نشر موقع “ذا إنترسبت” تقريرا لكل من مهدي حسن وريان غريم، يكشفان فيه عن مذكرة مسربة عن وزارة الخارجية الأمريكية، نصحت فيها إدارة الرئيس دونالد ترامب بالدفع باتجاه “الإصلاح الإسلامي”.
ويشير التقرير، إلى أن هذه النصيحة جاءت في ضوء دعم الجهود لمواجهة التأثير الإيراني وتنظيم الدولة في العراق وسوريا.
ويكشف الكاتبان عن أنه لم يتم تبني هذه الفكرة في استراتيجية الأمن القومي، التي أعلن عنها في كانون الأول/ ديسمبر، إلا أن فكرة الإصلاح الإسلامي كانت موضوع نقاش على أعلى المستويات من وزارة الخارجية إلى مجلس الأمن القومي، ما يؤكد صعود اليمين المتطرف في الولايات المتحدة من الهامش إلى المركز، وتأثيره في رسم السياسة الخارجية.
ويجد الموقع أنه لو تم فعلا تبني هذه الفكرة لدخلت الولايات المتحدة في حلبة النقاش الديني، الذي ظل اهتماما خاصا بالجماعات المتحمسة والمعادية للإسلام.
ويورد التقرير نقلا عن الوثيقة، قولها: “الهدف ضد إيران وتنظيم الدولة هو تفكيك الماركتين/ العلامتين والتطرف الإسلامي.. وفي البحث عن وسائل الدبلوماسية العامة لإضعاف القواعد الأيديولوجية التي تدعم البنى الإيرانية الحالية وتنظيم الدولة يجب أن يبرز التركيز على الإصلاح الإسلامي بشكل كبير”.
ويلفت الكاتبان إلى أن فريق تخطيط السياسات في وزارة الخارجية تقدم بالوثيقة صيف عام 2017، حيث كان مجلس الأمن القومي يعد استراتيجية إدارة ترامب للأمن القومي، وركزت الوثيقة على “التنافس الأيديولوجي”، وكان وزير الخارجية في ذلك الوقت هو ريكس تيلرسون، الذي أبعد نفسه عن خطاب الرئيس ترامب المعادي للإسلام، وعين مكانه وزير الخارجية الحالي مايك بومبيو في نيسان/ أبريل، الذي يملك سجلا واضحا في معاداة الإسلام، ما جعل الكثيرين يشعرون بالقلق من الطريقة التي ستتعامل فيها الخارجية مع الإسلام.
ويذكر الموقع أن مسؤولا في الخارجية أكد صحة الوثيقة، قائلا إنها واحدة من عدة وثائق تم الاعتماد عليها لتأطير/ تشكيل استراتيجية الأمن القومي، وأضاف المسؤول:” كما هو الحال في الأوراق المقدمة قبل اتخاذ قرارات كلها، فإنه تم إعدادها لتحفيز النقاش، وكان ضخ جرعة صحية من الشك مناسبا لكيفية تبني فكرة أو عبارة من الوثيقة في أثناء النقاش والحوار”.
وتابع المسؤول قائلا :”(الإصلاح الإسلامي) هي عبارة استخدمها وناقشها المحللون للعالم الإسلامي ولعقود، وتم استخدامها في المقال/ الوثيقة للمقارنة التاريخية، وليس توصية للسياسة”.
وينوه التقرير إلى أنه تم إنشاء وحدة فريق تخطيط السياسة في عام 1974، وهي تعد مركز بحث داخل الوزارة، ويترأسها أحد الصقور السابقين في إدارة بوش، بريان هوك، الذي كان مديرا للوحدة وقت إعداد المذكرة، مشيرا إلى أنه بحسب موقع المركز على الإنترنت، فإن هوك وفريقه يتعاملون “برؤية استراتيجية طويلة الأمد مع التوجهات الدولية”.
