بقلم : محمد صادق الحسيني
لا أهمية لا للحريري ولا للجبير. هؤلاء أدوات في أيدي السيد الأميركي.
الهدف من كل ما يجري الضغط على إيران ومحاولة ضرب حلف المقاومة من خلال ذلك.
المخطط أميركي والأدوات إياها، ولكنها فشلت.
لقد قطعت تصريحات رئيس الأركان «الإسرائيلي»، الجنرال غادي ايزينكوت، الشك باليقين حول عمق العلاقات بين نظام آل سعود و«إسرائيل»، عندما قال في مقابلة مع موقع إيلاف السعودي أمس 16/11/2017، إنّ هناك تفاهماً تاماً بين إسرائيل والسعودية، وإن السعودية لم تكن يوماً عدواً لـ «إسرائيل» ولم تقاتلها قط.
كما أنه، وفي المقابلة نفسها، قام بإيصال رسالة واضحة لا لَبْس فيها لمحمد بن سلمان، حيث أكد أن لا نية للجيش «الإسرائيلي» بشنّ حرب ضد حزب الله. مما يعني:
أولاً: إن توسّلات ولي العهد السعودي لـ«إسرائيل» بأن تشنّ حرباً على حزب الله في لبنان لن تلقى قبولاً «إسرائيلياً» على الرغم
من استعداد المغامر والمقامر السعودي بتحمّل كامل تكاليف الحرب التي يتوسل شنها.
ثانياً: انّ الجيش «الإسرائيلي» غير قادر، من الناحية الفعلية، على أكثر من إجراء مناورة أركان، أي مناورة افتراضية تشارك فيها مختلف صنوف القوات المسلحة، كتلك التي أجراها في أيلول الماضي وشارك فيها أربعون الف جندي نظرياً. إذ ان مناورة الأركان لا تعني وجود القوات المشاركة فيها في الميدان، وإنما تُفترض مشاركتها في مثل مناورة كهذه. وهذا يعني ان الجيش «الإسرائيلي» لا يجرؤ حتى على إجراء مناورة حية كي لا يستفز حزب الله مما قد يؤدي الى رد عسكري من قبل الحزب ليس لإسرائيل طاقة على تحمّله. وما يؤكد معلوماتنا هذه، وليس قراءتنا فقط، هو تصريح وزير الحرب «الإسرائيلي»، ليبرمان قبل ذلك بأيام بأن الجبهة الداخلية تعاني من ثغرات كبرى وأن من الواجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لسد هذه الثغرات وخاصة على الجبهة الشمالية.
ثالثاً: أي أن هذه التصريحات وغيرها للمسؤولين «الإسرائيليين» تؤكد شيئاً واحداً، ألا وهو:
– فشل مخطط تفجير الوضع الداخلي اللبناني بهدف ضرب حزب الله من دون الدخول في حرب مكلفة وغير مضمونة النتائج ضد هذه القوة الأساسية من حلف المقاومة. وهذا يعني إعلان الفشل الذريع للمخطط التآمري الذي اضطلع محمد بن سلمان بتنفيذه خدمة لأهداف الولايات المتحده و«إسرائيل».
– كذب غلام آل سعود، عادل الجبير، عندما يقول في تصريح له عند الساعه 15,45 بتوقيت فلسطين، أنه «يتشاور» مع حلفائه لدراسة ما يمكن عمله ضد حزب الله.
أنت لا تتشاور وإنما تتلقى أوامرك من السيد الأميركي، وتقوم بتنفيذها من دون النقاش، ولكن السيد الأميركي كلّف خادماً آخر من خدمه في المنطقة، ألا وهو رئيس الأركان «الإسرائيلي»، بأنكم أنتم وحدكم من يتحمّل مسؤولية الفشل في تفجير الوضع الداخلي اللبناني، وبالتالي عليكم تحمل التبعات والمسؤوليات الناجمة عن ذلك خاصة في ظل العجز عن القيام بأي عمل عسكري ضد حلف المقاومة، كما أشرنا أعلاه.
رابعاً: كما تؤكد تصريحات رئيس الأركان «الإسرائيلي» أن موضوع الحريري لا يعدو كونه إحدى حلقات مسلسل الفشل الذي تعانيه مملكة آل سعود في «سياساتها» الخارجية، أي فشلها المتواصل في تنفيذ مخططات السيد الأميركي، بدءاً من فشلها في ضرب الثورة اليمنية عام 1962 مروراً بفشلها في مواجهة الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 وصولاً الى ملك السعودية السابق، عبدالله بن عبد العزيز، الذي طلب من الولايات المتحدة مرات عديدة «قطع رأس الأفعى» أي ضرب إيران عسكرياً، حسب ما ورد في برقيات السفارة الأميركية في الرياض والتي نشرها موقع ويكليكس عام 2010 وأعادت نشرها صحيفة نيويورك تايمز في حينه.
وفي الإطار نفسه، فإننا نرى من الضرورة بمكان تذكير الغلام عادل الجبير بأن تآمره على إيران وحزب الله وسورية لم يحقق إلا الخيبة وراء الخيبة. فها هي إيران تصبح قوة نووية معترفاً بها دولياً وها هي سورية وبالتعاون مع حلفائها تفشل أكبر حملة عسكرية ضدها بعد سبع سنوات من الصمود الأسطوري والمواجهة البطولية.
