اقتصادي

تحفيز الشراكات مع القطاع الخاص… تشريع إماراتي بـ10 أهداف

مقر وزارة المالية الإماراتية.

محمد خالد

“قيادات دولة الإمارات دائماً قريبون من القطاع الخاص.. إذا نظرنا للسياسات الاقتصادية، لا سيما في آخر 3 سنوات، كانت تصب في مصلحة القطاع الخاص ونموه”.. هذا ما أكده وزير الاقتصاد الإماراتي عبدالله بن طوق المري، في تصريحات إعلامية أخيراً على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي، في دافوس.

يأتي ذلك فيما تعكس تركيبة الوفد الإماراتي المشارك في أعمال المنتدى، والذي يغلب عليه المشاركون من القطاع الخاص، إيمان الإمارات بطبيعة الدور الذي يلعبه القطاع بشكل فاعل ورئيسي في الاقتصاد الوطني، حتى أن وزير الاقتصاد أكد في تصريحاته حرص الحكومة على وضع تنبؤات ودراسات استشرافية مستقبلية بخصوص التحديات العالمية وبنائها مع القطاع الخاص؛ من أجل تبني استراتيجيات التعامل مع تلك التحديات.

وبالتزامن مع تلك الإشارات التي بعث بها الوفد الإماراتي المشارك في دافوس، وفي خطوة عملية مؤكدة العلاقة التكاملية بين القطاعين، أصدرت وزارة المالية، الخميس، قانوناً اتحادياً يحمل الرقم (12) لسنة 2023، بشأن تنظيم الشراكة بين القطاعين العام الاتحادي والخاص، وهو القانون الذي أصبح نافذ المفعول اعتباراً من تاريخ 1 كانون الأول (ديسمبر) 2023، ويتضمن كذلك ضوابط مشاركة القطاع الخاص في المشاريع الاستراتيجية.   

قانون جديد

ومن شأن ذلك التشريع تنظيم علاقة الشراكة بين القطاعين، وبما يُحقق العديد من الأهداف الرئيسية؛ وعلى رأسها عشرة أهداف أساسية، يُمكن استخلاصها من بيان وزارة المالية ونص القانون الجديد، طبقاً لما أوردته وكالة الأنباء الرسمية، وهي على النحو التالي:

– تسهم عملية تنظيم الشراكة بين القطاعين في تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في المشاريع التنموية والاستراتيجية.

– زيادة الاستثمار في المشاريع ذات القيمة الاقتصادية والاجتماعية والخدمية التي ينفذها القطاع العام الاتحادي.

– تمكين الحكومة من تنفيذ مشاريعها الاستراتيجية بكفاءة وفاعلية.

– استفادة الحكومة من الطاقات والخبرات المالية والإدارية والتنظيمية والفنية والتكنولوجية المتوفرة لدى القطاع الخاص، بما يمكّن المجتمع من الحصول على أفضل الخدمات وبما يحقق أفضل قيمة مقابل التكلفة.

– زيادة الإنتاجية وتحسين جودة الخدمات العامة، مع ضمان إدارة فاعلة لتطوير تلك الخدمات.

– نقل المعرفة والخبرة من القطاع الخاص إلى الجهات الاتحادية، وتدريب وتأهيل موظفي الجهات الاتحادية في الدولة على إدارة وتشغيل المشاريع.

– تنفيذ المشاريع التي توفر قيمة مضافة للمال العام.

– تقليل أعباء المخاطر المالية والتشغيلية عن الحكومة التي قد تترتب على تنفيذ المشاريع.

التحول في إدارة بعض مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة من التنفيذ وفقاً لسياسات معتمدة وبضوابط لتحقيق الجودة.

– تحفيز القدرة التنافسية للمشاريع في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية.

تعزيز الاقتصاد الوطني

وفي تصريحات خاصة لـ”النهار العربي”، يشير الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، جمال بن سيف الجروان، إلى أن إصدار قانون اتحادي لتنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص يعد “خطوة هامة نحو تعزيز التعاون والشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في الدولة”.

ويُتوقع أن يسهم هذا القانون في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة من خلال تحقيق الفائدة المشتركة لكل من القطاع العام والقطاع الخاص وتحقيق التنمية المستدامة في الدولة.

ويعكس هذا القانون التزام الحكومة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز الشراكة والتعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص في البلاد. ومن خلال توفير الإطار القانوني الملائم، ومن خلال هذه الفوائد، يتبين أن القانون له تأثير كبير في تطوير الاقتصاد الوطني والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة في الدولة.

