تغير المناخ يهدد باندثار مهد الحضارات في العراق

3

24 – رويترز

تواجه آثار مهد الحضارات في جنوب العراق خطر الاندثار‭‭‭ ‬‬‬بسبب التآكل الناتج عن تغير المناخ الذي يهدد المدن القديمة.

وبسبب الطقس الجاف والقاسي، تزداد ملوحة التربة مما يُلحق الضرر بالآثار التاريخية في أطلال مدن مثل أور مسقط رأس النبي إبراهيم، وبابل التي كانت في الماضي عاصمة لإمبراطوريات عظيمة.

وتنخر رواسب الملح في الطوب اللبن الذي يشكل مقبرة أور الملكية، التي اكتشفها عالم الآثار البريطاني السير ليونارد وولي في عشرينيات القرن الماضي. وهي الآن مُعرضة لخطر الانهيار.

 ملوحة ومياه جوفية

وأوضح الدكتور كاظم حسون المفتش في دائرة الآثار بذي قار “هذه الأملاح ظهرت نتيجة الاحتباس الحراري، وتغير المناخ أدى إلى تدمير أجزاء مهمة من المقبرة، إضافة إلى أجزاء أخرى في مدينة أور الأثرية. هذه التغيرات المناخية أو التطرف المناخي الذي نسميه، يعمل حالياً على إنهاء جميع المباني الموجودة في مدينة أور نتيجة ما تتعرض له من ملوحة ومياه جوفية، إضافة إلى حرارة شديدة وجفاف عام بالمنطقة”.

وأضاف “هذه الأملاح ستتسبب في انهيارات تامة لجميع اللُبن (الطوب اللبن) في هذه المقبرة والدليل على هذا انظر هنا استاذنا العزيز هذه اللُبنة تتآكل مع مرور الزمن نتيجة الأملاح وتؤدي إلى وجود خسفات وفتحات هذه الفتحات يمكن أن تؤدي بالتالي إلى الانهيار المفاجئ للمبنى”.

وتسببت بالفعل الكثبان الرملية في تدهور الجانب الشمالي من زقورة أور، وهو معبد هرمي ضخم مدرج كُرس قبل أكثر من 4000 عام لإله القمر نانا.

الرياح الشمالية

وذكر عبد الله نصر الله، عالم الآثار في دائرة الآثار بمحافظة ذي قار حيث تقع مدينة أور “اختفاء أجزاء من الطبقة الثانية في زقورة أور وخصوصا الارتفاع الأصلي للزقورة حسب ما يذكر 27 متر، حالياً 17 متر متبقي، وبدأ التآكل في الطبقة الثانية على الرغم أن الطبقة الثالثة متآكلة بسبب عوامل جوية وتغيرات مناخية لكن بدأ التآكل في الطبقة الثانية من الزقورة”.

وتابع “هي العامل الأساس والأول في تآكل أجزاء البناء خصوصاً أن هذا الشيء راح تشاهده في دبلة الماخ والمقبرة الملكية وزقورة، خصوصاً أن الجزء الشمالي من الزقورة يتآكل بسبب أن المناطق المطلة على الجهة الشمالية هي مناطق كثبان رملية. فهذه الكثبان الرملية والرياح، تصير على شكل غبار ورياح، وتسبب التآكل في الأجزاء الشمالية من البناء”.

كما تتعرض المواقع الأثرية لبابل القديمة لخطر، في أعالي نهر الفرات، حيث أكد  الدكتور منتصر الحسناوي المدير العام لوزارة الثقافة والسياحة العراقية بأن هذه المواقع بحاجة ماسة إلى الاهتمام والترميم، لكن نقص التمويل لا يزال يشكل تحدياً.

ولفت إلى أن هذه المواد تم استخراجها مباشرة من الأرض التي كانت معدلات الملوحة بها قليلة في ذلك الوقت، مما كان من المفترض أن يجعلها أقل عرضة لتغير المناخ. لكن ممارسات الترميم غير الصحيحة في العقود السابقة جعلت الأبنية القديمة أكثر عرضة للخطر.

وأضاف أن “الذي حدث أن المعالجات الخاطئة لها في العقود السابقة، ولا سيما في ثمانينيات القرن المنصرم، باتت هي أكثر عرضة للتأثر بالتغييرات المناخية وذلك يستدعي إعادة الترميم الغير صحيح”.

التغير المناخي

وعانى العراق من عقود من الحروب التي هددت معالمه التاريخية، لكن أحدث تحد يواجه العراق حالياً هو التغير المناخي الذي يبدل النظام البيئي بأكمله في البلاد ويعرض المستقبل الزراعي للخطر ويهدد كذلك بصمة العراق التاريخية.

وقال الحسناوي “الآن مشكلة التملح يزيد بالمياه السطحية، وبالتالي بالمياه الجوفية، وراح تأثر عدنا بالتملح الأرضي اللي راح يزيد تراكيزه، وبالنتيجة قد تعمل على اندثار كثير من المدن التي لا زالت تحت التراب”.

وأضاف “هذه الآثار بمجملها تستدعي دق ناقوس الخطر والانتباه لها، وأيضا حل المشكلات المتعلقة بترميمها والتنقيب عنها، ولا سيما نقص التمويل الخاص بها، وأيضا استثمار فسحة الأمان التي يتمتع بها العراق الآن لجذب مزيد من البعثات الأجنبية التي تحافظ على هذه الآثار”.

التعليقات معطلة.