هذا الغلام المدعو، عادل الجبير الذي كان سفيراً للسعودية في واشنطن، قد أصرّ على تحريض الأميركيين، خلال اجتماع عقد سنة 2008، بين الملك السابق عبد الله بن عبدالعزيز والجنرال بترايوس قائد القوات الأميركية في العراق آنذاك، ومعه السفير الأميركي في بغداد ريان كرومر ومجموعة من الأمراء السعوديين، حيث كرّر قوله لهم: لقد قال لكم الملك اقطعوا رأس الأفعى. وكذلك فعل الصبّي المسمّى ملكاً في البحرين خلال اجتماعه مع الجنرال بترايوس في مقر قيادة الأسطول الأميركي الخامس في البحرين سنة 2009.
خامساً: وبناء على ما تقدّم فإن العمل الإجرامي الذي أقدم عليه محمد بن سلمان، باحتجازه رئيس وزراء لبنان. ليس وليد الساعة وليس من بنات أفكار هذا المغرور، وإنما هو إحدى حلقات المواجهة الفاشلة التي تقودها الولايات المتحده و«إسرائيل» ضد محور المقاومة وعلى رأسه إيران.
وسواء غادر الحريري الرياض السبت او الأحد او بعد ساعتين أو أسبوعين، فأن فصول التآمر على محور المقاومة لن تتوقف. أي أن الهدف الاستراتيجي الأميركي ثابت لا يتغيّر ويتمثّل في ضرب كل القوى المعادية للهيمنة الاميركية في العالم بما في ذلك روسيا، وما المتغير سوى التكتيكات المستخدمة من قبل الأميركيين والأدوار التي يتم إسنادها لأذنابهم في المنطقة من «إسرائيلي» الى رجعي عربي هي التي تتغير حسب متطلبات كل مرحلة من مراحل المواجهة.
سادساً: وانطلاقاً من نتيجة فشل محمد بن سلمان الحالي في لبنان، فإن مصادر استخبارية عسكرية غربية تؤكد أنهم قد يلجأون الى تنفيذ سلسلة من التفجيرات وعمليات الاغتيال العشوائية في لبنان، وذلك باستخدام خلايا داعشية موجودة في مناطق مختلفة من لبنان، وتحت إشراف مباشر من المخابرات السعودية، علما ان هناك شخصيات لبنانية عدة محسوبة على السعودية تشارك في تقديم خدمات لوجستية لهذه الخلايا.
أي أن الطرف السعودي مصرّ على الاستمرار في تنفيذ مخطط ضرب إيران من خلال ضرب حزب الله في لبنان والمقاومة الفلسطينية في غزة، وذلك خوفاً على مصداقيته عند سيده في البيت الأبيض.
وقد أكد المصدر الاستخباري نفسه أن مجموعة كبار مسؤولي البنتاغون والخارجية الأميركيتين قد خاطبوا الرئيس الأميركي مطالبين إياه بالكفّ عن إعلان دعمه لمغامرات محمد بن سلمان والتي ستلحق أضراراً كبيرة بالمصالح الأميركية في «الشرق الأوسط»، حسب ما ورد في رسائلهم والتي جاء فيها أيضاً أن مَن يريد أن يُحدث تغييرات في دولة كالسعودية تعاني من نقص هائل في الموارد المالية لا يمكنه تطبيق سياسات داخلية تؤدي إلى إبعاد المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في السعودية.
ويتابع هؤلاء تعليلهم لموقفهم بالقول إن موازنة السعودية قد بلغت 737 مليار دولار في العام 2014 بينما لم تزد عن 415 مليار للعام 2017 وذلك نتيجة للهبوط الحاد في أسعار النفط. مما يؤكد على أن سياسة قانون الغاب التي يطبّقها محمد بن سلمان حالياً لن تؤدي الى النجاح في تنويع مصادر الدخل في المملكة السعودية عن طريق تقليل الاعتماد على النفط وتشجيع الاستثمارات في قطاعات اقتصادية أخرى. كما أن هذه الإجراءات الدراماتيكية التي اتخذها ابن سلمان لن تساعد في عملية طرح أسهم شركة أرامكو في البورصات الدولية. وذلك بسبب تخوّف المستثمرين المحليين والأجانب من الإجراءات التعسفية التي قد تتخذ بحق ممتلكاتهم في السعودية، وذلك بسبب غياب الحماية القانونية لرجال الأعمال وممتلكاتهم هناك. وخير دليل على ذلك هو استيلاء محمد بن سلمان على أموال كل هؤلاء الأمراء ورجال الأعمال الذين يحتجزهم منذ أسبوعين.
وهذا يعني أن لبنان قد صمد في هذه المواجهة، وأثبت أنه أكثر أمناً من السعودية، كما أثبتت إيران أنها تمتلك قاعدة قانونية صلبة تؤمن الحماية الضرورية لكافة المستثمرين الأجانب، اتفقت معهم او اختلفت، بدءاً بشركة توتال الفرنسية مروراً بشركة سيمنس الألمانية وصولاً الى الشركات الروسية والصينية الموجودة في الكثير من القطاعات الاقتصادية الإيرانية.
بعدنا طيبين قولوا الله…