أ . محمد بن سعيد الفطيسي
التغيير المتسارع في مؤشرات التوازنات الدولية . سواء كان ذلك من خلال التقلبات المتزايدة في حركة الدخول والخروج الحاصل في موازين القوى من الناحية الكيفية . او عبر ارتفاع سقف اعداد اعضاء المنظومة الدولية بمختلف احجامها لامتلاك القوة , يعد من ابرز المؤشرات على ما يطلق عليه بتشظي الهياكل البنيوية للنظام العالمي القائم اليوم . والذي نلاحظ انه يتجه الى توزيعات جديدة للقوة وتقسيماتها على رقعة الشطرنج الدولية من جهة , وتطبيقات مختلفة لسياسات توازن القوى من جهة اخرى .
يضاف الى ذلك ان تلك المؤشرات تعد دليل واضح على تعاظم مخاوف الكثير من الدول من انفلات النظام العالمي في وقت من الاوقات , والتي ادت بدورها الى احداث اضطراب وفراغ جيوسياسي وحدوث فوضى وتراجع في الاستقرار والامن العالمي . – بداية هذا التراجع انطلقت مع احداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001م – مع خشية من انتهاك سيادة العديد من الدول التي لا تملك خارطة مستقبلية لكيفية التعامل مع تلك الاوضاع والمتغيرات الحديثة . سواء لضعف انظمتها السياسية , او لانعدام رؤيتها المستقبلية . ما يؤدي بدوره الى عدم قدرتها على التكيف او النفاذ عبر مسارات التغيير فائق القوة والكثافة .
اما من جهة اخرى فسيؤدي الى بروز قوى اقليمية جديدة وتراجع اخرى , وما يتبع هذا التغيير من صراعات وانتهاكات وامتيازات وتحولات مؤثرة في قوة الدول ونفوذها ومكانتها الجيوسياسية الدولية. عبر ادوات سياسة سيغلب عليها الطابع الصلب والعسكري . والمتتبع لتلك المؤشرات خلال العقد الثاني من القرن 21 يجد تركيز واضح في توزيعات وتطبيقات ذلك التسارع في ميزان التوازن الدولي لها في منطقة الشرق الاوسط تحديدا. عبر سيناريوهات تغيير وتأثير جيوسياسية تقودها بعض القوى الدولية والقارية والإقليمية منذ عبور النظام الدولي ذو الصبغة ” الاحادية القطبية “والذي تسيدته الولايات المتحدة الاميركية منذ مطلع العام 1990م بشكل مطلق نقطة الصفر التاريخية في العام 2001م .
والملاحظ ان مسارات التغيير والتأثير تمتد كما هو واضح من وجهة نظري على رقعة الشطرنج الشرق اوسطية عبر مسار يمتد من روسيا , مرورا بتركيا والسعودية وإيران والهند . وتنتهي بالتنين الصيني .لذلك ( فان تصرف اي دولة – خصوصا تلك الدول – يؤثر في الدول الاخرى , واذا كان هذا صحيحا في الماضي فقد اصبح الان واضحا جليا ويحس به كل الناس تقريبا بسبب التطورات التي حدثت في مجالات الثورة الاتصالية والتأثير والتأثر بين الدول اصبح كبيرا جدا , وهذا ما يسمى بالمفهوم السياسي بمنطق الاعتمادية , والذي يعني ان ما تفعله امة ما يؤثر في باقي الامم في النظام ذاته )([1])
على ضوء ذلك سيكون من المؤكد والطبيعي حصول تأثير عميق ومباشر . وتداعيات لا شك انها لن تأخذ في الحسبان مسالة الهدوء السياسي العماني المعهود , والذي حافظت عليه سلطنة عمان لسنوات طويلة , ومساعي السياسة الخارجية العمانية للابتعاد عن مسار العواصف والاضطرابات السياسية التي يشهدها الشرق الاوسط منذ العام 2001م , والتي ستنعكس بكل قوة على مسارات تشكيل العقد الثالث من القرن 21 وبالتالي على خارطة الامن والاستقرار لسلطنة عمان من جهة , وعلى تلك الاصطفافات والتوجهات السياسية والجيوسياسية من جهة اخرى . وذلك لأسباب عديدة ومختلفة انطلاقا من مبدا وقاعدة الاعتمادية والتأثير المتبادل بين الدول , ومن ابرز تلك الاسباب :-
