إذا كنتَ تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، فربما شاهدتَ مُنشئين يُروّجون للفوائد المُقترحة للشريط اللاصق على الفم. وتتضمن هذه «الخدعة» استخدام شريط لاصق لإبقاء فمك مغلقاً أثناء النوم.
والفكرة أنك إذا أجبرتَ نفسك على التنفس من أنفك، فستستيقظ وأنت تشعر بمزيد من الانتعاش وتتجنب بعض المشاكل الصحية المرتبطة بالنوم وفمك مفتوح.
ولكن وفق تقرير لمجلة «هيلث»، تُشير مراجعة منهجية جديدة نُشرت في مجلة PLoS One إلى أن شريط الفم ربما لا يُفيد صحتك بأي شكل من الأشكال، بل قد يُؤدي إلى عواقب وخيمة، كالاختناق.
وفيما يلي، ما تجب معرفته عن شريط الفم، ولماذا يُمكن أن يكون خطيراً، وما يُمكنك فعله لتسهيل التنفس ليلاً.
ما شريط الفم… وما مدى شيوعه؟
عادة ما يتضمن شريط الفم وضع قطعة من شريط جراحي أو مساميّ آمن على الجلد على شفتيك لتشجيع التنفس الأنفي ومنع التنفس من الفم.
وعادة ما يُعاني الأشخاص الذين يتنفسون من أفواههم ليلاً من خلل في مجاريهم الهوائية. في كثير من الأحيان، يعني هذا وجود شيء يعيق تدفق الهواء في أنفك، وفقاً لما ذكره الدكتور أندريه زينشوك، اختصاصي طب النوم ومدير برنامج إدارة انقطاع النفس المتقدم في كلية الطب بجامعة «ييل»، لمجلة «هيلث».
قد يكون السبب:
– نزلة برد
-حساسية
-مشكلة صحية كامنة، مثل تضخُّم اللوزتين، أو انحراف الحاجز الأنفي، أو سلائل أنفية حميدة
وإذا كنت تعاني من انقطاع النفس الانسدادي النومي (OSA) – وهو اضطراب يسبب توقفاً دورياً للتنفس أثناء الليل، فمن المرجح أن تنام وفمك مفتوح.
لا توجد بيانات موثوقة حول مدى شيوع استخدام شريط لاصق في الفم، ولكن من خلال القصص المتناقلة، يقول الخبراء إن مرضاهم مهتمون به.
وأوضح زينشوك أن «التساؤلات تزداد مع إدراك المزيد من الناس لأهمية النوم والشعور بأنه ليس مثالياً».
لماذا يستخدم الناس شريطاً لاصقاً على الفم؟
بشكل عام، يرغب المهتمون بشريط لاصق على الفم في جني فوائد التنفس الأنفي. والتنفس عبر الأنف له فوائد صحية أكثر من التنفس عبر الفم، وفقاً للباحث الرئيسي في الدراسة، الدكتور برايان روتنبرغ، الأستاذ في قسم طب الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة في كلية شوليش للطب وطب الأسنان بجامعة ويسترن في كندا.
ويساعد التنفس الأنفي على تجنُّب سيلان اللعاب وجفاف الفم (وبالتالي رائحة الفم الكريهة وتسوس الأسنان).
كما أنه يرطب الهواء المستنشق ويدفئه ويصفيه من الجزيئات المزعجة. ويحسن تدفق الأكسجين في الجسم، ويمكّنك من الشم، وعادة ما يكون أفضل من التنفس عبر الفم.
هل يُعزز لصق الفم الصحة بالفعل؟
في المراجعة الجديدة، حدد الباحثون 86 ورقة بحثية استكشفت الآثار المحتملة للصق الفم (سواء عبر شريط لاصق أو حزام ذقن يُغلق الفم) على الأشخاص الذين يُعانون من مشكلات معروفة في التنفُّس عبر الفم، أو انسداد الأنف، أو اضطرابات التنفس أثناء النوم.
وأوضح روتنبرغ أن «معظم البيانات المنشورة حول ربط الفم بشريط لاصق كانت ذات جودة متدنية، لدرجة أنه لم يكن من المنطقي إدراجها في ورقة علمية عالية الجودة ومراجَعة من قِبل الأقران. في النهاية، توصلنا إلى 10 من أفضل الأوراق البحثية حول هذا الموضوع».
ومن بين هذه الأوراق العشر، التي شملت 233 شخصاً، كانت دراسة واحدة فقط عبارة عن تجربة عشوائية محكومة. ولم يتمكن الباحثون من إجراء تحليل إحصائي (وهي طريقة مثالية لتحديد الأنماط والاتجاهات)، لأنهم كانوا يعملون على بيانات منخفضة الجودة.
ومع ذلك، فقد خلصوا إلى ما يلي:
أظهرت 8 من الأوراق البحثية المنشورة أن ربط الفم بشريط لاصق لم يُسفر عن فوائد صحية ملموسة.
وأشارت 4 أوراق بحثية إلى أن الأشخاص الذين يعانون من انسداد الأنف يواجهون مخاطر صحية جسيمة من ربط الفم بشريط لاصق، بما في ذلك عدم الحصول على كمية كافية من الأكسجين.
وأشارت ورقتان بحثيتان إلى أن ربط الفم بشريط لاصق كان له فائدة متواضعة لدى الأشخاص الذين يعانون من انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم بدرجة خفيفة، لكن النتائج لم تكن ذات صلة بالبيئة السريرية، وفقاً لروتنبرغ.
بشكل عام، لا تدعم الأدلة المتوفرة استخدام شريط الفم علاجاً للتنفس الفموي أو اضطرابات التنفس أثناء النوم، بما في ذلك انقطاع التنفس أثناء النوم.
وصرح روتنبرغ بأن هذه النتائج تُبرز مخاطر الانجراف وراء صيحات الصحة التي تُغذيها وسائل التواصل الاجتماعي.
لماذا قد يكون لصق الفم خطيراً؟
تكمن مشكلة لصق الفم في أن العديد ممن يستخدمونه يعانون من مشكلات في التنفس الأنفي.
وقال الدكتور بوريس جيليادوف، اختصاصي طب النوم في مستشفى ماونت سيناي: «اسأل نفسك إذا كنت لا تستطيع التنفس جيداً من خلال أنفك، فهل ترغب أيضاً في سد فمك؟».
وأوضح زينتشوك أنه عندما لا تحصل على ما يكفي من الهواء ليلاً (أو على الإطلاق)، يدخل جسمك في حالة ذعر، تنخفض مستويات الأكسجين، ويرتفع ثاني أكسيد الكربون، وتستيقظ مذعوراً حتى لا تختنق. وتؤدي هذه العملية إلى ارتفاع حاد في معدل ضربات القلب، وهرمونات التوتر، وضغط الدم.
وأضاف أن تكرار ذلك كل ليلة يُجهد أجزاء مختلفة من جسمك، بما في ذلك دماغك وقلبك.
إذا كنت تعاني من انقطاع النفس النومي ولم يتم تشخيص حالتك، كما هو الحال أحياناً، فقد يؤدي لصق الفم إلى تفاقم الحالة بسبب نقص الأكسجين بشكل أكبر.
وقال روتنبرغ: «هناك خطر حقيقي يتمثل في عدم قدرة الناس على دخول الهواء إلى حلقهم، مما يؤدي إلى انقطاع تنفسهم، والاختناق ليلاً».
وأكد الخبراء أيضاً أنه لا يوجد ضمان لثبات الشريط اللاصق. فإذا انفكّ هذا الشريط الصغير، فقد يعلق في فمك ويُشكّل خطر اختناق.