بوتين يعبد الطريق إلى سوتشي ويفتح الطريق أمام النشاط الدبلوماسي

1

 
محمد نادر العمري
تعود اجتماعات المرحلة الثانية من( جنيف8) للانعقاد مع انخفاض التوقعات واضمحلال الآمال لتحقيق أي تقدم ملموس في سياق المباحثات بين وفدي الحكومة والمعارضة السورية، بالتوازي مع تسارع وتيرة العمليات العسكرية في أكثر من جبهة ابتداء بإنهاء وجود داعش في البادية السورية وتطويق فلوله بعد السيطرة على أكثر من 2000كم من إجمالي المساحة المقدرة 7000كم، وانتهاء بوصول طلائع القوات السورية للحدود الجنوبية الشرقية لمدينة إدلب، الأمر الذي يشير لزخم عسكري قد يشهده الميدان السوري خلال الأيام المقبلة، دون غفلان ريف دمشق الشرقي والجنوب السوري القابلان للانفجار بأي لحظة نتيجة هشاشة هدنتهما وتأثرهما بالتدخلات الإقليمة والمواقف المتصارعة ولاسيما من قبل الكيان الإسرائيلي والمملكة السعودية.
جنيف8 التي شهدت امتعاض الوفد الحكومي السوري بشوطيها الأول والثاني، ومسارعة غربية لاستجداء موسكو لاستخدام نفوذها لعودة الوفد الحكومي للمباحثات نتيجة الخشية الغربية من انهيار جنيف بالكامل وحصر الخيارات فقط “بمؤتمر سوتشي” هو الذي دفع وزير الخارجية الاميركي “ريكس تيلرسون” لتقديم تنازلات أثناء لقائه في فيينا منذ أيام مع نظيره الروسي “سيرغي لافروف” تمثل بعدم عرقلة واشنطن لمسار الحوار الوطني في سوتشي، الذي سيكون نقطة اتفاق بين السوريين نحو نقاط تعديل الدستور وانتقاء أعضاء الحكومة الوطنية وتحديد موعد الانتخابات قبيل الحصول على تطبيع مخرجاته دوليا” في جنيف.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد إحداث نقلة نوعية وسيحاول بزيارته لتركيا ومصر العمل على تمكين العملية السياسية التي اتصفت بالهشاشة خلال السنوات السبعة السابقة كمرحلة لاحقة لمابعد انتهاء داعش وفق توصيفه، وزيارته المفاجأة لمطار حميميم رسالة تحمل أكثر من بعد:
أولا” المتابعة الشخصية من قبل الرئيس بوتين للمبادرة التي طرحها حول الحوار الوطني في سوتشي وإزالة العراقيل المعرقلة لإنجاحها بضمانات يمتلك مفاتيحها بيده.
ثانيا” إعلان النصر العسكري ضد الإرهاب من الأراضي السورية تميهدا لدفع العملية السياسية، وهي الزيارة الأولى التي يجريها رئيس دولة أجنبية لسورية لسورية منذ بداية الأزمة وقد تعبر في نطاق معين على إنها بداية لزيارة مقبلة متسارعة للدول الحلفاء بعد اتساع نطاق الآمان.
ثالثا” الإعلان عن سحب قطعات عسكرية روسية انهت أعمالها والاتفاق على إرسال قوات من الشرطةالعسكرية الروسية أو من أحد دول الاتحاد السوفيتي سابقا” (الشيشان) أو قوات مشتركة متفق عليها لمراقبة مناطق خفض التوتر والتي تزيد قوامها عن (6000)عنصر من جانب، ومن جانب آخر وضع تركيا واميركا في خانة الخيارات الضيقة بعدم تبرير وجودهم الغير شرعي وتحت أي مبرر داخل الأراضي السورية وبخاصة في الشمال السوري.
رابعا” زيادة رصيده على المستوى الداخلي الروسي قبيل خوض الانتخابات الرئاسية الأخيرة لبوتين وتسجيل أعلى نتائج محتملة.
بوتين الذي فرض نفسه بواجهة الدبلوماسية الروسية المكثفة تكبد مسؤولية متابعة الملف السوري بشكل شخصي لقطف ثمار مبادرته بعد ضمان تأمين الظروف الموضوعية مع الأطراف المؤثرة لتفادي النقص الذي اعترى اجتماع الدول الضامنة لأستانة في سوتشي 22 من الشهر الفائت.
ففي أنقرة من المتوقع إن يقدم بوتين تعهدات تخفف من وتيرة الانزعاج التركي ضمن شقين:
الأول: ضمان الأمن القومي التركي عبر نشر قوات للشرطة العسكرية الروسية أو القوات المتفق عليها ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة مايسمى /وحدات حماية الشعب الكردية / شرق سورية وهي أحد النقاط التي تضمنت اتفاقه مع ترامب في فيتنام، وتقديم التبريرات للاحتجاج التركي على الدعم الذي قدمته القوات الروسية لعمليات “قوات سورية الديمقراطية” ضد تنظيم داعش على ضفة الفرات الشرقية.
ثانيا”وضع نقاط مشتركة تشكل برنامج عمل حول أستانا القادم ومؤتمر سوتشي بما في ذلك الالتزام بمناطق خفض التوتر وبخاصة في إدلب وانتقاء الاطراف الأطراف المشتركة في مؤتمر الحوار الوطني وجدول أعماله.
بينما ينصب اهتمام الرئيس بوتين في مباحثاته مع الجانب المصري على دعوة القاهرة للعب دور أكبر في دفع العملية السياسية وضمان تنفيذ مناطق خفض التوتر بمنطقتي الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي عبر المشاركة المصرية ضمن قوات المراقبة.
من الواضح أن مايحدث من تطورات متسارعة لم تحل أمام إرادة الدبلوماسية الروسية في شق طريقها لتعبيد الطريق نحو إنجاح العملية السياسية في سوتشي، ومن الواضح أيضا” إن سوتشي لايراد لها أن تكون على غرار جنيف سلسلة لقاءات معقدة وساحة اشتباك ..بل نواة اتفاق حول برنامج عمل وطني يجمع عليه السوريين ويحصل على تطبيع من قبل المجتمع الدولي في أروقة جنيف.

التعليقات معطلة.