ترمب ومسألة بقاء النظام الإيراني

3

يريد الرئيس الأميركي أن يخلد اسمه كرجل السلام وترغب طهران في البقاء ولكن لا يمكن أن يتحقق الاثنان معاً
آزاده افتخاري صحافية
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ ف ب)
ملخص
أولئك الذين وصفوا ترمب بأنه “تاجر” و”ضد الحرب”، واعتقدوا أن صفقته مع النظام الإيراني انتهت، صدموا عندما حلقت طائرات B-2 في سماء إيران في آخر أيام حرب الـ12 يوماً.
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في أحدث تصريح له في شأن طهران، “بما أن النظام الإيراني يسعى إلى البقاء، فهو لا يريد أن يعرض وجوده للخطر بصنع سلاح نووي”.
قد تكون هذه النظرية حالياً هي خريطة الطريق لمسؤولي النظام الإيراني الذين أدركوا بعد الحرب التي استمرت 12 يوماً أن الحيل المكررة لم تعد فعالة، وأن البقاء يتطلب قضاء السنوات الثلاث المقبلة في الأقل من دون إثارة الأزمات مع ترمب وحلفائه المقربين.
لكن هل “مسألة الجمهورية الإسلامية” بالنسبة إلى الرئيس الأميركي تختصر في هاتين الجملتين فقط؟ إذا اعتبر أداء ترمب خلال عام واحد دليلاً على ما هو قادم، ومع نظرة أعمق إلى الدومينو السريع في الشرق الأوسط، يمكن القول إن مرحلة ما بعد ترمب والحفاظ على إرثه أصبحت جزءاً من واقع السياسة في المنطقة.
مر أقل من عام على بدء الولاية الثانية لترمب، وهذه المدة القصيرة أظهرت أن تحليل الرئيس الأميركي ضمن تصنيف أو قالب واحد ليس ممكناً، بل ساذجاً.
أولئك الذين وصفوا ترمب بأنه “تاجر” و”ضد الحرب”، واعتقدوا أن صفقته مع النظام الإيراني انتهت، صدموا عندما حلقت طائرات B-2 في سماء إيران في آخر أيام حرب الـ12 يوماً.
تلك الحرب التي، خلافاً للتوقعات، لم تتحول إلى “حرب عالمية ثالثة”، لأن ترمب – كما أدرك جيداً – يعلم أن النظام الإيراني يسعى فقط إلى البقاء.
لا يشبه دونالد ترمب أياً من قادة التاريخ المعاصر، وهذه الطبيعة غير القابلة للتنبؤ وسماته الشخصية جعلت علي خامنئي، المرشد الأعلى للنظام الإيراني، يتجنب أية صفقة معه.
الآن، وبعد أن ضعفت قدرات إيران النووية والدفاعية وميليشياتها التابعة، وضع ترمب أمام خامنئي خيار “الاستسلام الكامل”.
في شرم الشيخ، حيث اجتمع معظم قادة المنطقة من العراق وتركيا ودول الخليج (بغياب إيران) لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين “حماس” وإسرائيل، قال ترمب “إذا كانوا (أي النظام الإيراني) مستعدين، فإن أميركا أيضاً مستعدة للتفاوض”.
اقرأ المزيد
لماذا لم تشارك إيران في “قمة شرم الشيخ”؟
هل تدخل إيران مجدداً في محادثات مع أميركا؟
ترمب وإيران… عقد من العداء
سلام ترمب الخيالي في الشرق الأوسط يبدو محكوما بالفشل
ثم التفت إلى جاريد كوشنر، صهره وأحد مهندسي اتفاقات أبراهام الذي أبرم اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وقال له “من الجيد أن تكون المكلف بحل هذه المسألة”، لكن “الاستعداد للتفاوض” من منظور ترمب يعني التخلي عن البرنامجين النووي والصاروخي، وهو ما من الواضح أن المرشد الإيراني لن يوافق عليه.
اقتراح “الاستسلام الكامل” الذي يطرحه ترمب هو في الحقيقة إعادة صياغة لخطة النقاط الـ12 التي قدمها في ولايته الأولى، التي فرضت أجزاء كبيرة منها على إيران بعد هجوم “حماس” على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023.
وقد صرح المرشد الإيراني صراحة بأنه بعد الملف النووي ستطرح ملفات الصواريخ وغيرها، وأن التفاوض مع أميركا هو “طريق مسدود تماماً”. ويعتقد أن نظامه قادر على الصمود في ظل عودة العقوبات الدولية، بل وحتى في حال نشوب حرب جديدة، لكنه يظن أن قبول عرض ترمب سيكون نهايته الحتمية.
لكن عرض “الاستسلام في مقابل رفع العقوبات” لن يبقى على الطاولة إلى أجل غير مسمى، فاليوم وصلت فكرة “التخصيب الصفري” إلى الموقف الأوروبي أيضاً، كما أن الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي أصدرا أخيراً بياناً مشتركاً دعوا فيه إيران إلى وقف تطوير برنامجها للصواريخ الباليستية.
إلى جانب احتمال وقوع طهران في خطأ حسابي في الأشهر المقبلة، تشير التقارير إلى أن قصف المواقع النووية قد أخر تقدم هذا البرنامج نحو عام ونصف عام.
إن بقاء هذا الطموح النووي، وبرامج الصواريخ، وإمكانية إعادة تسليح الوكلاء أو المغامرات الإقليمية الأخرى، تمثل خطراً يهدد بالدرجة الأولى إسرائيل، وحلفاء أميركا في المنطقة، وفي النهاية “إرث السلام” الذي يسعى ترمب إلى تخليده.
يريد دونالد ترمب أن يخلد اسمه كرئيس “السلام”، وتريد الجمهورية الإسلامية أن تبقى، ولكن لا يمكن أن يتحقق الاثنان معاً.
نقلاً عن “اندبندنت فارسية”

التعليقات معطلة.