السيسي استخدم كلمة «عدو» لأول مرة منذ معاهدة السلام
رئيس أركان الجيش المصري الفريق أحمد خليفة يتفقد القوات قرب الحدود مع إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري)
القاهرة: «الشرق الأوسط»
حملت كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمام القمة العربية – الإسلامية بالدوحة، تصعيداً لافتاً في لغة الخطاب المصري تجاه إسرائيل، التي وصفها بـ«العدو»، كما طُرحت تساؤلات حول تداعيات هذا التصعيد، وإمكانية أن يُنذر بـ«صدام عسكري» جديد بالمنطقة، في ظل تحذيرات مصرية متكررة من تقويض «معاهدة السلام» الموقعة بين البلدين عام 1979.
ورغم «القلق» اللافت الذي عبّر عنه الإعلام الإسرائيلي جرّاء التصعيد المصري، فإن خبراء مصريين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أكَّدوا أن القاهرة «ما زالت حريصة على السلام»، وأن هذا التصعيد «لا يصل بعد إلى حدّ التأثير على المصالح الأمنية والاستراتيجية العليا بين البلدين»، مشددين على أن الانزلاق إلى الصدام العسكري يتوقف على «إمعان إسرائيل في نياتها التوسعية وأطماعها في المنطقة».
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء قمة الدوحة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء قمة الدوحة (الرئاسة المصرية)
وحذّر السيسي في كلمته، الاثنين، من أن «ما تفعله إسرائيل بالمنطقة لن يقود إلى اتفاقات سلام جديدة، بل قد يجهض الاتفاقات الحالية»، وشدد على أن «نظرة (العدو) تتطلب قرارات وتوصيات قوية، والعمل على تنفيذها بإخلاص ونية صادقة، حتى يرتدع كل باغٍ، ويتحسب كل مغامر».
وبعد ساعات من كلمة السيسي، عقد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي لقاءً مع رؤساء هيئات تنظيم الإعلام ورؤساء الصحف والمواقع الإخبارية، الثلاثاء، حذّر خلاله من أن «مصر مستهدفة في إطار محاولات رسم خريطة المنطقة، وأن قوتها تكمن في التماسك الداخلي، ووعي المواطن بحجم التحديات».
وعقّب رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، على كلمة السيسي، في تصريحات إعلامية مساء الاثنين، قائلاً: «إن آخر مرة قيل فيها العدو على لسان المسؤول الأول، أو أي مسؤول في الدولة المصرية؛ كان قبل معاهدة السلام» بين البلدين.
ويرى وكيل جهاز المخابرات المصرية السابق، اللواء محمد إبراهيم الدويري، أن «خطاب السيسي هدفه الحفاظ على السلام الذي لا يزال قائماً، ومن أجل أن نتجنب انزلاق الأمور إلى مرحلة متدهورة لا يمكن الرجوع عنها».
وأضاف الدويري لـ«الشرق الأوسط»، أن «كلمة السيسي وضعت إسرائيل والعالم معها أمام خيارين، إما الاستقرار الذي يجب أن يكون نهج الجميع بلا استثناء، وإما خيار الانفجار الذي سيضر الجميع دون استثناء أيضاً».
ويرى أن «الخطاب المصري يهدف لأن تستفيق إسرائيل من صلفها، وتتوقف عن سياساتها العدوانية، التي إن استمرت ستكون وبالاً على أمن المنطقة ومستقبلها»، مطالباً القيادة الإسرائيلية الحالية بأن «تقرأ جيداً كلمة الرئيس، وأن تعدّها رسالة مهمة من الدولة المصرية كلها».
السيسي يلتقي نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)
السيسي يلتقي نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)
وفي أغسطس (آب) الماضي، ردّ محافظ شمال سيناء المصرية، اللواء خالد مجاور من أمام معبر رفح على سؤال: «هل ستقوم عملية عسكرية بين مصر وإسرائيل؟»، قائلاً: «مَن يقترب من الحدود المصرية فلا يلومن إلا نفسه، ليس بما هو معلن، ولكن بما هو غير معلن أيضاً».
اللغة الرسمية المصرية «ترسم ملامح جديدة في التعامل مع الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني والتوسع في العدوان على دول عربية أخرى»، كما يوضح عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري (البرلمان)، اللواء يحيى الكدواني، الذي يرى أن وصف إسرائيل بـ(عدو) تؤكد «التصعيد من جانب مصر بعد مغامرات إسرائيل بتهديد اتفاقات السلام».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «المصلحة العليا لمصر تقتضي الحفاظ على مكتسبات السلام التي تحققت طيلة العقود الماضية، لكن يجب أن يكون ذلك من منطق قوة»، مشيراً إلى أن «اتفاق السلام على حافة الهاوية».
ولاقت كلمة السيسي اهتماماً واسعاً في صحف عبرية؛ حيث عدّت صحيفة «يسرائيل هايوم»، الخطاب «تحذيراً يجب ألا تتجاهله إسرائيل»، في حين تساءلت «هيئة البث الإسرائيلية»، عن تصريح السيسي، «هل هو تهديد أم تحذير؟»، مؤكدة أنه «يحمل خطورة بالغة تجاه إسرائيل»، وقالت «معاريف» إن «تهديده بإلغاء اتفاقات السلام، لم تعهده إسرائيل من قبل».
وسلّط الإعلام المصري الضوء على الصدى الذي أحدثه خطاب السيسي في الإعلام الإسرائيلي، وقال الإعلامي أحمد موسى خلال برنامجه، مساء الاثنين، «كلمة عدو ليس مجرد تعبير بل تحمل معنى ورسالة واضحين»، وأكد الإعلامي نشأت الديهي، أن «الرئيس السيسي قد وصل بموقفه مع إسرائيل إلى (نقطة اللاعودة)».
ويعتقد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير علي الحنفي، أن «مصر لا تسعى إلى التصعيد، بل تحرص على العلاقات والمصالح المشتركة، وأن احتمال الانزلاق إلى صدام عسكري يتوقف على الجانب الإسرائيلي بقدر إمعانه في نياته التوسعية وأطماعه في المنطقة».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «تصعيد الموقف الحالي في الأراضي الفلسطينية والإصرار على التهجير سيؤدي لأن تنزلق المنطقة باتجاه مواجهات تؤثر أو تلغي أثر ما تحقق من اتفاقات سلام مع مصر أو مع الدول الأخرى، ولن ينفع الندم بعد أن قطعنا شوطاً طويلاً في إنهاء حالة العداء».
وخاطب السيسي الشعب الإسرائيلي، قائلاً إن «ما تفعله إسرائيل لن يقود لاتفاقات سلام جديدة، بل قد يجهض اتفاقات السلام الحالية».
وهدّد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي، بقطع الغاز عن القاهرة، كما كرر خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الاثنين، تهديداته بشن «هجمات جديدة على قادة (حماس) أينما كانوا».