تصويت البرلمان العراقي على قانون تزويج القاصرات: جريمة إنسانية يحاسب عليها القانون الدولي

12

 

 

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل العراق وخارجه، صوت البرلمان العراقي مؤخراً على مشروع قانون يتيح تزويج القاصرات، في تعدٍّ صارخ على حقوق الإنسان، وخصوصاً حقوق الطفل. هذا القرار لا يمثل انتهاكاً للقيم الإنسانية فحسب، بل يعد جريمة قانونية تخالف المبادئ الدولية التي تكفل حماية الأطفال من كافة أشكال الاستغلال .

 

أبعاد القرار وانعكاساته

يمثل هذا القانون انتكاسة خطيرة لجهود تمكين المرأة والطفل في العراق. فبدلاً من أن يعمل البرلمان على سن تشريعات تدعم التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية، اختار دعم تشريعات تهدد الطفولة، وتحرم الفتيات من حقهن في النمو الطبيعي والتعليم والحياة الكريمة.

تزويج القاصرات لا يقتصر على كونه قضية اجتماعية فقط، بل هو اعتداء قانوني وأخلاقي يترتب عليه آثار كارثية. الفتيات اللواتي يُجبرن على الزواج المبكر يتعرضن لخطر مضاعف من العنف الأسري، والحرمان من التعليم، والمضاعفات الصحية الناتجة عن الحمل المبكر.

 

انتهاك للمواثيق الدولية

هذا القانون يتعارض بشكل مباشر مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق، ومنها اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). كما يتنافى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة التي تدعو إلى القضاء على زواج الأطفال بحلول عام 2030.

القانون الدولي يعتبر تزويج القاصرات شكلاً من أشكال الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال، وهو أمر يعاقب عليه وفق القوانين الدولية. الدول التي تسمح بهذا النوع من التشريعات قد تواجه عزلة دولية وعقوبات قانونية، فضلاً عن الإضرار بسمعتها على الساحة العالمية.

 

المجتمع الدولي والموقف المنتظر

على المجتمع الدولي أن يتخذ موقفاً حازماً تجاه هذه الجريمة الإنسانية. يتعين على الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية العالمية، الضغط على العراق لإلغاء هذا القانون فوراً وضمان حماية الأطفال من الاستغلال. كما يجب على المجتمع الدولي دعم الجهود المحلية التي تعمل على توعية المجتمع بخطورة هذه الظاهرة وتداعياتها.

 

دعوة إلى العمل الجماعي

إن حماية حقوق الأطفال ليست خياراً بل واجب أخلاقي وقانوني. على المجتمع العراقي، بكل أطيافه، الوقوف صفاً واحداً ضد هذا القانون المشين. المسؤولية تقع على عاتق الجميع، من رجال الدين والقادة السياسيين، إلى منظمات المجتمع المدني والنخب الثقافية، لحماية مستقبل الأجيال القادمة.

ختاماً، تصويت البرلمان العراقي على قانون تزويج القاصرات ليس مجرد تشريع داخلي؛ إنه وصمة عار على جبين الإنسانية. العراق اليوم أمام اختبار حقيقي: إما أن يسير في طريق العدالة والمساواة، أو يغرق أكثر في مستنقع الانتهاكات الإنسانية التي لن تغفرها الأجيال القادمة ولا التاريخ .

التعليقات معطلة.