تغريد الطاسان

1

مدن «الميديا»

< بين حقد عدو خارجي واضح المقاصد والنوايا، وخبث عدو داخلي غلف كيده بنفاق ديني أو إعلامي أو اجتماعي مرموق، كي يعيش بيننا آمناً مطمئناً في الوقت نفسه الذي «يسن» فيه أنياب غدره لينهش بها روح وطنه وحكومته وشعبه عند أول فرصة سانحة. بين هذا وذاك، كلنا يعلم مدى خطورة الوضع الذي يعيشه الوطن الغالي هذه الفترة. لذلك، نرى أن الجهود مركزة بين الموازنة بين صد عدوان الخارج وخيانات الداخل ليتحقق ضبط ميزان الأمن العادل الذي يضبط موازين الأمور ليتحقق أمان الوطن والمواطن بمعايير عالية من الأمن.
بيد أن هناك ما هو أشد خطراً على أمن الوطن، لتركيزه المباشر على مخاطبة عقول الشعب التي تتدرج مستويات وعيها وتفكيرها وولائها من فرد لآخر، لأنها تغسل العقول وتغير دفة الاتجاهات وتقلب الحقائق بتدليس الصدق لتلميع الكذب، ومع الأسف ما زال الضرب فيه على هذا العدو البغيض يتم بيد من صوف خشن يزعج من دون أن يؤلم، على رغم أنه الأشد خطراً!
سلاح «السوشال ميديا» صغير الحجم شديد الضرر سهل الحمل رخيص الثمن الذي أصبح في متناول كل أحد، زناده حرف وخطة الحرب فيه مقطع، قادته خونة أو جهلة باسم صريح ملمع أو من خلف قناع مستعار!
مدن «السوشال ميديا» مليئة بحوارٍ مشبوهة ولصوص عقول ومعدومي ضمائر يدسون السم في العسل ليلتقطوا الفريسة السهلة ويستخدموها سلاحاً مضاداً يضربون فيه أمن الوطن، أو يخربون بعبثهم الحاقد خططه التنموية أو أضعف الكفر يزرعون في نفس المواطن الخوف والشك الذي يشلّون به فعاليته المجتمعية والوطنية، ليصبح عاجزاً عن الإسهام في حرب الدفاع عن وطنه، ومن ثم المشاركة في مسيرة التغير لِغَد أفضل.
وهنا أتساءل ويتساءل غيري كثير.. لماذا لم نرَ ضوابط رادعة ورقابة صارمة على مستخدمي الشبكة العنكبوتية التي أصبحت أقوى بيوت الإرهاب الفكري بدل أن تكون أوهنها؟
ولأن أجهزة الدولة الأمنية تعيش حالياً فترة ضغط شديد للسيطرة على أمن الدولة والمواطن، فلماذا لا تكون هناك لجان تطوعية تعمل تحت رقابة الأجهزة الأمنية من أبناء الوطن المخلصين يتم فيها فتح المجال لهم ليتفرغوا لمراقبة الحسابات «مشبوهة الفكر» من مخلفات الفكر التطرفي التي ما زالت تنتقد قرارات أجازتها الدولة لا مجال لانتقادها لأن ذلك يثير البلبلة، أو لتلك العقول من رواسب زمن الصحوة التي لا ترى الصواب إلا في ما آمنت به من فكر أو اعتقاد أو توجه من دون أن تقبل الرأي الآخر، كمن يشكك بعقيدة وأخلاق كل من كشفت وجهها أو أخرجت جزءاً من شعرها، أو في من كَفّر من حضر حفلة غنائية، أو فكر بالسماح لعائلته بحضور مباراة وغير ذلك كثير، ولن نغفل عن تطرف الفكر الليبرالي الذي يعتقد بعض منتسبيه أن الانفتاح الحالي يعني أن يكون كل ذَي التزام ديني متطرف الفكر محارباً للوسطية معيقاً لمسيرة التغير والتقدم، فسخر قلمه لمحاربته والانتقاص منه، على رغم أن ذلك من الوسطية المحمودة ما دام لم يؤذ أحداً ولَم يفرض رأيه على أحد.
لماذا لا نراقب مشاهير السوشال ميديا لنعاقبهم على الخروج عن النص وتصدرهم لقضايا لا يفقهون لها ولا يحيطون بها علماً، بل يزيدون الحرائق من حيث لا يفقهون! لماذا لا يكون فتح الحساب في مواقع التواصل مرتبطاً بالهوية الوطنية حتي نختصر الوقت والجهد في ضرب من تجاوز بيد من حديد؟
ألف «لماذا» تحتاج لألف «لأن».. لنحقق التعاون المطلوب بين الدولة والمواطن ونكون يداً بيد قبضة قوية في وجه كل معتد أثيم.

التعليقات معطلة.