تعديلات محتملة على نظام البرلمان العراقي… هواجس سنّية وكردية من “التهميش”

1

البرلمان العراقي.

تستمر النقاشات حامية في الأوساط السياسية والبرلمانية العراقية، بشأن التعديلات المقترحة من بعض الأحزاب السياسية على النظام الداخلي للبرلمان العراقي، والتي قد تؤثر في التوازن النسبي الراهن بين الجماعات المذهبية والعرقية العراقية، من خلال افتعال المزيد من العقبات أمام انتخاب رئيس مجلس النواب السُنّي، أو الحد من السلطات النسبية التي يتمتع بها، وإمكان تكرار ذلك مستقبلاً بخصوص منصب رئاسة الجمهورية وباقي المناصب التي تتولاها عرفاً شخصيات كردية.  “رئاسة مجلس النواب”يوم الأربعاء المنصرم (27 آذار/ مارس)، أعلن مجلس النواب العراقي تشكيل لجنة مؤلفة من 11 عضواً، سبعة نواب وأربعة مستشارين، برئاسة رئيس اللجنة القانونية في المجلس النائب عن الحزب الديموقراطي الكردستاني ريبوار هادي، لتعديل مادة في النظام الداخلي للمجلس، تستعيد عبره مصطلح “رئاسة مجلس النواب” بدلاً من “رئيس مجلس النواب”، بحيث لا يكون لرئيس المجلس مستقبلاً سلطة اتخاذ العديد من القرارات أو تحديد جدول أعمال اجتماعات المجلس من دون العودة إلى نائبيه. ووفقاً لذلك، سيكون لنائبي رئيس البرلمان (أحدهما شيعي والآخر كردي بحسب العرف السياسي العراقي) القدرة على اتخاذ قرارات من دون العودة إلى رئيس المجلس، وبذا تكون القوى السياسية السُنّية قد فقدت أحد منابع سلطاتها وحضورها في المشهد السياسي العراقي.  تعقيدات لانتخاب رئيس البرلمانقبل أسبوعين من قرار المجلس الأخير تشكيل هذه اللجنة، كان قد صوّت على إدراج فقرة ضمن جدول أعماله تنص على تعديل المادة الثانية عشرة من النظام الداخلي للمجلس، فصارت تتضمن فقرة تقول “إذا لم يحصل أحد المرشحين للمنصب الشاغر على الأغلبية المطلقة، لأي سبب كان، يتم فتح باب الترشيح مرّة أخرى”، وبذا تصبح آلية انتخاب رئيس المجلس أكثر تعقيداً، وقد تمتد إلى جلسات كثيرة، عكس ما كان الأمر عليه، إذ تكون الجلسة التالية للجلسة الأولى متضمنة اسمي مرشحين اثنين فحسب، وتنتج رئيساً للمجلس بالضرورة.  التعديل تقدم به 91 نائباً من موزعين بين حزب “تقدم” الذي يتزعمه رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي، وآخرين من كُتل “دولة القانون” و”الحكمة” و”تحالف نبني”. المراقبون قالوا إن التعديل المقترح هو بالأساس من حزب “تقدم”، بعد ارتفاع الأصوات المعارضة لمرشحه لرئاسة المجلس شعلان الكريّم، بعد الجلسة الأولى المخصصة لانتخاب رئيس المجلس، بسبب تصريحات سابقة له، أعلن فيها تأييده حزب “البعث” المُنحل والمحظور في العراق. وبذا صار حزب “تقدم” عملياً من دون أي مرشح للمنصب، ومن أجل ذلك سعى مجدداً لفتح الباب أمام إمكان ترشيحه عضواً آخر من الحزب، من خلال تقديم اقتراح تعديل النظام الداخلي للمجلس.  القوى السياسية السُنّية انقسمت تماماً بشأن هذه التعديلات، بين أكبر الأحزاب “تقدم”، الذي اعتبرها أداة لزيادة حيوية المجلس وقدرته على أداء وظائفه، ومعارضيه الذين يتهمونه بتقديم تنازلات في سبيل العودة إلى رئاسة المجلس بأي ثمن.  هواجس كرديةالقوى السياسية الكردية لم تقدم موقفاً واضحاً مما يحدث من تعديلات بشأن النظام الداخلي للمجلس، لكن تتوجس من أن ذلك ربما يكون مقدمة لأمرين مستقبليين، يتعلق الأول بتحويل منصب رئيس الجمهورية إلى “نظام الرئاسة”، وتالياً قدرة القوى المركزية على استخدام صلاحيات الرئيس، الذي هو عرفاً كردي، من دون العودة إليه. المسألة الأخرى تتعلق بإمكان استخدام منصب رئاسة مجلس النواب واتخاذ قرارات عنه بشأن الفيدرالية وحقوق إقليم كردستان، من دون العودة إلى رئيس المجلس، الذي كان عادة يراعي قواعد اللامركزية، للحفاظ على التوازن ضمن العراق.  وشرح مصدر سياسي كردي لـ”النهار العربي” ما سمّاه الهواجس الكردية المتراكمة، قائلاً: “نلاحظ بوضوح، إن عبر القرارات الصادرة عن المحكمة الاتحادية أو التعديلات المقترحة على بعض القوانين والأنظمة الداخلية، سعي القوى المركزية (الشيعية) لتعديل الدستور عملياً وإيجاد تفسيرات وسياقات غير ما أتى عليها الدستور، وهو ما قد يمتد مستقبلاً ليصل إلى مستوى محاولة تعديل الدستور نفسه بغير مساراته الاعتيادية، من خلال إحاطته بمجموعة من القوانين والأنظمة والأعراف. ومنصب رئاسة الجمهورية والعلاقات بين المركز والأطراف هو ما يشغل الأطراف الكردية بشدة”.  المستشار السياسي عبد الباقي الرباط تحدث إلى “النهار العربي” عن التأثيرات المستقبلية الراهنة على حضور الأكراد والسّنة في المشهد السياسي العراقي مستقبلاً، قائلاً: “من دون شك يستطيع أي سياسي من القوى الداعية إلى هذه التعديلات أن يدّعي أن الأمر ليس طائفياً وقومياً، بل تحديثية لبنية النظام السياسي، لكنه أمر لا يُمكن الركون إليه، بدلالة استهداف التغيرات مواقع أبناء هاتين الجماعتين، من دون أي مسّ بنظيرتها (الشيعية)، ومن دون مراعاة إيجاد توافق مع القوى السياسية لهما ضمن هذه التعديلات. على الأغلب، ستؤدي الشمولية البرلمانية المتأتية من تحكم هذه القوى بالأغلبية البرلمانية، إلى شمولية قانونية، تؤدي إلى استفراد قوى سياسية من جماعة أهلية عراقية واحدة بكل الحياة السياسية في العراق”. 

التعليقات معطلة.