ويكشف الكاتبان عن أن هذه المذكرة كتبت بعدما قام هوك بعملية تطهير في الوحدة، وتخلص من الباحثين الذين شك في ولائهم لترامب أو تعاطفهم مع إيران، حيث تم عزل سحر نورزاده من دائرة هوك، بعد حملة تشويه قامت بها جماعات متطرفة شككت في ولائها الأمريكي، وادعت خطأ بأنها مولودة في إيران، مشيرين إلى أن الدائرة، التي تم تفريغها من الخبراء، أصبحت مزدحمة بالأيديولوجيين، الذين ينشرون مواد لم تصدر أبدا عن الدائرة من قبل، وذلك بحسب شهادات مسؤولين سابقين في الخارجية والبنتاغون ومجلس الأمن القومي ومستشارين ومحامين، الذين قالوا إنهم لم يشاهدوا أبدا المصطلح الخلافي التحريضي “الإصلاح الإسلامي”، الداعي لشخصية مارتن لوثر مسلم لتحديث الإسلام المتجذر، فيما يفترض أنه عنف موروث ورجعية، يستخدم في وثائق الحكومة الأمريكية.
ويقول الموقع: “تبدو الخبرة غائبة عن المذكرة، عندما يتحدث كتابها عن إيران، التي يقولون إنها (تعاني من ضغوط سياسية وعسكرية، وتقدم الدعم للقوى المحلية المعارضة في داخل المناطق التابعة لتنظيم الدولة وإيران، ومن هنا فستجد الجهود (الأمريكية) الأيديولوجية قبولا عظيما في ظل هذا المناخ)، ولم ينتبه الكتاب إلى أن إيران الشيعية والتنظيم السني تنظيم الدولة على تضاد ومعاداة، ما يجعل من هذا التحليل غير مهم، وقال مسؤول أمريكي بارز إن كتاب المذكرة (يختارون النفايات) من عالم المدونات المعادية للإسلام”.
ويفيد التقرير بأن المذكرة تقدم تفاصيل حول كيفية تحقيق ما يطلق عليه الإصلاح، وتتضمن فقرة مثيرة حول استخدام تقوية المرأة لتوسيع أهداف الإمبراطورية الأمريكية، حيث تقول: “هناك جماعتان مهمتان مستهدفتان، وهما المرأة والشباب، مع أنهما ليستا وحدهما الهدف الوحيد المحتمل، فالتركيز على تقوية المرأة باعتباره هدفا رئيسيا لإيصال الرسائل في داخل عالم التأثير على الإسلام، سيسمح للولايات بالحفاظ على المكونات الإخلاقية الأمريكية وروايتها الليبرالية”.
ويورد الكاتبان نقلا عن الأستاذ المساعد في مجال الأديان في كلية لوثر، والمستشار السابق لوزارة الخارجية تود غرين، قوله: “مطالب الإصلاح الإسلامي ليست جديدة.. وغذت مسيرة وصعود أبرز الناشطين المعادين للإسلام في الغرب اليوم”، مشيرين إلى المسلمة السابقة التي دعمت قرار دونالد ترامب منع المسلمين دخول الولايات المتحدة أيان حرسي، التي كتبت كتاب “زنديقة: لماذا يحتاج الإسلام للإصلاح؟”.
وينقل الموقع عن العضو السابق في فريق تخطيط السياسة أثناء فترة هيلاري كلينتون، بيتر ماندافيل، قوله إن هناك عددا من الإشكاليات: “القانونية والسياسية والثقافية” في مقترح “الإصلاح الإسلامي”، “أولا لا مواقف للولايات المتحدة تتخذها في قضايا الإسلام، أو ما هو الفهم الصحيح وغير الصحيح لعالم التقاليد الدينية”، وأضاف ماندافيل، المحاضر الآن في جامعة جورج ميسون، ومؤلف كتاب “الإسلام والسياسة”: “ثانيا، تبني الحكومة الأمريكية تفسيرا محددا للدين، والإشارة إلى عالم ديني محدد، والقول:(يا ناس، هذا الرجل مدهش واتبعوه)، سيترك أثرا على كل ما يدعو إليه هذا الرجل ويدمره، ثالثا، يمنع الدستور الحكومة الفيدرالية من تبني أي نشاط تفضل فيه أي دين أو تفسير معين للدين”.
