تداعيات خفض العراق إنتاجه النفطي على كردستان

1

مراقبون يتوقعون تعقد صادرات الإقليم عبر “جيهان” التركي وآخرون يقللون من تأثيراته

جبار زيدان صحافي عراقي 

العراق سيخفض طوعياً إضافياً مقداره 211 ألف برميل يومياً اعتباراً من أول يناير المقبل (أ ف ب)

أعلنت وزارة النفط العراقية، أول من أمس الخميس، عن إضافة خفضها الطوعي لإنتاج النفط بمقدار 211 ألف برميل يومياً، مما يعطي مؤشرات إلى استبعاد إعادة استئناف إنتاج النفط في إقليم كردستان والبالغ أكثر من 450 ألف برميل يومياً، على رغم أن التصريحات التي تخرج من بغداد وأنقرة تؤكد قرب استئناف النفط الخام من إقليم كردستان العراق إلى تركيا مرة أخرى، إلا أنه تبدو أن الخلافات في هذا الملف لم تصل إلى مرحلة “الصفر”.

ويتوقع متخصصون في الشأن الاقتصادي العراقي أن التخفيض الطوعي سيعقد إمكانية عودة صادرات نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان خلال مدة التخفيض المقررة.

وفي نهاية مارس (آذار) الماضي أوقفت السلطات التركية تدفقات بلغت 450 ألف برميل يومياً عبر طريق التصدير في إقليم كردستان العراق المؤدي إلى ميناء جيهان بعد حكم أصدرته غرفة التجارة الدولية التي أجبرت بها أنقرة على دفع تعويضات إلى بغداد تبلغ نحو 1.5 مليار دولار عن الصادرات غير المصرح بها من قبل حكومة أربيل.

تخفيض طوعي

وقالت وزارة النفط العراقية في بيان لها إن “العراق سيخفض طوعياً إضافياً مقداره 211 ألف برميل يومياً، اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني) 2024، حتى نهاية مارس 2024 بالتنسيق مع بعض الدول المشاركة في اتفاق (أوبك+)”. وذكرت في بيانها أن “إنتاج العراق سيكون نحو 4.009 مليون برميل يومياً، حتى نهاية مارس 2024 وبعد ذلك، ودعماً لاستقرار السوق ستعاد كميات الخفض الإضافي هذه تدريجاً، بحسب أوضاع السوق”.

وأضافت الوزارة أن “هذا الخفض الطوعي يضاف إلى 211 ألف برميل يومياً، الذي سبق أن أعلنت عنه العراق في أبريل (نيسان) 2023، والذي سيستمر حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024”. وتابعت أن “هذا الخفض الطوعي الإضافي يأتي لتعزيز الجهود الاحترازية التي تبذلها دول (أوبك+) بهدف دعم استقرار أسواق البترول وتوازنها”.

لعبة السيادة

في المقابل أشار الباحث في مجال الطاقة دريد عبدالله إلى أن العراق خلال فترة الشهرين المقبلين سيلتزم الخفض الطوعي لحصته من الإنتاج وفق (أوبك+) بنسبة خمسة في المئة من إنتاجه الحالي لتصل نحو 220 ألف برميل يومياً، ومن خلالها ترتفع الأسعار وتصل واردات قد تسد حتى خسائر هذا الخفض.

وبحسب دريد، فيما لو صدرت كردستان النفط وباعت من خلال “جيهان” التركي لن تزيد نسبة البيع على ما بين 7 و7.5 في المئة من كل إنتاج العراق النفطي، إذ يعني أن إنتاج كردستان يوازي الخفض الطوعي للعراق الحالي والمستقبلي أو يساويه في داخل (أوبك+).

وتابع باحث الطاقة أن نوعية النفط الكردي الثقيل الأسود غير مرغوبة على مستوى المنطقة مقارنة مع النفط الرائج، وهذا يجعل كردستان تبيع بسعر أقل كثيراً من سلة نفط المنطقة، لا سيما أن عملاء بيع وشراء النفط الكردي محدودون في أربع شركات للوساطة النفطية.

وأضاف دريد أن شركة “سومو” لا تعتبر النفط الكردي أو وزارة النفط الكردي منافساً في الإنتاج، إذ إن نسبة إنتاجها تصل إلى نحو خمسة في المئة أو أقل مقارنة بإنتاج العراق، وقد تصل نسبة التصدير إلى سبعة في المئة لو صدر النفط الكردي مقارنة بالنفط التي تصدره شركة “سومو”.

الرابح الوحيد

بدوره يكشف المتخصص النفطي حمزة الجواهري عن أن التمديد يتعلق باتفاقات (أوبك+) ولا علاقة له بنفط إقليم كردستان، وأن بغداد لا تهتم بعدم تصدير إقليم كردستان لنفطه، لأن العراق لديه إنتاج فائض عن حاجته للتصدير، وكذلك لديه قدرات تصديرية تتعلق بالبنية التحتية تفوق كثيراً الكميات التي يصدرها.

وأضاف الجواهري أن الخاسرين من قطع تصدير نفط كردستان إدارة الإقليم وتركيا والشركات العاملة في الإقليم لأن الكميات التي يفترض أن تصدر من طريق ميناء جيهان التركي تستغل لتزويد مصافي الشمال بالنفط الخام وحتى مصافي الوسط، منوهاً بأن ما تروج له حكومة الإقليم من أن توقف التصدير من ميناء جيهان يتسبب في خسارة تقدر بالمليارات، هذا غير صحيح بالمطلق، لأن الرابح الوحيد من توقف خط جيهان هو العراق ويربح بسبب ذلك مليارات الدولارات.

ولفت الجواهري إلى أن حكومة الإقليم تعرف ذلك جيداً، لكنها تحاول الضغط على الحكومة الاتحادية لتسوية الأمر وعودة التصدير دعماً لتركيا والشركات العاملة التي تمتنع حتى الآن عن تعديل عقودها بما يتفق من الدستور والقوانين العراقية، وكذلك خضوعاً لقرارات المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة باريس التي تعتبر أن عقود كردستان غير شرعية، ويجب أن تعدل بما يتفق مع القانون والدستور، لكن الشركات تتوقع أن الضغط السياسي الإعلامي سيدفع الحكومة الاتحادية إلى التراجع عما حصلت عليه من حقوق، وهذا بالتأكيد غير ممكن.

إمكانية عودة الصادرات

بدوره لفت الباحث الاقتصادي بسام رعد أن يكون هذا الخفض يمثل قيداً على الإيرادات النفطية للبلد ما لم ترتفع الأسعار فوق معدل 90 دولاراً، بخاصة أن البلد يفتقد صناديق الثروة السيادية التي تمكنه في حال وجودها من التصدي لأية أزمة سعرية، وكما هو معلوم فإن معدل التصدير اليومي المخطط في الموازنة الثلاثية نحو 3.5 مليون برميل يومياً منها 400 ألف برميل من إقليم كردستان.

وبحسب حسابات وزارة المالية تبلغ مساهمة النفط في الموازنة الاتحادية حتى الربع الثالث من هذا العام نحو 95 في المئة، وبذلك فإن الريع النفطي هو المصدر الرئيس في عملية تمويل الإيرادات المالية بالموازنة العامة.

ويرى رعد أن هذا الخفض الطوعي سيعقد إمكانية عودة صادرات نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان خلال مدة الخفض المقررة، وبما أنه من الصعب التنبؤ بما يحدث في سوق النفط خلال العام المقبل فإن إيرادات الموازنة العامة ستكون قلقلة وفي حالة حرج شديد لأي هبوط في أسعار النفط.

التعليقات معطلة.