مع انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية بفوز دونالد ترامب وبدء العد التنازلي لتسلمه المنصب بعد أسابيع قليلة، بدأت العواصم حول العالم، وخصوصاً في الشرق الأوسط، إعادة ترتيب أوراقها استعداداً لعودة الرجل الذي قلب الطاولة على كثير من السياسات التقليدية خلال ولايته الأولى .
عودة بنهج مختلف؟
ترامب، المعروف بمواقفه الحادة وتصريحاته الصادمة، لم يكن رئيساً تقليدياً في تعامله مع ملفات الشرق الأوسط. فمن انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، سعى إلى تغيير المعادلات الإقليمية بشكل جذري. ومع عودته إلى البيت الأبيض، يتوقع أن يعيد هذه الملفات إلى الواجهة، ولكن بنهج أكثر جرأة وأقل ترددًا .
إيران في مرمى النيران
من المؤكد أن إيران ستكون من أولى القضايا التي سيتعامل معها ترامب. فخلال حملته الانتخابية، أكد على نيته تشديد العقوبات على طهران وربما السعي إلى إنهاء مشروعها النووي بالكامل. هذا قد يعني تصعيداً عسكرياً أو تكثيف الدعم للفصائل المناهضة لإيران في المنطقة .
إسرائيل والتحالفات الجديدة
ترامب، الذي دعم إسرائيل بشكل غير مسبوق، قد يسعى إلى تعزيز التحالفات الإقليمية التي بدأت خلال فترة ولايته الأولى، مثل “اتفاقيات إبراهيم”. كما قد يدفع باتجاه توسع هذه التحالفات لتشمل دولاً جديدة، مما سيزيد من عزلة إيران وحلفائها .
العراق وسوريا: ساحة المواجهة المقبلة؟
العراق وسوريا قد يشهدان تحركات أمريكية مختلفة في ظل إدارة ترامب. فمن المرجح أن يعيد النظر في الوجود الأمريكي في العراق، ليس فقط لمواجهة النفوذ الإيراني ولكن أيضاً لضمان استمرار السيطرة على التوازن الإقليمي. أما في سوريا، فقد يركز على تقليص النفوذ الروسي والإيراني وربما دعم جهود إسرائيل في استهداف البنية التحتية للفصائل المدعومة من طهران .
ما الذي يعنيه ذلك للدول العربية؟
الدول العربية، وخصوصاً الخليجية، قد تجد نفسها أمام فرصة لتعزيز التعاون مع واشنطن ضد التهديد الإيراني. ولكن هذا يتطلب خطوات حذرة لضمان ألا يتحول التصعيد إلى مواجهة شاملة في المنطقة .
عودة ترامب إلى الرئاسة قد تعني فترة من عدم الاستقرار الإقليمي، ولكنها أيضاً فرصة لإعادة صياغة قواعد اللعبة. الشرق الأوسط يقف الآن أمام منعطف تاريخي، وما ستحمله الأسابيع والشهور القادمة قد يغير ملامح المنطقة لعقود قادمة .