حسن فليح / محلل سياسي
سقطت بين يدي مسودة كتاب قيد الطبع يتناول فيه الاستاذ والكاتب نصيف الخصاف محاولة تعديل اهم فقرات الدستور الحالي وبدءً من الديباجة ، اي بمثابة كتابة دستور جديد سيطرح بالمكاتب ليكون في متناول القراء والمهتمين ، وشدني الفضول لقرأته وبعد اطلاعي على مسودة الدستور تبين لي ان الدستور الحالي عبارة عن مؤامرة على الشعب ولم يعد مجديا وكتب على عجل وهو من افرازات قانون ادارة الدولة في عهد بريمر الحاكم العسكري العام الذي نصبه الاحتلال الامريكي بعد غزو العراق عام 2003 ، وليس بمعزل عنه وانما امتدادا واساسا له ، والذي اثبت فشله طيلة الخمسة عشر عاما الماضية حيث كان معرقلا حقيقيا للحياة السياسية والادارية ومتناقضا تناقضا شديدا في فقراته دستورية ، ومن جملة ما اثارهُ الكاتب عدة ملاحظات ونقاط جوهرية من اهمها ان قانون ادارة الدولة والدستور الحالي كانا السبب الرئيسي لخلق عراق ضعيف ودولة هشه غير قادرة على النهوض وتجاوز ازاماتها ، وكذلك اشر بوضوح الى المستوى الضحل للقوى السياسية والشخصيات التي ساهمت بكتابة الدستور على الصعيد الثقافي والسياسي والقانوني وضعفهم الشديد بالهموم الوطنية للعراقيين والجهل الحقيقي بتاريخ العراق وواقع الشعب ، الامر الذي اسقط الجميع بفخ الضلوع في مستنقع المؤامرة الكبرى على العراق ، بذهابهم للهويات الفرعية واذكائها على حساب الهوية الوطنية الاصيلة وطمسها التي يتشرف العراقيين جميعا بحملها ، كما ان الكتاب حمل تشخيص جيد لمكامن الخلل بالنقاط الدستورية ، ووضع المعالجات والملاحظات المهمة التي تستحق الوقوف عندها والاهتمام بمضامينها ، وتستحق ان تكون دليل عمل بالمستقبل للمهتمين بذات الشأن لتجاوز ذلك الخلل الكارثي ، أن التناقض الحاد بفقرات الدستور الحالي تلغي بعضها وتعجزها من تنفيذ بنودها هكذا قدر للدستور ان يصبح عن عمد ، لكي يكون دستورا خاويا وغير فعال ومُلغم بجميع مضامينه، بودي الثناء على الجهد الشخصي المبذول الذي قدمه الكاتب وأقل مايقال عنه هو جهد وطني خالص لعراق جريح يستحق منا الكثير لاجل انقاذه ، ان الكتاب فيه جانب مهم من تكوين الرؤية ومنطلقا صحيحا لتشكيلها ، التي لازالت مفقودة بحكم المتاهه الفكرية التي تعاني منها جميع القوى السياسية ، حقيقة ان الكتاب ساهم مساهمة جدية لوضع العراق على جادة الصواب من الناحية الدستورية الذي هو الاساس والضامن الحقيقي للعراقيين جميعا ، الامر الذي يدفعني الى القول اننا نحتاج الان الى بلورة موقف سياسي يستند الى رؤية واقعية صحيحة تأخذ بالاعتبار اسباب الفشل وتشخيص سبل النجاح على اثر تجربة فاشلة بأمتياز لم يشهد التاريخ العراقي المعاصر مثيلا لها !! لتكون مشروعا وطنيا يرفد الساحة السياسية والفكرية ويملأ الفراغ ويسد العجز والخواء الفكري الذي خلفتة الطبقة السياسية والذي يجب ان يتميز باجماع وطني ليكون ضاهرة وطنية، كي يحضى باحترام المجتمع الدولي تمهيدا لنزع الشرعية الدولية عن الطبقة السياسية المتحكمة بالمشهد زورا وبطلانا ، واجبار المحيط الاقليمي والدولي بعدم تجاوزه وتخطيه والتعامل معه كحقيقة واقعة تمثل ارادة العراقيين جميعا ليس من حق احد حينها ان يتجاهلها دولا كانت ام مؤسسات اممية ، كونها تشكل ارادة عراقية ذات اغلبية وطنية عابرة للطائفية تعيد للعراق هويته الوطنية المغيبة ، استطيع القول ان الدستور الحالي كُتب لشرعنة المؤامرة الكبرى على العراق بعد احتلاله من اجل تدميرة بغطاء قانوني بائس وتم تبنيه من قبل مراجع ورجال دين وسياسة لتمريره في ظروف معروفه، كان العراقيين في حينها غارقين في متاهتهم من هول الصدمة وغياب الدولة والقانون ، فحصل الذي حصل ، ومن الملاحظ ان هذا الكتاب كشف حقيقة مرة مفادها ان العراق شعبا وارضا تعرض لمؤامرة قانونية ودستورية استكمالا للغزو وتكريسا لنوايا الاحتلال ، التي تمت من خلالها تسخير القانون لفرضها على الشعب والبلاد ، وان التفاتة الكاتب باستخدام القانون سلاحا سلميا لفضحها وفك شفرتها كانت خير دليل عل صوابية المنهج وسلمية التحدي ، لهذا يكفينا 20 عاما عراق بلا دستور حقيقي !! ويكفي اننا لازلنا متبنين دستورا وهميا وزائفا وهزيلا كُِتب بأيادي وعقليات وثقافات لاتمت للعراقيين وواقعهم وتاريخيهم بأي صلة ، ومن هذا المنطلق ان عملية تغيير الدستور مهمة وطنية ومطلب شعبي على الجميع تبنيها وادامة زخمها لاجل بناء دستور جديد يجعل العراق تحت خيمة وطنية شامله تعيد للعراق هويته الحقيقية وتبعده عن الولائات الطائفية والمصطلحات المكوناتية وغيرها التي اذاقت العراقيين الامريين وساهمت على تشظي وحدته الوطنية وكرست المحاصصة المقيتة التي انتجت لنا الفساد والمفسدين .