بتجاوز سرعة الطائرة 343 متراً في الثانية، أو حوالي 1235 كيلومتراً في الساعة، تكون قد اخترقت حاجز الصوت، محدثةً ما يُعرف باسم «الانفجار الصوتي»، الذي يؤدي إلى اهتزاز المباني أو تحطم النوافذ.وهذا هو ما فعلته الطائرات الحربية الإسرائيلية فوق العاصمة اللبنانية بيروت مرات عديدة، أحدثها مساء أمس الأول، السبت، ما أثار حالة من الرعب، لم تمنع بعض اللبنانيين من تصوير تلك الطائرات ونشر مقاطع فيديو لها على شبكات التواصل الاجتماعي!
المواجهات، أو المناوشات، بين دولة الاحتلال و«حزب الله» اللبناني، لم تتوقف منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وإنْ تغيّرت مستويات التصعيد فيها من يوم إلى آخر، أو من ساعة إلى أخرى. كما لم تختلف التهديدات التي أطلقها الحزب، المدعوم من إيران والموالي لها، بعد اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، أواخر الشهر الماضي، عن تلك التي أطلقها بعد اغتيال طالب عبدالله، أبوطالب، القيادي في الحزب، في يونيو (حزيران) الماضي. لكن ما اختلف الآن هو قيام الولايات المتحدة بتعزيز وجودها العسكري في المنطقة، «لتخفيف احتمالات أي تصعيد إقليمي من جانب إيران» أو وكلائها، إضافة إلى إعلان الحكومة اللبنانية، الجمعة، عن ترحيبها، تأييدها ودعمها، لمضمون البيان المشترك الصادر عن قادة مصر والولايات المتحدة وقطر.
في بيان، أعلنت الحكومة اللبنانية عن ترحيبها بالبيان المشترك، الذي أكد ضرورة وضع حد فوري لمعاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، وأكدت أن «ما تضمنه بيان القادة الثلاثة يجسد رؤية لبنان لخفض التصعيد في المنطقة ونزع فتيل اشتعال حرب إقليمية شاملة، انطلاقاً من خطوة أولى أساسية هي الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة». وتقدمت الحكومة اللبنانية بالشكر «لقادة الدول الثلاث على الجهود الكبيرة التي يبذلونها لإيقاف دوامة العنف في المنطقة»، وشدّدت على «ضرورة ممارسة أقصى الضغوط على إسرائيل لإلزامها بالجلوس إلى طاولة المفاوضات وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2735، دون أي تأخير، بصفتها الجهة التي تسعى للتصعيد وتضع العراقيل أمام التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة».
المهم، هو أن الطائرات الحربية الإسرائيلية، التي اخترقت حاجز الصوت، شوهدت، مساء أمس الأول، السبت، بالعين المجردة، وهي تحلّق على ارتفاع متوسط، في بعبدا، شرق بيروت، فوق القصر الرئاسي اللبناني، المهجور منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، في أكتوبر 2022، بالتزامن مع إعلان «حزب الله» عن قيامه بشنّ هجوم «بأسراب من المسيّرات الانقضاضية» على قاعدة عسكرية في شمال إسرائيل، رداً على اغتيال جيش الاحتلال سامر الحاج، قائد القوة العسكرية لحركة «حماس» في مخيم عين الحلوة، بغارة جوية استهدفت سيارته في مدينة صيدا بجنوب لبنان.
خطوة متهورة واحدة، إساءة تقدير واحدة، قد تؤدي إلى كارثة تتخطى حدود الخيال، بوصف، أو ترجيح، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي رأى، في يونيو(حزيران) الماضي، أن الوقت قد حان للتعقل والانخراط العملي والواقعي من الأطراف في السبل الدبلوماسية والسياسية المتاحة لهم، وشدّد على ضرورة أن يعيد الطرفان الالتزام بالتطبيق الكامل لقـرار مجلس الأمن رقم 1701، وهنا قد تكون الإشارة مهمة إلى أن هذا القرار، الذي أصدره مجلس الأمن في 12 أغسطس 2006، وأوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، أرسى وضعاً قانونياً على الحدود، بين لبنان وفلسطين المحتلة، غير أن دولة الاحتلال انتهكته مئات المرات، وقامت بطلعات جوية وقتلت وخطفت مدنيين لبنانيين، بحسب 52 تقريراً أصدرتها الأمم المتحدة.
أخيراً، ومع تزايد حدّة التوتر في لبنان، وفي المنطقة إجمالاً، ظهرت لوحات إعلانية، في شوارع بيروت، تحمل شعارات من عينة «بيكفّي- تعبنا»، «ما بدنا حرب»، ونقلت جريدة «الشرق الأوسط» السعودية عن «قيادي في المعارضة اللبنانية»، أن هذه الشعارات «تمثّل رأى السواد الأعظم من الشعب اللبناني، بكل طوائفه ومناطقه وانتماءاته»، لافتاً إلى أن «الضحايا الذين يُقتَلون جراء العمليات الإسرائيلية، يسقطون قرابين على مذبح المشروع الإيراني، وليس على طريق القدس أو دفاعاً عن فلسطين».
بيروت.. وحاجز الصوت!
التعليقات معطلة.