بقلم: السفير قوه وي*
يهدد وباء الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا المستجد الذي يتفشى في أنحاء العالم حياة شعوب العالم وسلامتها كما يعطل سير الأعمال السياسية والاقتصادية والاجتماعية. يعد وباء كورونا معركة غير مسبوقة تخوضها البشرية ضد الأمراض المعدية. إزاء وباء كورونا بكونه عدوا مشتركا للبشرية جمعاء واسترشادا بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، تعمل الصين يدا بيد مع دول العالم، مما يحشد الجهود الجبارة المتضافرة للتعاون والتضامن حتى التغلب على الوباء، ويشدد نغمة العصر لتقاسم السراء والضراء وتجاوز الصعاب والجائحة.
طرحت الصين مبادرة التعاون الدولي لمكافحة الوباء. انطلاقا من بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، أشار الرئيس شي جينبينغ إلى أن الوباء لا يعرف حدودا وعرقا، فلا يستطيع المجتمع الدولي هزيمته إلا بالجهود المتضافرة. في الفترة ما بين يناير وأبريل، بذل الرئيس شي جينبينغ جهودا مكثفة للتشاور مع رؤساء كافة الأطراف حول سبل مكافحة الوباء، قام بعقد الاجتماع أو إجراء مكالمة هاتفية مع أكثر من 30 قادة دول العالم ومسؤولي المنظمات الدولية، وبعث برقيات المواساة إلى قادة أكثر من 10 دول أو المنظمات الدولية، معربا عن رغبة الصين الصادقة في التضامن مع المجتمع الدولي بروح الفريق الواحد، كما طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة مهمة ذات أربع نقاط خلال حضوره للقمة الافتراضية الاستثنائية لقادة مجموعة الـ20 لمكافحة الوباء، تتمثل في الخوض في المعركة العالمية الحاسمة ضد الوباء بكل حزم وإجراء التعاون الدولي الفعال في الوقاية والسيطرة والدعم الكامل لدور المنظمات الدولية وتعزيز التنسيق للسياسات الاقتصادية الكلية الدولية، الأمر الذي حدد الاتجاه للتعاون الدولي وصحح مساره لمواجهة الوباء، وحظي بالتقدير العالي من المجتمع الدولي بما فيه دولة فلسطين.
تدعم الصين دول العالم بكل وسعها لمكافحة الوباء. أشار الرئيس شي جينبينغ إلى أن الجانب الصيني لا يحافظ على صحة الشعب الصيني وسلامته فقط، بل يبادر إلى اضطلاع مسؤولية حماية أمن الصحة العالمية العامة. منذ اندلاع الوباء، سرعان ما تتعاون الصين بشكل وثيق مع منظمة الصحة العالمية والدول المعنية وتبرعت الصين بـ50 مليون دولار أميركي للمنظمة. كما قامت الصين بنشر معلومات الوباء في اللحظة الأولى، واكتشفت وتقاسمت التسلسل الجيني للفيروس على وجه السرعة، كما تقاسمت مع كافة الدول كل ما في الجعبة من الخبرات حول الوقاية والسيطرة والتشخيص والعلاج، وأنشأت مركزا إلكترونيا لمعلومات الوقاية والسيطرة مفتوحا لجميع الدول، لغاية يوم 12 إبريل، عقدت الصين 83 اجتماعا افتراضيا بين الخبراء الأطباء من 153 دولة لتبادل الآراء على نحو معمق مع كافة الأطراف حول كيفية مواجهة الوباء وهزيمته، وأرسلنا 14 فريقا للخبراء الأطباء إلى 12 دولة، بما فيه إيران والعراق وإيطاليا وغيرها. في هذا السياق، قدمت الصين حكومة وشعبا لأكثر من 140 دولة ومنظمة دولية دفعات من المستلزمات الطبية التي تحتاج إليها بشكل ملح. بين يوم 1 مارس و10 إبريل، صدّرت الصين نحو 7.12 مليارات كمامة و55.57 مليون لباس واق و3.59 مليون مقياس الحرارة بالأشعة تحت الحمراء و20.1 ألف جهاز التنفس و13.69 مليون نظارة واقية.
تعارض الصين أي شكل “الوصم” من أشكاله. أشار الرئيس شي جينبينغ إلى أن الأمراض المعدية الخطيرة عدو للبشرية جمعاء، فأكثر ما يحتاج إليه المجتمع الدولي هو ترسيخ الثقة وتضافر الجهود لمواجهته. في الوقت الحاضر، يقوم بعض الساسة الغربيون بوصم الصين لدواع مصالحهم الأنانية بغية تبرير المشاكل والتناقضات في داخل مجتمعاتهم في محاولة نقلها إلى الآخرين. إذ أن جهود الصين للتغلب على الوباء حظيت بتقدير منظمة الصحة العالمية ومعظم دول العالم، لا يجوز لأي قوة تشويهها وتحريفها، وسيقيمها التاريخ بشكل موضوعي وعادل في نهاية المطاف. في حالة أزمة الوباء، يعد فيروس سياسي أخطر من فيروس كورونا، إذا أرادت البشرية هزيمة الوباء، فتحتاج إلى الثقة والتضامن والتعاون، بدلا من الرعب والانقسام والتنصل من المسؤولية. إن الصين تعارض بحزم ربط الفيروس بالدول المعنية وتسييس أعمال الوقاية والسيطرة ووصم الدول المعنية.
إن دولة فلسطين صديق صدوق وشريك جيد للصين، بينما يدعم الجانب الصيني بثبات قضية الشعب الفلسطيني العادلة ويؤيد الشعب الفلسطيني لمكافحة الوباء استرشادا بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية وعلى أساس الصداقة التقليدية الصينية الفلسطينية. في الوقت الذي تزداد ضغوط فلسطين لمكافحة الوباء، شارك الجانب الصيني شعورها وقام برد الجميل، حيث رتب مؤتمرات بالفيديو مع الجانب الفلسطيني لتقاسم كل ما لديه من خبرات مكافحة الوباء، وشاركته الملفات الفنية عن معلومات الوقاية من الوباء والسيطرة عليه وخطة العلاج، إلى جانب الإجابة على الهموم والأسئلة من الأطباء الفلسطينيين بكل دقة. كما تبرعت حكومة الصين وكبير رجال أعمالها طقم الاختبار وملابس واقية وكمامات وغيرها من المستلزمات الطبية إلى فلسطين في اللحظة الأولى رغم صعبات النقل الدولي والطلب الكبير عليها في داخل الصين، الأمر الذي ساهم في تخفيف حدة الحاجة الملحة الى هذه المستلزمات في فلسطين. مثلما تقول القصيدة الصينية إن الصداقة لا تأثرها المسافة والإخاء رغم ملايين الأميال. إن الصين مستعدة لمواصلة تقديم الدعم المادي والعقلي بقدر الإمكان لفلسطين في سبيل الانتصار جنبا الى جنب في المعركة ضد الوباء.