“ترسيم الحدود” سبب جديد للانقسام اللبناني

1

رغم أن أصواتاً عالية في لبنان ترى أن الاتفاق مع إسرائيل إنجاز كبير، إلا أن هناك من يعتبر أنه جاء متأخراً عقداً من الزمان على الأقل، وأنه كان من الممكن استغلال حاجة إسرائيل إلى إتمام ذلك الاتفاق، بشكل أفضل.

قال المحلل السياسي اللبناني، محمد سعيد الرز، إنه على الرغم من أن الرئيس اللبناني ميشال عون اعتبر تلك الاتفاقية انجازاً أراد تسجيله قبيل انتهاء عهده آخر الشهر الحالي، ووصف رئيس مجلس النواب نبيه بري الاتفاق بأنه جيد، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأنه إيجابي، إلا أن ثمة محاذير بدأت تطل برأسها قبل التوقيع المتوقع على الاتفاق في العشرين من الشهر الجاري.

انقسام لبناني
وأضاف في اتصال هاتفي لـ”24″، أن اللبنانيين ينقسمون حول هذه المحاذير، ومن أبرزها “ألا تعتبر إسرائيل ترسيم الحدود البحرية بمثابة امتداد لترسيم يشمل الحدود البرية، لأنها بهذا سوف تقضم مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر، وهي أراض لبنانية لا تزال محتلة، فيما جاء الترسيم البحري متراجعاً عن الامتداد البري، ولو كان متطابقاً معه لأصبح حقل غاز كاريش ضمن الحدود اللبنانية”.

ثاني تلك المحاذير بحسب الرز لجوء إسرائيل إلى بسط سيطرتها بالقوة على “العلامات الطافية” في البحر قبالة شاطئ الناقورة اللبنانية الحدودية تحت شعار أن هذه الطوافات تكشف أمنياً المنتجعات الإسرائيلية التي يؤمنها مسؤولون وضباط إسرائيليون، مشيرًا إلى أن السيطرة الإسرائيلية عليها تُعد “خرقاً فادحاً للسيادة اللبنانية”.

ضمانات للاتفاق
ثالث تلك المحاذير وأخطرها بحسب الرز عدم تحديد ضمانات لاستمرار هذا الاتفاق، خصوصاً إذا تغيرت الحكومة الإسرائيلية وجاءت أخرى برئاسة زعيم المعارضة الحالي بنيامين نتانياهو الذي أعلن صراحة أنه لن يلتزم لا بهذا الترسيم ولا بالاتفاق الناجم عنه.

وتابع “صحيح أن التوصل إلى هذا الاتفاق تم برعاية أمريكية وبضمانتها لكن المصدق للضمانات الأمريكية هو كالمطمئن لبقاء المياه في الغربال، ولعل توقيع الرئيس السابق دونالد ترامب على ضم الجولان السوري أكبر دليل”.

أما عن رابع المحاذير فيقول إن “الاتفاق لم يؤكد لبنانية منطقة رأس الناقورة وهو جبل صخري داخل في البحر يعتبر الحد الفاصل بين لبنان وفلسطين حسب ترسيم الحدود عام 1923 وهناك وجود وثيقة رسمية بذلك لدى الأمم المتحدة منذ 1946”.

إطلاع الرأي العام اللبناني على الاتفاق
وخامس هذه المحاذير عدم إطلاع الرأي العام اللبناني على تفاصيل الاتفاق الذي يتضمن بنوداً سرية، مضيفاً أنه “لا شك أن القلق من هذه المحاذير هو في محله لأن إسرائيل متمسكة باحتلالها لمزارع شبعا وهي التي رفضت الترسيم البري، كما أنها هي التي أثارت المسألة الأمنية للطوافات البحرية وهي التي أعلنت أحزابها المعارضة بقيادة نتنياهو رفضها للترسيم البحري وعدم التزامها بأي اتفاق ينجم عنه، أي أن الجانب الإسرائيلي قام بربط نزاع مستقبلي مع لبنان، وهذا الأمر يبقي الحدود البحرية في دائرة الالتباس مثلما يضع الحدود البرية في دائرة الخطر”.

وتابع “من الغريب أن يقف حزب الله وشعاراته بالمقاومة والتحرير واسترجاع فلسطين من النهر إلى البحر مؤيداً وداعماً لرئيس الجمهورية وإصراره على إنجاز الاتفاق رغم معرفته الدقيقة بهذه المحاذير ومخاطرها، في الوقت الذي يحذر فيه أكثر من تيار سياسي في لبنان من ضياع عوائد الغاز المرتقب بعد استخراجه، ويتساءل عمن يضمن ألا تهدر هذه العوائد على يد المنظومة الحاكمة كما أهدرت في السنوات الماضية عوائد مؤتمرات باريس التي قدمتها الدول المانحة والدول الخليجية إلى لبنان ولم يعرف مصيرها حتى الآن”.

جاء متأخراً 10 سنوات
ويتفق السياسي اللبناني، جورج العاقوري، مع الرز قائلاً إن الاتفاق ليس بإنجاز يستحق كل هذا “التهليل والتطبيل”، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق متأخر 10 سنوات وأن من فرض هذا الاتفاق وقائع مرتبطة بالمصالح الدولية وليس بمسيرات “حزب الله” أو بحنكة ميشال عون في المفاوضات.

دور الحرب الأوكرانية في الاتفاق
وأضاف في اتصال لـ”24″، أن ما دفع بالإسراع نحو الاتفاق هي الحرب الأوكرانية الروسية وحاجة الدول الأوروبية إلى الغاز، مما جعل إسرائيل تسرع الاتفاق لأنها جاهزة بالبنية التحتية التي ستجعلها تستخرج الغاز الطبيعي وتصدره على عكس لبنان الذي يحتاج إلى سنوات من أجل الجاهزية للاستخراج والتصدير.

واستطرد “نأمل أن يعود بالخير على الدولة والشعب اللبناني، ولكن ذلك يتطلب صندوقاً سيادياً من أجل الاستفادة من الأرباح المالية التي لا يمكن تحديدها الآن”.

وأكد أن ترسيم الحدود أمر مطلوب وبديهي لأي دولة تحترم ذاتها، وأنه من المطلوب تحديد ترسيم الحدود البحرية والبرية ليس فقط مع إسرائيل ولكن مع سوريا لمنع أي التباس أو أزمات.

التعليقات معطلة.