1- تأثير الموقع المحوري لسلطنة عمان :- ([2]), والذي مكنها من كسب العديد من الاوراق الرابحة , فهو من جهة رفع من مكانتها الجيوسياسية والجيواستراتيجية وكذلك قدرتها على المناورة والناي بالنفس بعيدا عن مسارات التغيير والتأثير الى حد بعيد على خارطة الشرق الاوسط الى الان على اقل تقدير . الا انه ومن جهة اخرى اثر على طموحات وتوجهات ومصالح العديد من اللاعبين الدوليين سواء القوى القطبية او القارية او الاقليمية على خارطة الشرق الاوسط . الامر الذي سيصعب استمراره خلال المرحلة الزمنية القادمة . فمن وجهة نظر بعض اللاعبين الدوليين ان تلك المكانة الجيوسياسية للسلطنة تعد عائق امام استقرار مصالحها الجيوسياسية وطموحاتها السياسية خصوصا في المحيط الجغرافي الذي تشغله سلطنة عمان , حيث تتداخل مصالح هذه الاخيرة مع مصالح اولئك اللاعبين الدوليين والاقليميين.
2- عدم الاستقرار في العلاقات العمانية الخليجية : يجب الاعتراف بوجود نوع من الاختلاف الطبيعي في وجهات النظر بين سلطنة عمان وبعض دول المنطقة بسبب تباين وتقاطع الحسابات العمانية حيال بعض القضايا الجيوسياسية والامنية التي تتداخل ومصالح تلك الدول على رقعة الشطرنج الشرق اوسطية .خصوصا ان سلطنة عمان قد تميزت خلال مراحل عديدة من تاريخها السياسي المعاصر بأسلوب يغلب عليه البراغماتية السياسية او ما يطلق عليه بالحياد الايجابي. والتي لم تتماشى . اي تلك الحسابات مع توجهات ومصالح تلك الدول الى حد بعيد
الامر الذي بتصوري سيدفع تلك الدول الى الضغط السياسي على الحكومة العمانية خلال الفترة القادمة لتغيير بعض توجهاتها وسياساتها حيال العديد من القضايا الاقليمية تماشيا مع بعض سياسات وتوجهات القوى والاصطفافات الاقليمية, ولا يستبعد من وجهة نظري ان يتم دفعها سياسيا في مرحلة من المراحل الى خيارات صعبة ونقاط لا عودة فيها الى ما يطلق عليه بالحياد الايجابي . وهو ما يجب ان يتنبه اليه المقرر العماني سواء السياسي او الامني , وان يبدا من الان اعداد سيناريوهات قابلة للتنفيذ كتكتيك او إستراتيجية لمواجهة تلك الابعاد المرتقبة في العلاقة العمانية الخليجية .
3- العلاقة العمانية الايرانية : تشكل الموقف العماني من ايران بناء على عوامل كثيرة ومختلفة , منها ما هو جغرافي واخر تاريخي وسياسي واستراتيجي وكذلك ايديولوجي . رغم ان هذه العلاقة شهدت فترات متقلبة من الشد والجذب والمد والجزر , الا انها ومن ناحية اخرى خلقت نوعا من القلق المشوب بالتعصب القومي والديني لدى العديد من الاطراف على خارطة الشرق الاوسط , خصوصا تلك الدول تنظر الى ايران بنوع من الخشية وعدم الاريحية الجيوسياسية والايديولوجية بسبب ما يطلق عليه بالمشروع الفارسي في الشرق الاوسط . وبالتالي فان هذا التقارب بلا شك سيكون له الاثر العميق في مسارات العديد من العلاقات التبادلية بين سلطنة عمان والاعبين الفاعلين في منطقة الشرق الاوسط , خصوصا دول مجلس التعاون .