أهمية القانون

ويشدد الجروان على أن أهمية هذا القانون تكمن في نقاط رئيسية عدة، على النحو الآتي:

تعزيز الشراكة: يسهم هذا القانون في تعزيز الشراكة بين الحكومة والشركات الخاصة، ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتحديد فرص جديدة للتعاون مع القطاع الخاص وتنفيذ الأعمال والمشروعات ضمن مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

تحسين مناخ الاستثمار: يسهم القانون في تعزيز مناخ الاستثمار في الدولة من خلال توفير بيئة ملائمة ومحفزة للشركات الخاصة للمشاركة في مشاريع البنية التحتية والخدمات الحيوية.

تحفيز الابتكار والإبداع: يسهم القانون في تشجيع الشركات على الابتكار والإبداع في تقديم الخدمات والحلول التي تلبي احتياجات المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة.

إدارة فعالة للمشاريع: يعمل القانون على تحسين آليات إدارة المشاريع الحكومية بالتعاون مع الشركات الخاصة، بما يؤدي إلى زيادة كفاءة وفعالية استخدام الموارد وتقليل التكلفة.

تنمية الكفاءات: يسهم القانون في نقل التكنولوجيا والمعرفة من الشركات الخاصة إلى القطاع العام، ما يسهم في تطوير وتنمية الكفاءات والقدرات الوطنية.

رفع مستوى الخدمات العامة: من خلال تفعيل الشراكة بين القطاعين، يمكن تحقيق تحسين كبير في جودة الخدمات العامة التي يقدمها القطاع العام، وتحسين الكفاءة والفاعلية في تقديم هذه الخدمات.

اقرأ أيضاً: الإمارات الأولى عربياً في مؤشّر العمل العالمي 2024‏

آثار اقتصادية واسعة

ويوضح الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، في معرض تصريحاته لـ”النهار العربي”، أن آثار هذا القانون على اقتصاد الدولة قد تكون كبيرة وإيجابية، وبما يشمل:

زيادة الاستثمارات: من خلال تعزيز الثقة بين القطاع العام والخاص، من المتوقع زيادة الاستثمارات في الدولة، ما يسهم في زيادة نسبة النمو الاقتصادي.

تحقيق التوازن المالي: يسهم القانون في تحقيق التوازن المالي من خلال تحسين إدارة المشاريع وتقليل التكاليف الإدارية.

توفير فرص عمل: من خلال تنفيذ مشاريع جديدة وتحسين البيئة الاستثمارية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى خلق فرص عمل جديدة وتوسيع قاعدة العمل في الدولة.

تحسين البنية التحتية: تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص يمكن أن يسهم في تحسين البنية التحتية في الدولة وتوفير خدمات عالية الجودة للمواطنين والمقيمين.

تطوير القدرات المحلية: يمكن أن يسهم التعاون بين القطاعين في نقل التكنولوجيا وتطوير القدرات المحلية في مجالات مختلفة، ما يدعم التنمية المستدامة.

نقل المعرفة والتكنولوجيا: يمكن للشركات الخاصة نقل الخبرات والمعرفة التقنية والإدارية والتكنولوجية إلى الجهات الحكومية، ما يسهم في تطوير القدرات والكفاءات الحكومية في تنفيذ المشاريع بكفاءة.

تحسين الكفاءة والمرونة: من خلال تقديم الشركات الخاصة لمهاراتها وخبراتها، يمكن تحقيق تحسين في إدارة المشاريع وتقليل المخاطر المالية والتشغيلية عن الحكومة.

تعزيز القدرة التنافسية: سيعزز القانون القدرة التنافسية للمشاريع في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية، ما يسهم في تعزيز اقتصاد الدولة وزيادة فرص النمو.

ترشيد الإنفاق الحكومي: بفضل تقليل أعباء المخاطر وتحسين إدارة المشاريع، يمكن التحول في إدارة بعض المشاريع الحكومية لتحقيق الجودة والكفاءة بتكاليف أقل.

أحكام القانون

وتسري أحكام القانون الجديد المذكور على أي مشروع شراكة ممول كلياً أو جزئياً من القطاع الخاص ويتم طرحه من جهة اتحادية.

