سايمون هندرسون
في 23 شباط/فبراير، أعلنت الرياض عن تعيين الأميرة ريما بنت بندر آل سعود سفيرةً للملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة، وإعادة مبعوثها السابق الأمير خالد بن سلمان إلى البلاد للخدمة في وزارة الدفاع. ورغم قدوم الأميرة من خلفية مختلفة جداً إلى هذا المنصب، إلا أن ترقية الأمير خالد قد تكون التغيير الأكثر أهمية في النهاية.
يُذكر أن الأميرة ريما هي ابنة الأمير بندر بن سلطان، الذي شغل نفسه منصب السفير السعودي في واشنطن بين عامي 1983 و 2005، وكانت تعمل سابقاً في “الهيئة العامة للرياضة” حيث شجعت انخراط الفتيات السعوديات في التربية البدنية. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع الأميرة بخبرة في مجال الأعمال نتيجة لتوليها إدارة فرع الرياض لمتجر للأزياء الراقية من لندن.
وفي واشنطن، قد تتمكن من إحراز تقدم في إصلاح التصدعات الدبلوماسية بين البلدين وفي قضايا أخرى عبر التواصل مع بعضٍ من معارف والدها. ولكنها قد تضطر في الوقت نفسه إلى التعامل مع قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” (JASTA) – وهو القانون الأمريكي الذي يسمح للمدّعين اتخاذ إجراءات قانونية ضد المملكة أو مسؤوليها بسبب ضلوعهم المزعوم في أحداث 11 أيلول/سبتمبر – تلك المؤامرة التي وقعت خلال فترة شغر والدها هذا المنصب الدبلوماسي. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن الإجراءات القانونية المتعلقة بإحدى الدعاوى المقامة حالياً لا تزال في مرحلة الاستطلاع وجمع الأدلة.
وفي الوقت نفسه، سيشغل الأمير خالد بن سلمان منصب جديد هو نائب وزير الدفاع، حيث سيعمل مباشرةً تحت إمرة شقيقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يستمر في شغل منصب وزير الدفاع. وتختلف السيرة الذاتية للأمير خالد اختلافاً حاداً عن سيرة الأميرة ريما، من بينها خبرته كطيار لطائرة مقاتلة من طراز “أف-15” حيث قام بقصف أهدافاً لتنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا، وبنائه علاقات وثيقة مع إدارة الرئيس ترامب خلال فترة ولايته في واشنطن.
ويكمن أحد الأسباب المحتملة وراء هذا التغيير في رغبة الرياض في إعادة العلاقات الودية مع الكونغرس الأمريكي إلى طبيعتها، بعد أن تدهور موقف هذا الأخير من قيادات المملكة بصورةٍ هائلة منذ مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. ومنذ ذلك الحين، قامت عدة شركات تعمل كجماعات ضغط بإلغاء عقودها مع السفارة السعودية في واشنطن في حين طرح المشرّعون العديد من القرارات ومشاريع قوانين تهدف إلى تحميل الرياض وحتى الأمير محمد بن سلمان المسؤولية عن حادثة القتل.
ويبدو الأمير خالد بن سلمان منذ الآن ملتزماً بدوره الجديد المساند لأخيه الأكبر. فبعد يومين من تعيينه، قام بزيارة القوات السعودية المتمركزة على الجبهات الأمامية مع اليمن حيث تحاول المملكة إعادة الحكومة المعترف بها دولياً إلى السلطة بعد أن أطاح بها الثوار الحوثيون المدعومون من إيران عام 2015. وبعد انتهاء هذه الجولة، التقى بعدد من العناصر المدنية والعسكرية في مقر الوزارة في الرياض. وفي تطور آخر ذي صلة، أعلنت المملكة للتو أنها ستقوم بمنح رواتب شهرية إضافية للقوات المتمركزة على الحدود، بهدف تعزيز المعنويات على ما يبدو في منطقةٍ لا تزال معرّضةً للهجمات الصاروخية من الثوار. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ترقية الأمير خالد تُعتبر مؤشراً على حدوث تغيّر في السياسة السعودية نحو ممارسة المزيد من الدبلوماسية في اليمن أو مضاعفة الضغط العسكري، وهو نهج فشل في إلحاق الهزيمة بالحوثيين.
وفي المقابل، يزداد تشجيع الكونغرس من أجل إجراء محادثات سلام بوساطة الأمم المتحدة بسبب القلق من الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن والإصابات المدنية الناجمة عن الذخائر التي تزودها الولايات المتحدة، في الوقت الذي يحذو فيه المسؤولون الأوروبيون حذو الكونغرس، وذلك جزئياً لأنهم قلقون من تعاظم هيمنة ولي العهد على سلطة صنع القرار في السعودية. ووفقاً لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، كان قادة الاتحاد الأوروبي قد حذّروا مصر من امتناعهم حضور القمة العربية الأوروبية التي انعقدت في شرم الشيخ في 25 شباط/فبراير، ما لم يترأس الملك سلمان الوفد السعودي بدلاً من نجله الأمير محمد بن سلمان. وتشعر ألمانيا بالقلق بوجه خاص إزاء الوضع في اليمن وحادثة مقتل خاشقجي – ورداً على ذلك، كانت قد رفضت تزويد السعودية بقطع غيار لأسطول طائراتها المقاتلة من نوع “تايفون”، مما قد يعرّض صفقة بيع طائرات إضافية بمليارات الدولارات للخطر.
وعلى الرغم من انتهاء الأمر بحضور العاهل السعودي جلسة الحوار في النهاية، إلّا أن الإعلانين المتعلقين بالسفارة ووزارة الدفاع صدرا خلال تواجده في مصر، مما يثير تكهنات بأنه لم يكن على علمٍ بهذين القرارين رغم صدورهما باسمه. ويُنظر بشكل متزايد إلى العاهل السعودي البالغ من العمر ثلاثة وثمانين عاماً على أنه أصبح مجرد رئيس شكلي، في حين رُحِّب بالأمير محمد بن سلمان باعتباره الرئيس الفعلي للدولة خلال زياراته الأخيرة إلى باكستان والهند والصين.
وفي المرحلة المقبلة، لا يعتبر الأمير خالد بن سلمان مؤهلاً من الناحية النظرية ليصبح ولي ولي العهد أو يتولى الخلافة مباشرةً بعد الأمير محمد بن سلمان، على الأقل وفقاً للقانون السعودي. ولكن عودته إلى الرياض قد تعني قيام حالة جديدة يلعب فيها دوراً ثنائياً، سواء لتحصين أخيه من الغضب الدولي المستمر أو تمهيد الطريق أمام مناورات الخلافة المستقبلية.