4- العلاقة العمانية التركية : تعد الورقة التركية من الاوراق الرابحة التي يمكن ان تقوي من النفوذ والمكانة الجيوسياسية لسلطنة عمان على خارطة الشرق الاوسط سواء كان ذلك من الناحية السياسية او الاقتصادية او حتى الامنية , خصوصا ان تركيا تعد لاعب محوري وقوة قارية سيكون لها مكانة جيوسياسية قوية خلال العقود القادمة من القرن الحادي والعشرين . الا ان هذه العلاقة ومن جانب اخر تعد مقلقة جدا للعديد من اللاعبين الفاعلين والقوى الاقليمية في الشرق الاوسط ومنطقة الخليج . وهو ما يجب ان تضعه الدولة العمانية في الحسبان .
5- استثنائيات السياسة الخارجية العمانية : حيث تنظر العديد من الدول الاقليمية الى الادوار العمانية الايجابية , والعلاقات الدولية الاستثنائية , وكذلك الاسلوب العماني في التعاطي مع تقاطعات المصالح والقضايا الدولية , بنوع من الحذر المشوب بالخوف والامتعاض والريبة من الدوافع العمانية من وراء هذه الأدوار على رقعة الشطرنج الشرق اوسطية. ( وذلك بعد ان ابدى الغرب والولايات المتحدة الاميركية اهتماما بالدور العماني , وخاصة عندما اغلقت قنوات الاتصال بإيران عدا القناة العمانية , تماما كما سبق ان احتفظت السلطنة باتصالاتها مع مصر بعد القطيعة العربية في اعقاب اتفاقيات كامب ديفيد)([3]), يضاف الى ذلك الدور العماني من الملف النووي الايراني وملف الصراع في اليمن على سبيل المثال لا الحصر .
يضاف الى ذلك كله ان تلك التحولات والمتغيرات سالفة الذكر . ستكون تحت رقابة وتأثير وتدخل القوى الدولية الاكثر تنافس ونفوذ وهيمنة على رقعة الشطرنج الشرق اوسطية وهي الولايات المتحدة الاميركية وروسيا والصين . الامر الذي سيفاقم من قضايا الاضطراب والفوضى , خصوصا ان تلك القوى ستعمل وفق اصطفافات مضادة لهيمنة بعضها البعض خلال المرحلة القادمة , ما سيجعلها تعمل على صناعة تقاربات جيوسياسية مع دول المنطقة الاكثر قوة ومكانة جيوسياسية , وبالتالي احتمالات الصدام والمواجهة واردة نتيجة تلك التحولات والتوجهات الكبرى في بنية النظام العالمي المتشكل , من نظام هو اقرب ما يكون الى التعددية القطبية الفضفاضة منه الى التعددية المحكمة .
فعلى سبيل المثال تؤكد معظم ( التوجهات السياسية والاقتصادية في بداية القرن الحادي والعشرين – متمثلا بان الولايات المتحدة الاميركية ما عادت قادرة على التطلع الى عالم مؤلف من اصدقاء واعداء دائمين – بات مقبولا جيوستراتيجيا بسبب توجهات اصبحت الات ناضجة على صعيد القدرة العسكرية , اضف الى ذلك ان التكهن بتحالفات اكثر هلهلة واقل جدارة بالثقة يعزز من حجج واراء انصار الثورة في الشؤون العسكرية الذين يقولون بضرورة جدارة ترسانة البلاد العسكرية بالتكنولوجيات الناشئة التي تتيح التحرك الاحادي )([4]) ما سيؤثر بدوره كذلك على خارطة الامن والاستقرار العمانية , كنتيجة طبيعة لقرب محيط الاضطراب والفوضى من الجغرافيا السياسية لسلطنة عمان من جهة , ولتداخل تلك الاصطفافات وتضارب المصالح العمانية حيال العديد من القضايا في منطقة الشرق الاوسط مع تلك القوى واولئك اللاعبين الكبار او الناشئين من جهة اخرى.