ويورد التقرير نقلا عن أستاذ القانون والدين في جامعة جورج واشنطن روبرت تاتل، قوله إن “حكومة الولايات المتحدة لا تعبر عن مواقف تتعلق بالموضوعات الدينية”، مع أن النقاش حول المادة المتعلقة بالدين وعلاقتها بالسياسة الخارجية لم تتم تسويته، وأضاف تاتل: “يمكن أن تناقش أن هذه المادة لا يمكن أن تطبق في الخارج لكنها تصلح في الشؤون المحلية”، مشيرا إلى أن المحكمة العليا لم تصدر قرارا قاطعا في الموضوع، ومع ذلك فإنها أدخلت النقاش الديني في سياستها عندما كان شعار حملة ترامب الانتخابية منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وكان شعاره المفضل “الإسلام الراديكالي المتطرف”، وشجب منافسته هيلاري كلينتون والرئيس باراك أوباما لتجنبهما استخدام هذا المصطلح.
ويذهب الكاتبان إلى أنه بالإضافة إلى قانونية استخدام “الإصلاح الإسلامي”، فإن إصرار دائرة فريق تخطيط السياسات على استخدامه قد يترك أثارا سلبية على أمريكا، حيث يقول غرين للموقع: “فكرة ترويج الولايات المتحدة لنوع من إصلاح الإسلام رهيبة”، فآخر ما تريده الولايات المتحدة هو التدخل في النقاشات الداخلية العقدية داخل المجتمعات الإسلامية، سواء كانت في إيران أو في داخل أمريكا، فهذا سيقودها لو حصل إلى “منطقة خطيرة”.
ويشير الموقع إلى أن المستشار السابق لوحدة الشؤون الدولية والدينية في الخارجية في ظل أوباما والنصف الأول من إدارة ترامب قمر الهدى، اتفق مع غرين، حيث يجد أنه يمكن النظر لدعوة الإصلاح بطريقة خاطئة، وبأنها “أجندة لتخريب المجتمعات الإسلامية”، وقال الهدى المسلم الدارس للإسلام: “على الأرض (داخل المجتمعات المسلمة) فإنها ستغذي الشعور بأن الولايات المتحدة تحولت لدولة معادية للإسلام”.
وبحسب التقرير، فإنه في ذروة الحرب على الإرهاب أثناء حكم جورج دبليو بوش، فإن الاستطلاعات أشارت إلى أن غالبية المصريين والباكستانيين والأندونيسيين والمغاربة اعتقدوا أن أمريكا تحاول إضعاف الإسلام وتقسيمه.
ويرى الكاتبان أن أي إشارة إلى محاولات إدارة ترامب إصلاح الإسلام ستثير المشاعر ذاتها، خاصة أن عددا كبيرا من طاقمها له ارتباطات مع الجماعات المتطرفة المعادية للإسلام.
وينقل الموقع عن دبلوماسي أمريكي عمل في أفغانستان، قوله إن هذا الأمر سيغذي نظريات المؤامرة، وعندما تقوم القيادة بدعم هذه الفكرة فإنها ستخرب الكثير من العمل الجيد الذي تم تحقيقه على الأرض، من الدبلوماسيين الأمريكيين.
ويختم “ذا إنترسبت” تقريره بالإشارة إلى قول الدبلوماسي الأمريكي: “رواية المسلم الجيد/ الشرير هي مفهوم منزلق”، مشيرا إلى خلط المسؤولين بين السنة والشيعة، فيما يرى الهدى أن معدي المذكرة تنقصهم الخبرة، وأنهم قصيرو النظر.