وحدد القانون العقود والمشاريع والجهات المستثناة من تطبيق أحكامه في المادة الرابعة منه، والتي تشمل عقود الشراكة التي أبرمت قبل سريانه بما لا يتعارض مع أحكام المادة (32) من هذا القانون، وتعهيد الخدمات المحددة بدليل مشاريع الشراكة، والمشاريع التي تقل قيمتها عن الحد المالي المنصوص عليه في دليل مشاريع الشراكة، ومشاريع خصخصة الأصول والخدمات العامة، وعقود التوريد والمشتريات المتعلقة بالأمن الوطني المحددة في دليل مشاريع الشراكة، والجهات الاتحادية والقطاعات والمشاريع التي يتم استثناؤها بموجب قرار مجلس الوزراء.

مشاريع استراتيجية

من دبي، يقول الخبير والمحلل المالي والاقتصادي، وضاح الطه، في تصريحات خاصة لـ “النهار العربي”، إن هذا القانون من شأنه تسهيل وتفعيل التعاون الاستراتيجي بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص بدولة الإمارات، ويؤدي بدوره إلى إمكانية تنفيذ مشاريع استراتيجية من قبل القطاع الخاص، وبما يسرع من عملية النمو الاقتصادي وأيضاً يسهم في تنشيط القطاع الاقتصادي.

ورفعت دولة الإمارات –بحسب المصرف المركزي- توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي في العام 2024 إلى 5.7 في المئة، وذلك مقارنة بالتوقعات السابقة عند 4.3 في المئة. وتشير تقديرات المصرف للنمو في العام 2023 إلى نسبة 3.1 في المئة.

وكان وزير الاقتصاد الإماراتي، قد ذكر في تصريحاته  على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي، أن بلاده تستهدف نمواً يصل إلى 7 في المئة سنوياً من أجل مضاعفة الاقتصاد الوطني بحلول العام 2031، في الوقت الذي تشير فيه تقديرات مؤسسات دولية، من بينها البنك الدولي، إلى معدلات نمو ما بين 5 و6 في المئة.

وبالعودة لحديث الطه، فإنه يشدد على أن القانون الجديد من شأنه المساعدة بشكل كبير في زيادة النمو الاقتصادي في البلاد، مشيراً إلى ما تضمنه القانون بشأن عملية مشاركة القطاع الخاص في المشاريع الاستراتيجية، مع فرض معايير معينة يتعين عليه الالتزام بها، وهو ما يعكس عملية تطويرية واسعة للقطاع الخاص.

ويضيف المحلل المالي والاقتصادي من دبي: “هناك رؤية اقتصادية للحكومة في الإمارات تسعى لتسريع تحقيقها؛ أهم بنودها تنويع مصادر الدخل ومساهمة القطاعات المختلفة في الناتج المحلي الإجمالي، ضمن الاستراتيجيات الخاصة بزيادة مساهمة الأنشطة غير النفطية، وبما يسهم في تعزيز وترسيخ هذه الرؤية”.

ويُشار في هذا السياق إلى أن القطاع الخاص غير النفطي قد سجل في كانون الأول (ديسمبر) الماضي زيادة واسعة في الإنتاج والطلبات الجديدة، بحسب بيانات مؤشر مديري المشتريات الصادر عن “إس آند بي غلوبال”، والذي سجل ارتفاعاً بـ 57.4 نقطة الشهر الماضي (بما يشكل ثاني أعلى قراءة منذ أكثر من أربع سنوات).

مؤشر العمل العالمي

وفي سياق متصل، وفي ظل البيئة الاقتصادية بالدولة، تصدرت الإمارات المرتبة الأولي عربياً في مؤشر العمل العالمي 2024، الصادر عن شركة الاستشارات العالمية “وايتشيلد” بالتزامن مع انعقاد منتدى دافوس.

ووفق تقرير صادر عن الشركة، فإن الإمارات سجلت أعلى معدل لمرونة أسواق العمل في المنطقة العربية، تليها المملكة العربية السعودية انطلاقاً من سعيها لتنويع اقتصادها والارتقاء بمهارات قوتها العاملة.

يأتي ذلك فيما تصدرت الدول الأوروبية قائمة أسواق العمل الأكثر مرونةً، وعلى رأسها سويسرا، إضافةً إلى سنغافورة باعتبارها الدولة الوحيدة المتصدّرة من خارج أوروبا.

وسلط تقرير الشركة الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه أسواق العمل، والمرتبطة بمخاطر الاحتباس الحراري وضرورة التحوّل نحو مستقبل مستدام على مستوى العالم، وأظهر استجابة الدول لهذه التحوّلات من خلال تعديل التشريعات وأُطر السياسة لتعزيز جوانب الاستدامة، مع التركيز بشكل رئيسي على ضرورة بناء أسواق عمل متينة وشاملة.