اقتصادي

تركيا تتجاوز التوقعات برفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية

“المركزي” أعلن زيادتها إلى 40 في المئة مع خسائر عنيفة تطارد الليرة

“اندبندنت عربية”  

الليرة التركية تفقد أكثر من 87 في المئة من قيمتها مع تضاعف الدولار بأكثر من 7 مرات (اندبندنت عربية)

في خطوة غير متوقعة رفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس أخرى إلى 40 في المئة، ضعف ما توقعه الاقتصاديون، الذين رجحوا رفعه أسعار الفائدة بنحو 250 نقطة أساس.

تعد تلك الخطوة استمراراً لمساعي البنك المركزي التركي لمحاربة التضخم ووقف انهيار الليرة مقابل الدولار الأميركي، بعدما وصل معدل التضخم في البلاد إلى مستوى 61 في المئة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

كان تقرير حديث لوكالة “بلومبيرغ”، أفاد بأن تركيا تتجه إلى منعطف تاريخي آخر في إنهاء حقبة من التيسير المفرط في السياسة النقدية، إذ إن من المرجح أن يرفع “المركزي التركي” أسعار الفائدة الحقيقية (أسعار الفائدة مخصوماً منها معدل التضخم) أعلى صفر، وهو مقياس التضخم المفضل لصانعي السياسة، بعد إبقائها سالبة لأكثر من عامين، ومن المرجح أيضاً أن تتباطأ وتيرة رفع أسعار الفائدة عقب ارتفاعها بنحو 7.5 نقطة مئوية خلال الأشهر الأخيرة.

يأتي ذلك في ظل الانهيارات المتواصلة التي تطارد الليرة التركية مقابل الدولار الأميركي والتي تسببت في موجة عنيفة من ارتفاعات الأسعار، وتشير البيانات الرسمية إلى أن تضخم أسعار المستهلكين السنوي في تركيا تراجع لأول مرة في ثلاثة أشهر إلى مستوى 61.36 في المئة خلال أكتوبر الماضي، مع تراجع التداعيات الناجمة عن الانخفاض الحاد في الليرة خلال الصيف وزيادة الضرائب بعد الانتخابات، فيما على أساس شهري بلغ معدل التضخم 3.43 في المئة.

وفقدت الليرة نحو 30 في المئة من قيمتها منذ بداية العام الحالي، وذكر معهد الإحصاء التركي أن مؤشر أسعار المنتج المحلي ارتفع بنسبة 1.94 في المئة على أساس شهري في أكتوبر الماضي، وسجل ارتفاعاً سنوياً بلغ 39.39 في المئة.

الدولار يقفز 681 في المئة خلال 5 سنوات

اتخذ البنك المركزي التركي خمس خطوات في دورة تشديد أسعار الفائدة منذ بدئها في يونيو (حزيران) الماضي مع تجاوز التضخم مستوى 60 في المئة، وقبل الزيادة الأخيرة كانت أسعار الفائدة الحقيقية في تركيا هي الأدنى من بين أكثر من 50 اقتصاداً تتبعتها “بلومبيرغ”، ولكن مسؤولين بارزين أمثال وزير المالية التركي محمد شيمشك قالوا إنهم يركزون على الفارق مع المسار المتوقع للأسعار وليس مستوياتها الحالية، وهي رؤية توضح أن السياسة النقدية أكثر تشدداً بالفعل عما تبدو.

قد يؤدي تحول أسعار الفائدة الحقيقية في تركيا إلى المنطقة الإيجابية إلى إحياء تجارة الفائدة بالبلاد، إذ يقترض المستثمرون عملات ذات أسعار فائدة منخفضة واستثمارها في أصول محلية بالدول التي بها أسعار الفائدة مرتفعة.

image-12.png

الدولار الأميركي يقفز 681 في المئة أمام الليرة في 5 سنوات (اندبندنت عربية) 

في الوقت نفسه، تتسارع وتيرة انهيار الليرة التركية مقابل الدولار الأميركي على رغم تغيير السياسة النقدية والمالية للبلاد والاتجاه نحو رفع أسعار الفائدة عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إذ يجري تداول الدولار في الوقت الحالي عند مستوى يقترب من نحو 29 ليرة.

ويشير الإحصاء الذي أعدته “اندبندنت عربية” إلى أن الدولار الأميركي قفز بنسبة 681.5 في المئة مقابل الليرة التركية منذ بداية 2018 وحتى الآن، وصعد سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 3.68 ليرة في يناير (كانون الثاني) 2018، إلى مستوى 28.76 ليرة في الوقت الحالي.

يشير ذلك إلى أن الدولار الأميركي يسجل زيادة سنوية مقابل الليرة التركية بمعدل 136.3 في المئة خلال الأعوام الخمسة الماضية، وتضاعف سعر صرف الدولار بنحو 7.8 مرة خلال الفترة من 2018 وحتى الآن.

اقرأ المزيد
  • الليرة التركية تفقد 31 في المئة من قيمتها على أساس سنوي
  • نزف الليرة التركية يعظم فرص الإقبال على الذهب
  • مع استمرار الخسائر إلى أين تتجه الليرة التركية؟

وبدأ انهيار الليرة التركية منذ عام 2016، إذ كان سعر صرف الدولار في بداية العام لا يتجاوز 2.92 ليرة مقابل الدولار وفقدت خلال ذلك العام نحو 17 في المئة من قيمتها لتبلغ في نهاية العام 3.53 ليرة مقابل الدولار، وتراجعت أكثر في أوائل عام 2017 لتصل إلى 3.779 ليرة مقابل الدولار، واستمر تدهورها خلال الأعوام التالية ليصل سعر صرف الدولار في الوقت الحالي إلى ما يقرب من 29 ليرة.

احتياطي النقد الأجنبي يواصل الصعود

على صعيد البيانات الإيجابية، سجل صافي الاحتياطات الدولية لدى البنك المركزي التركي ارتفاعاً بنحو 2.6 مليار دولار إلى 25.15 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضي. وانتعشت الاحتياطات بشكل عام منذ أوائل يونيو (حزيران) الماضي، بعد الانتخابات الرئاسية مباشرة، عندما انخفضت إلى سالب 5.7 مليار دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ بدء نشر البيانات عام 2002.

جاءت هذه البيانات تزامناً مع إعلان محافظة البنك المركزي التركي حفيظة غاية أركان، أن البنك رفع توقعاته لمعدل التضخم بنهاية العام إلى 65 في المئة من 58 في المئة، ورفع توقعاته للتضخم بنهاية 2024 إلى 36 في المئة من 33 في المئة، مشيرة إلى أن من المتوقع أن يبدأ تراجع معدل التضخم في النصف الثاني من العام المقبل.

وأظهرت بيانات لوزارة التجارة التركية أن العجز التجاري تقلص بنسبة 14.9 في المئة على أساس سنوي إلى 6.72 مليار دولار في أكتوبر الماضي. وفي مؤتمر صحافي قال وزير التجارة عمر بولات إن الصادرات زادت بنسبة 7.4 في المئة إلى 22.9 مليار دولار الشهر الماضي، بينما ارتفعت الواردات بنسبة 1.3 في المئة إلى 29.6 مليار دولار.