التغيير المتسارع في مؤشرات التوازنات الدولية . سواء كان ذلك من خلال التقلبات المتزايدة في حركة الدخول والخروج الحاصل في موازين القوى من الناحية الكيفية . او عبر ارتفاع سقف اعداد اعضاء المنظومة الدولية بمختلف احجامها لامتلاك القوة , يعد من ابرز المؤشرات على ما يطلق عليه بتشظي الهياكل البنيوية للنظام العالمي القائم اليوم . والذي نلاحظ انه يتجه الى توزيعات جديدة للقوة وتقسيماتها على رقعة الشطرنج الدولية من جهة , وتطبيقات مختلفة لسياسات توازن القوى من جهة اخرى .
يضاف الى ذلك ان تلك المؤشرات تعد دليل واضح على تعاظم مخاوف الكثير من الدول من انفلات النظام العالمي في وقت من الاوقات , والتي ادت بدورها الى احداث اضطراب وفراغ جيوسياسي وحدوث فوضى وتراجع في الاستقرار والامن العالمي . – بداية هذا التراجع انطلقت مع احداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001م – مع خشية من انتهاك سيادة العديد من الدول التي لا تملك خارطة مستقبلية لكيفية التعامل مع تلك الاوضاع والمتغيرات الحديثة . سواء لضعف انظمتها السياسية , او لانعدام رؤيتها المستقبلية . ما يؤدي بدوره الى عدم قدرتها على التكيف او النفاذ عبر مسارات التغيير فائق القوة والكثافة .
اما من جهة اخرى فسيؤدي الى بروز قوى اقليمية جديدة وتراجع اخرى , وما يتبع هذا التغيير من صراعات وانتهاكات وامتيازات وتحولات مؤثرة في قوة الدول ونفوذها ومكانتها الجيوسياسية الدولية. عبر ادوات سياسة سيغلب عليها الطابع الصلب والعسكري . والمتتبع لتلك المؤشرات خلال العقد الثاني من القرن 21 يجد تركيز واضح في توزيعات وتطبيقات ذلك التسارع في ميزان التوازن الدولي لها في منطقة الشرق الاوسط تحديدا. عبر سيناريوهات تغيير وتأثير جيوسياسية تقودها بعض القوى الدولية والقارية والإقليمية منذ عبور النظام الدولي ذو الصبغة ” الاحادية القطبية “والذي تسيدته الولايات المتحدة الاميركية منذ مطلع العام 1990م بشكل مطلق نقطة الصفر التاريخية في العام 2001م .
والملاحظ ان مسارات التغيير والتأثير تمتد كما هو واضح من وجهة نظري على رقعة الشطرنج الشرق اوسطية عبر مسار يمتد من روسيا , مرورا بتركيا والسعودية وإيران والهند . وتنتهي بالتنين الصيني .لذلك ( فان تصرف اي دولة – خصوصا تلك الدول – يؤثر في الدول الاخرى , واذا كان هذا صحيحا في الماضي فقد اصبح الان واضحا جليا ويحس به كل الناس تقريبا بسبب التطورات التي حدثت في مجالات الثورة الاتصالية والتأثير والتأثر بين الدول اصبح كبيرا جدا , وهذا ما يسمى بالمفهوم السياسي بمنطق الاعتمادية , والذي يعني ان ما تفعله امة ما يؤثر في باقي الامم في النظام ذاته )([1])
على ضوء ذلك سيكون من المؤكد والطبيعي حصول تأثير عميق ومباشر . وتداعيات لا شك انها لن تأخذ في الحسبان مسالة الهدوء السياسي العماني المعهود , والذي حافظت عليه سلطنة عمان لسنوات طويلة , ومساعي السياسة الخارجية العمانية للابتعاد عن مسار العواصف والاضطرابات السياسية التي يشهدها الشرق الاوسط منذ العام 2001م , والتي ستنعكس بكل قوة على مسارات تشكيل العقد الثالث من القرن 21 وبالتالي على خارطة الامن والاستقرار لسلطنة عمان من جهة , وعلى تلك الاصطفافات والتوجهات السياسية والجيوسياسية من جهة اخرى . وذلك لأسباب عديدة ومختلفة انطلاقا من مبدا وقاعدة الاعتمادية والتأثير المتبادل بين الدول , ومن ابرز تلك الاسباب :-
