الدكتور محمد بكر
أن يقول يوسي يهوشع فيما كتبه في صحيفة يديعوت أحرونوت أن أفضل كتّاب الخطابات في إسرائيل لن يصيغوا خطاباً ضد حزب الله وإيران أفضل مماقاله سعد الحريري أثناء الإعلان عن استقالته من الرياض، فهذا يعني أن قرار الاستقالة لم يكن فقط بقرار سعودي بل كان مصنوعاً على العين الإسرائيلية أيضاً.
الجنرال احتياط عميدرور وفي تصريح لهآرتس قال أنه بعد سيطرة الأسد واستعادته لمساحات واسعة من الجغرافية السورية، تبلور واقع جديد يقتضي معه أن ترسم إسرائيل خطوط حمراء مضيفاً أن ما سماها الدبلوماسية الإسرائيلية نجحت في التأسيس لوضع تتفهم معه روسيا المصالح الإسرائيلية وضرورة تحرك إسرائيل في الشمال فيما لو تهددت هذه المصالح.
اليوم، تحسم الرؤية الإسرائيلية جزئية أن مصالحها باتت مهددة أكثر من أي وقت مضى، وتتوالى التقييمات الصادرة من أكثر من جهة بحثية أو سياسية أو أمنية، بأن ردع حزب الله لم يؤت ثماره، وكل المأمول الإسرائيلي وتعويله على نتائج مثالية من انشغال وقتال الحزب في جبهة سورية كان بخلاف المتوقع.
استقالة الحريري ستكون البوابة لعبث إسرائيلي في لبنان، ابتداءً من البناء على جملة الاختلافات المذهبية والعرقية في الداخل اللبناني، وصولاً للسقف الأعلى المتمثل بمواجهة عسكرية مع الحزب، من هنا نقرأ ونفهم ماقاله المستشار الأسبق للأمن القومي الإسرائيلي عوزي عراد بأن ماسماه “التمدد الشيعي” في سورية والعراق يشكل قلقاً أكبر من الاتفاق النووي الإيراني، وهذا ماسيقود لما سماه الاحتكاك المؤدي لثوران بركاني، ولاسيما بعد جملة المفرزات التي استولدها الميدان السوري في التلاقي مع القوات العراقية على الحدود، والمضي نحو البوكمال التي باتت تبعد فقط 30 كم عن الجيش السوري وحلفائه.
نخالف السيد حسن نصر الله بأنه لا شيء يدعو للقلق من خطوة الحريري، وإن المشهد الحاصل يحتاج للانتظار لكي تتضح الصورة، فالصورة شديدة الوضوح وإن الحسابات الإسرائيلية تدفع في اعتقادنا للعبث في الداخل اللبناني لجر الحزب لقتال داخلي يفعل ماعجز عنه استدراج الحزب لجبهة سورية، وإن بداية مشروع محمد بن سلمان لنقل المعركة للداخل الإيراني قد انطلقت، ومنصة هذا الانطلاق سيكون لبنان، لأن أصحاب هذا المشروع وجدوا ربما في هذه البداية أقل تكلفة من نقلها مباشرة للساحة الإيرانية.
اتصال الملك سلمان بالرئيس الأميركي والحديث عن مكافحة الإرهاب، ربما يشكل الحصول على مصادقة أميركية للتوجه السعودي الإسرائيلي الجديد من ميدان لبنان، والكرة باتت في ملعب الحزب وحلفائه، وإن كثيراً يتكاثر في المشهد السياسي يدعو للقلق، لكنه فرصة لإعادة ماشوهته السبع سنوات الماضية، وإن سلوكاً على قاعدة ( الغداء بهم قبل عشائهم بنا) يغدو أجمل وأشد إلحاحاً، فما يحصل سيكون آخر المعارك ونتائجه ستحسم شكل المنطقة.
بين الاحتكاك وثوران البركان.. الأيادي الإسرائيلية في لبنان
التعليقات معطلة.