أوكرانيون لجأوا إلى محطة مترو خلال هجمات صاروخية روسية في كييف السبت (رويترز)أنقرة: سعيد عبد الرازق
أكدت تركيا أهمية مشاركة الغرب في إحلال السلام بأوكرانيا، واعتبرت أن العقوبات ضد روسيا عديمة الجدوى، ولم تمنح النصر لأوكرانيا. وجددت رفضها الانضمام إلى العقوبات الغربية؛ لأنها ستضر باقتصادها أكثر من روسيا نفسها.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، إن «التدابير التي اتخذها الغرب حتى الآن ضد روسيا لم تكن فعالة، ولم تمنح أوكرانيا الفرصة لتحقيق نصر عسكري حاسم، ولم ترغم روسيا على تغيير خطواتها». وأضاف كالين، في تصريحات ليل السبت– الأحد، أن أنقرة لن تنضم إلى العقوبات ضد روسيا؛ لأنها ستلحق أضراراً بالاقتصاد التركي أكثر من روسيا نفسها.
وأكد المسؤول التركي أن أي خطة للتسوية السلمية في أوكرانيا ستفشل إن لم تكن روسيا طرفاً فيها، مضيفاً: «يجب أن يؤخذ في الاعتبار رأي روسيا، كما يجب أن تكون بمشاركة أميركية وأوروبية». ورأى أنه «في نهاية المطاف سيجلس الطرفان، الروسي والأوكراني، على طاولة المفاوضات، بعد تكبدهما خسائر فادحة. لذلك، نقول إن من الواجب التوصل إلى حل ليس فقط بين أوكرانيا وروسيا، وإنما بمشاركة أميركية وأوروبية، نظراً لأن أي خطة سلام لا تشارك فيها روسيا لن تكون ناجحة، وسيكون مصيرها الفشل».
واعتبر كالين أن استمرار الصراع سيكون مرهقاً لأوروبا و«سيأتي وقت يقول فيه المواطنون الأوروبيون إنهم لا يريدون تحمّل مزيد من المعاناة، بسبب تبعات هذه الحرب. انظروا إلى الكونغرس الأميركي؛ حيث يقول الجمهوريون إنهم لا يريدون إنفاق مزيد من الأموال على أوكرانيا، هم يعتقدون أن الولايات المتحدة قد فعلت ما يكفي. وإذا سألتم الأوكرانيين فربما سيقولون إن ما يتلقونه لا يتجاوز عُشر ما يحتاجونه من المال والسلاح، لمواصلة هذه الحرب المكلفة».
وأكد كالين ضرورة استخلاص العبر مما يحدث، قائلاً: «ينبغي دراسة ما حدث، وكيف تطورت الأزمة على مدى السنوات العشر الماضية. بالنظر لمسألة توسع حلف شمال الأطلسي (ناتو) لم يكن هناك توسعات؛ لكن بقاء هذه الأجندة فعالة أثار رد فعل روسيا. من الضروري تحليل الظروف المحيطة بضم شبه جزيرة القرم، والتي تسببت في حدوثه ظروف جيوسياسية أوسع».
ورأى كالين أن الظروف غير ملائمة لإجراء مفاوضات جادة، مضيفاً أنه «أمر محزن للغاية ألا تتوفر لدى المجتمع الدولي الرغبة في تهيئة الظروف لمفاوضات جادة. المفاوضات ستكون مجدية عندما ترى روسيا أن الدول الغربية الرئيسة، وخصوصاً الولايات المتحدة، قد اتخذت خطوات جادة في سياق هذه القضية الجيوسياسية المهمة، وذلك باقتراح بنية أمنية جديدة، من شأنها حماية الغرب وأوروبا وروسيا وأوكرانيا. وتقديم ضمانات واضحة بأن أوكرانيا لن تنضم إلى (الناتو)، وأن أوكرانيا لن تتعرض للاعتداء».
وكانت روسيا قد أعلنت أنها لا تتفق مع موقف تركيا الداعم لـ«خطة سلام» اقترحتها أوكرانيا. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الخميس: «نحن ندرك جيداً تقييم تركيا لما تسمى (خطة زيلينسكي للسلام)، ولا يمكننا الموافقة عليها، ومن غير المرجح أن يساهم دعم أنقرة لمشروع نظام كييف هذا في البحث عن السبل المثلى لتحقيق السلام في أوكرانيا. روسيا أعلنت مراراً عدم قبول هذا المشروع».
وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قد قال الأسبوع الماضي، إن بلاده تؤيد خطة زيلينسكي ذات النقاط العشر لحل الوضع في أوكرانيا، وتعمل على الوثيقة.
وطرح وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، فكرة عقد «قمة سلام» بحلول نهاية فبراير (شباط) المقبل، قائلاً إنه يود أن يرى الأمم المتحدة كمنصة، وأن يرى أمينها العام أنطونيو غوتيريش وسيطاً، وإضافة على ذلك، كما هو محدد في كييف، لا يمكن دعوة روسيا إلى المفاوضات إلا بعد المحكمة الدولية اللازمة.
وأعلن مكتب غوتيريش أنه مستعد للتوسط بشرط موافقة جميع الأطراف، بما في ذلك روسيا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، إنه حتى الآن لا توجد «خطة سلام» لأوكرانيا. ووفقاً له، فإن الاتفاقية التي لا تأخذ في الاعتبار حقائق اليوم مع أراضي روسيا ومناطقها الجديدة، لا يمكن أن تكون سلمية.
من ناحية أخرى، فند كالين ما أوردته تقارير إعلامية غربية عن بدء تركيا تزويد كييف بذخائر عنقودية، معتبراً أنها كاذبة. وقال إن الجانب الأوكراني نفى هذه المعلومات أيضاً. وكانت مجلة «فورين بوليسي» قد ذكرت الأسبوع الماضي -نقلاً عن مصادر أميركية وأوروبية- أن تركيا تزود أوكرانيا بذخائر عنقودية تشبه النسخة الأميركية لهذه الذخائر، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ونفى سفير أوكرانيا في أنقرة، فاسيل بودنار، هذه المزاعم، معتبراً أنها «شائعات لا أساس لها من الصحة وحرب دعائية».