تشغيل التغيير

3

عبد المنعم سعيد

دون مصادرة على أفكار كبرى يولدها أصحاب الخيال خاصة فى مجال تكنولوجيات الذكاء الاصطناعى فإن «تشغيل التغيير» الذى حدث فى مصر خلال السنوات العشر الأخيرة هو فكرة عظمى فى حد ذاتها. ما جرى من تغيير فى مصر قام أولا – على فكرة تطابق الديمغرافيا (100 مليون وأكثر من المصريين) مع الجغرافيا (مليون كيلومتر مربع) وهى أقرب إلى النموذج الصينى فى التنمية، حيث جرى التطابق بين مليار ونصف المليار تقريبا من البشر مع 9 ملايين كيلومتر مربع من المساحة. وثانيا- قيام الدولة بإدارة الثروة وليس إدارة الفقر؛ ولعل ذلك كان هو الأصعب حيث التقاليد الثقافية والميراث الناصرى مثلا قيد على متخذ القرار خلال المراحل الأولية من التطبيق. كان البديل المقدم له سمات إنتاجية مثل مشروع «حياة كريمة» الخاص بتنمية الريف المصرى مع الاحتفاظ بغطاء من الحماية الاجتماعية للفئات الأقل حظا والأكثر فقرا. وثالثا- ولعله كان الأصعب التحول إلى اقتصاديات السوق، حيث تأخر تحقيق الاستقرار للعملة المصرية الذى هو مفتاح التغيير. واستنادا إلى ما سبق فإن ما ترتب عليه هو انتقال ملحوظ من جوار نهر النيل إلى السواحل المصرية الواسعة.

الفكرة الكبرى التى نبحث عنها هى تشجيع الانتقال من النهر إلى البحر سواء كان فى مدن جديدة أو مناطق اقتصادية متنوعة، وهو ما يعنى فى الإجمال إجراء عملية كبيرة للتكيف الثقافى فى بيئات جديدة. تعمير سيناء، وهو ضرورة للأمن القومى المصرى، يقتضى الاستخدام الأمثل لأنفاق قناة السويس، بحيث يجرى التدفق السكانى من الدلتا إلى المدن الجديدة غرب قناة السويس، ثم بعد ذلك التحرك التدريجى إلى الداخل السيناوى. الدلتا فى هذه الحالة سوف تشكل المنبع السكانى الذى يغذى سيناء، وأيضا الدلتا الجديدة فى غرب النيل مضافا إليها المولود الجديد ما بين نهر النيل الخالد ونهر النيل الجديد الصاعد. هذا الانتشار الجغرافى الجديد سوف يلبى الحاجات الإنتاجية والتشغيل الكامل أو ما يقرب منه.

التعليقات معطلة.