من الآن فصاعداً إلى الحصول على أسلحة وقوة كبيرة جداً».
ازدواجية الغرب
وانتقد فيدان الازدواجية التي انتهجتها الدول الغربية في التعامل مع الحرب الروسية – الأوكرانية، والهجمات الإسرائيلية على غزة، قائلاً إن «نفاق الدول الغربية بلغ ذروته في موضوع غزة، فلم تستطع الحديث عن المبادئ والفضيلة والأخلاق، وتجاهلتها بشكل كامل».
وذهب إلى أن كل ما يحدث في المنطقة «يبدو مرتبطاً بشكل مباشر بالقضية الفلسطينية والمجزرة في غزة». وحذّر من أن انتشار هذه الحرب يشكّل خطراً جسيماً.
وعن مباحثات «مجموعة الاتصال»، التي شكّلتها منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية على خلفية الحرب في غزة، قال فيدان إن منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية عقدتا قمة مشتركة للمرة الأولى، في الرياض، وإن هذا أمر مهم، كما أن الجهود والإجراءات والاتصالات التي قامت بها مجموعة الاتصال مع مراكز القوى في العالم، تشكّل أهمية كبيرة بالفعل.
الموقف من «حماس»
ولفت وزير الخارجية التركي إلى أنه لم يطرأ أي تغيير على موقف الدول تجاه حركة «حماس» قبل أو بعد 7 أكتوبر، وأن رد الفعل الناجم عن تأكيد تركيا على «صفة المقاومة لدى حماس» مرتبط بإسرائيل. وأن «هناك وهماً يقدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للغرب، عبر تصوير العملية كاملة ببعض الأحداث التي جرت في 7 أكتوبر»، مضيفاً أن موقف تركيا يقلب بشكل كامل الاستراتيجية التي يطرحها نتنياهو، والصورة التي اشتراها الغرب في هذا الإطار.
وأكد الوزير أنه لا يوجد أي مبرر كافٍ للقتل العشوائي لعشرات الآلاف من المدنيين، وأن هذا يسمى «همجية»، مضيفاً: «إذا كنتم تعرّفون (حماس) على أساس قتل المدنيين، فيجب عليكم تطبيق القاعدة ذاتها على إسرائيل أيضاً. لكن هذه القضايا لا يستطيعون الإجابة عنها».
تحذير من حرب بلبنان
ورداً على سؤال حول تداعيات اغتيال إسرائيل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، صالح العاروري، في ضاحية بيروت الجنوبية، حذّر فيدان من أنه حال اندلاع حرب بين لبنان وإسرائيل فإن هذه الحرب لن تنتهي.
وقال: «أعتقد بأن الإسرائيليين يحاولون جاهدين عدم دخول حرب مع لبنان. لكنني أقولها دائماً؛ هذه الطريق مسدودة، وفي حال حدث ذلك لن تنتهي الحرب بالتأكيد، إذا كانت هناك رغبة في حل القضية، فيجب التركيز على السلام وحل الدولتين في فلسطين».
ولفت إلى أن العملية الإسرائيلية في لبنان لم تضرب موقعاً أو قيادياً لـ«حزب الله»، لكنها بعثت برسالة إلى لبنان مفادها «أحلق فوقك وأراقبك»… وتساءل: «كيف سيكون رد فعل (حزب الله) على ذلك؟ هل بالذهاب إلى حرب شاملة أم الرد بالمثل؟». وتابع: «(حزب الله) قال إنه هاجم 3 مواقع عسكرية إسرائيلية، (الأربعاء)، في الواقع هذا استمرار للموقف الذي أظهره منذ اليوم الأول للحرب في غزة. لم يتم القيام بأي شيء مختلف هنا».
دعم جنوب أفريقيا
في السياق ذاته، عبّرت تركيا عن دعمها للدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، واتهمتها فيها بـ«ارتكاب إبادة جماعية»؛ بسبب العدوان المستمر على غزة منذ أشهر، ما أوقع آلاف الضحايا، أغلبهم نساء وأطفال.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية أونجو كتشالي، في بيان، إن أنقرة ترحب بقضية جنوب أفريقيا، التي تقول إن إسرائيل انتهكت التزاماتها بموجب اتفاقية عام 1948 لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وأضاف أن «قتل إسرائيل أكثر من 22 ألف مدني فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، في غزة، منذ ما يقرب من 3 أشهر، لا ينبغي أن يمر دون عقاب بأي شكل من الأشكال… يجب محاسبة المسؤولين عن ذلك أمام القانون الدولي. نأمل أن تنتهي العملية في أقرب وقت ممكن».
تحقيقات خلية الموساد
في غضون ذلك، بدأت السلطات التركية التحقيق مع 34 مشتبهاً بهم أُوقفوا بتهمة القيام بأنشطة «تجسس دولية» لصالح الموساد ضد أجانب يقيمون في تركيا لأسباب إنسانية.
القبض على المتهمين عملية انطلقت من إسطنبول، (الثلاثاء)، وشملت 8 ولايات تركية، في إطار تحقيق يجريه مكتب التحقيق في قضايا الإرهاب والجرائم المنظمة التابع للنيابة العامة في إسطنبول.
وكشفت التحقيقات أن «الموساد» كان يهدف إلى القيام بأنشطة، مثل المراقبة والتتبع، والاعتداء، واختطاف فلسطينيين وأجانب.