1- تأثير الموقع المحوري لسلطنة عمان :- ([2]), والذي مكنها من كسب العديد من الاوراق الرابحة , فهو من جهة رفع من مكانتها الجيوسياسية والجيواستراتيجية وكذلك قدرتها على المناورة والناي بالنفس بعيدا عن مسارات التغيير والتأثير الى حد بعيد على خارطة الشرق الاوسط الى الان على اقل تقدير . الا انه ومن جهة اخرى اثر على طموحات وتوجهات ومصالح العديد من اللاعبين الدوليين سواء القوى القطبية او القارية او الاقليمية على خارطة الشرق الاوسط . الامر الذي سيصعب استمراره خلال المرحلة الزمنية القادمة . فمن وجهة نظر بعض اللاعبين الدوليين ان تلك المكانة الجيوسياسية للسلطنة تعد عائق امام استقرار مصالحها الجيوسياسية وطموحاتها السياسية خصوصا في المحيط الجغرافي الذي تشغله سلطنة عمان , حيث تتداخل مصالح هذه الاخيرة مع مصالح اولئك اللاعبين الدوليين والاقليميين.
2- عدم الاستقرار في العلاقات العمانية الخليجية : يجب الاعتراف بوجود نوع من الاختلاف الطبيعي في وجهات النظر بين سلطنة عمان وبعض دول المنطقة بسبب تباين وتقاطع الحسابات العمانية حيال بعض القضايا الجيوسياسية والامنية التي تتداخل ومصالح تلك الدول على رقعة الشطرنج الشرق اوسطية .خصوصا ان سلطنة عمان قد تميزت خلال مراحل عديدة من تاريخها السياسي المعاصر بأسلوب يغلب عليه البراغماتية السياسية او ما يطلق عليه بالحياد الايجابي. والتي لم تتماشى . اي تلك الحسابات مع توجهات ومصالح تلك الدول الى حد بعيد
الامر الذي بتصوري سيدفع تلك الدول الى الضغط السياسي على الحكومة العمانية خلال الفترة القادمة لتغيير بعض توجهاتها وسياساتها حيال العديد من القضايا الاقليمية تماشيا مع بعض سياسات وتوجهات القوى والاصطفافات الاقليمية, ولا يستبعد من وجهة نظري ان يتم دفعها سياسيا في مرحلة من المراحل الى خيارات صعبة ونقاط لا عودة فيها الى ما يطلق عليه بالحياد الايجابي . وهو ما يجب ان يتنبه اليه المقرر العماني سواء السياسي او الامني , وان يبدا من الان اعداد سيناريوهات قابلة للتنفيذ كتكتيك او إستراتيجية لمواجهة تلك الابعاد المرتقبة في العلاقة العمانية الخليجية .
3- العلاقة العمانية الايرانية : تشكل الموقف العماني من ايران بناء على عوامل كثيرة ومختلفة , منها ما هو جغرافي واخر تاريخي وسياسي واستراتيجي وكذلك ايديولوجي . رغم ان هذه العلاقة شهدت فترات متقلبة من الشد والجذب والمد والجزر , الا انها ومن ناحية اخرى خلقت نوعا من القلق المشوب بالتعصب القومي والديني لدى العديد من الاطراف على خارطة الشرق الاوسط , خصوصا تلك الدول تنظر الى ايران بنوع من الخشية وعدم الاريحية الجيوسياسية والايديولوجية بسبب ما يطلق عليه بالمشروع الفارسي في الشرق الاوسط . وبالتالي فان هذا التقارب بلا شك سيكون له الاثر العميق في مسارات العديد من العلاقات التبادلية بين سلطنة عمان والاعبين الفاعلين في منطقة الشرق الاوسط , خصوصا دول مجلس التعاون .
4- العلاقة العمانية التركية : تعد الورقة التركية من الاوراق الرابحة التي يمكن ان تقوي من النفوذ والمكانة الجيوسياسية لسلطنة عمان على خارطة الشرق الاوسط سواء كان ذلك من الناحية السياسية او الاقتصادية او حتى الامنية , خصوصا ان تركيا تعد لاعب محوري وقوة قارية سيكون لها مكانة جيوسياسية قوية خلال العقود القادمة من القرن الحادي والعشرين . الا ان هذه العلاقة ومن جانب اخر تعد مقلقة جدا للعديد من اللاعبين الفاعلين والقوى الاقليمية في الشرق الاوسط ومنطقة الخليج . وهو ما يجب ان تضعه الدولة العمانية في الحسبان .
5- استثنائيات السياسة الخارجية العمانية : حيث تنظر العديد من الدول الاقليمية الى الادوار العمانية الايجابية , والعلاقات الدولية الاستثنائية , وكذلك الاسلوب العماني في التعاطي مع تقاطعات المصالح والقضايا الدولية , بنوع من الحذر المشوب بالخوف والامتعاض والريبة من الدوافع العمانية من وراء هذه الأدوار على رقعة الشطرنج الشرق اوسطية. ( وذلك بعد ان ابدى الغرب والولايات المتحدة الاميركية اهتماما بالدور العماني , وخاصة عندما اغلقت قنوات الاتصال بإيران عدا القناة العمانية , تماما كما سبق ان احتفظت السلطنة باتصالاتها مع مصر بعد القطيعة العربية في اعقاب اتفاقيات كامب ديفيد)([3]), يضاف الى ذلك الدور العماني من الملف النووي الايراني وملف الصراع في اليمن على سبيل المثال لا الحصر .
يضاف الى ذلك كله ان تلك التحولات والمتغيرات سالفة الذكر . ستكون تحت رقابة وتأثير وتدخل القوى الدولية الاكثر تنافس ونفوذ وهيمنة على رقعة الشطرنج الشرق اوسطية وهي الولايات المتحدة الاميركية وروسيا والصين . الامر الذي سيفاقم من قضايا الاضطراب والفوضى , خصوصا ان تلك القوى ستعمل وفق اصطفافات مضادة لهيمنة بعضها البعض خلال المرحلة القادمة , ما سيجعلها تعمل على صناعة تقاربات جيوسياسية مع دول المنطقة الاكثر قوة ومكانة جيوسياسية , وبالتالي احتمالات الصدام والمواجهة واردة نتيجة تلك التحولات والتوجهات الكبرى في بنية النظام العالمي المتشكل , من نظام هو اقرب ما يكون الى التعددية القطبية الفضفاضة منه الى التعددية المحكمة .
فعلى سبيل المثال تؤكد معظم ( التوجهات السياسية والاقتصادية في بداية القرن الحادي والعشرين – متمثلا بان الولايات المتحدة الاميركية ما عادت قادرة على التطلع الى عالم مؤلف من اصدقاء واعداء دائمين – بات مقبولا جيوستراتيجيا بسبب توجهات اصبحت الات ناضجة على صعيد القدرة العسكرية , اضف الى ذلك ان التكهن بتحالفات اكثر هلهلة واقل جدارة بالثقة يعزز من حجج واراء انصار الثورة في الشؤون العسكرية الذين يقولون بضرورة جدارة ترسانة البلاد العسكرية بالتكنولوجيات الناشئة التي تتيح التحرك الاحادي )([4]) ما سيؤثر بدوره كذلك على خارطة الامن والاستقرار العمانية , كنتيجة طبيعة لقرب محيط الاضطراب والفوضى من الجغرافيا السياسية لسلطنة عمان من جهة , ولتداخل تلك الاصطفافات وتضارب المصالح العمانية حيال العديد من القضايا في منطقة الشرق الاوسط مع تلك القوى واولئك اللاعبين الكبار او الناشئين من جهة اخرى.