تفاصيل منع فيلم “رمسيس باريس” من دور العرض المصرية

1

حكم قضائي يطيح العمل من السينمات بسبب مستحقات فنان فرنسي والشركة المنتجة: سيعرض مجدداً خلال ساعات

نجلاء أبو النجا صحافية  

فيلم “رمسيس باريس” ليس أول عمل يجري إيقافه بعد عرضه للفنانة هيفاء وهبي في مصر (مواقع التواصل)

رغم وجود مساحة كافية من الإبداع في السينما المصرية في طرح الأفكار والمواضيع بطرق تعبر عن وجهات نظر صناعها، فإن قرارات منع العرض أو سحب العمل بعد طرحه لا تزال واردة، وتنفذ بحق بعض الأفلام لأسباب مختلفة في معظمها قضائية أو مادية أو أخلاقية، وعبر تاريخ السينما منعت أفلام بعد عرضها أو قبله، وسببت حالاً من الغضب والجدل والتساؤلات.

“رمسيس باريس” خارج العرض

ومنذ ساعات أصدر جهاز الرقابة على المصنفات الفنية المصرية برئاسة خالد عبدالجليل قراراً بسحب فيلم “رمسيس باريس” لهيفاء وهبي من دور العرض السينمائية المصرية ووقف عرضه على المنصات الرقمية تنفيذاً لحكم قضائي أصدرته المحكمة الاقتصادية.

والحكم القضائي الذي يحمل رقم (74) لسنة 2023 لمصلحة الفنان الفرنسي بي بي ناصري الذي أعلن تضرره من الفيلم نظراً لعدم حصوله على مستحقاته المادية عقب مشاركته في العمل الذي صورت معظم مشاهدة في باريس، وعند رفضه الاستمرار جرى الاستعانة بدوبلير لاستكمال المشاهد، واستخدمت مشاهد ناصري في الفيلم والإعلان الرسمي للعمل.

وقال رئيس الرقابة المصرية خالد عبدالجليل إن الإدارة العامة للمصنفات الفنية أبلغت موزع الفيلم ضرورة سحب النسخ تنفيذاً لحكم المحكمة.

استئناف عاجل

وصرح مصدر مسؤول بفيلم “رمسيس باريس”، فضل عدم ذكر اسمه، لـ “اندبندنت عربية” بأن أسرة الفيلم قدمت استئنافاً عاجلاً على الحكم القضائي الصادر وجرى قبوله، مؤكداً أن “الفيلم سيعرض في أقرب توقيت وربما خلال ساعات”.

وأشار المصدر إلى أن الشركة المنتجة لم تقم بأية مشكلة تستدعي ما حدث، موضحاً “بدأت القصة عندما جرى إسناد مهمة تنفيذ الفيلم في باريس لشركة فرنسية، وكان هناك مبلغ متفق عليه يقدر بـ400 ألف يورو، ومن مهمات الشركة الاستعانة بممثلين من الخارج والاتفاق معهم على مستحقاتهم المادية، لكن في أثناء التصوير طالبت الشركة بزيادة الأجر المستحق بخلاف الرقم المتفق عليه، وأبدت الشركة المنتجة موافقة مبدئية حتى يتم العمل من دون مشكلات، لكن الشركة الفرنسية طلبت مبلغاً كبيراً مما أحدث مشكلة حقيقية كانت السبب في كل هذه النتائج، بخاصة أن منتج الفيلم ليس المسؤول عن أجر الممثل الفرنسي بل الشركة الوسيطة”.

ورداً على إمكان حذف دور الممثل محل النزاع قال المصدر إن “الحذف يعني تشويه أحداث مهمة من الفيلم وسيخل بالسياق الدرامي، كما أن الفيلم سيرفع قريباً من دور العرض بشكل تلقائي لطرح أفلام جديدة، لكن المشكلة في أن هناك تعاقدات مع جهات أخرى ومنصات لعرض الفيلم، ولا يمكن الإخلال بالسياق الدرامي أمام الجهات التي تنتظر عرض الفيلم بعقود سابقة”.

وشدد المصدر على أن الحرص على استئناف عرض الفيلم “ليس بسبب أي أهداف مادية، لكن حتى لا يتم اتهام صناع العمل بالنصب، ومنع الفيلم لأسباب قضائية”.

عرض موقت

وعلى جانب آخر أصدر المحامي الخاص بالفنان الفرنسي بي بي ناصري، المستشار ياسر قنطوش، بياناً صحافياً أكد فيه أن الشركة المنتجة عملت إشكالاً في التنفيذ للحكم السابق للمحكمة، وعلى إثره قامت الرقابة بعرض الفيلم موقتاً لحين الفصل فيه.

وطالب قنطوش جميع المنصات الموجودة داخل مصر أو خارجها بعدم التعاقد على الفيلم أو عرضه بناء على القرار الصادر من المحكمة.

وفي بيان آخر ردت الشركة المنتجة وأكدت استمرار عرضه في قاعات السينما، وأن ما يحدث هو “حملة مغرضة من أشخاص لهم مصلحة واحدة وهي التشويه والابتزاز”، ووصفهم البيان بأنهم “أعداء النجاح وأصحاب مصالح ومنتفعين”.

وأضافت الشركة عبر البيان أنه نما إلى علمها صدور حكم قضائي مستعجل بمنع عرض بعض المشاهد الخاصة بأحد الممثلين بالفيلم، وذلك لوجود خلافات بينه وبين المنتج المنفذ بفرنسا، وما حدث جرى في غياب الشركة ومن دون إعلامها بتلك الجلسة وهذا يسمى تزويراً، وبناء عليه طعنت الشركة في الاستئناف على ذلك الحكم الباطل.

وأكدت الشركة أن الفيلم مر بجميع القنوات الشرعية للحصول على كل الموافقات اللازمة للعرض داخل وخارج مصر، وموقف الشركة سليم والحكم الصادر غير نهائي، وصدر بناء على معلومات مغلوطة جرى تقديمها للقضاء، وبعد إيضاحها سوف يتم إلغاؤه واستئناف عرض الفيلم بصورة طبيعية.

يذكر أن فيلم “رمسيس باريس” عرض ضمن أفلام عيد الفطر 2023، وهو من بطولة هيفاء وهبي ومحمد سلام وحمدي الميرغني ومحمود حافظ ومحمد ثروت ومصطفى خاطر وجومانا مراد ومحمد أسامة أوس وسامي مغاوري وآخرين، وتأليف كريم حسن بشير وإخراج أحمد خالد موسى.

أفلام ممنوعة

وربما فيلم “رمسيس باريس” ليس أول عمل يجري إيقافه بعد عرضه للفنانة هيفاء وهبي، فقد سبق عام 2014 وقضت المحكمة الدستورية المصرية العليا بعدم عرض فيلم “حلاوة روح” بعد تأييدها دستورية المادة التاسعة من القانون رقم 430 لسنة 1955 لتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية، وهي المادة التي استند إليها قرار الحكومة المصرية عام 2014 بمنع عرض الفيلم، وتقدم صناعه بالطعن في عدم دستوريتها، وجرى السماح لهم بعرض العمل بشكل موقت انتظاراً لصدور الحكم النهائي الذي جاء صادماً لصناع الأفلام في مصر.

كما صدر وقت الأزمة قرار من رئيس وزراء مصر إبراهيم محلب بوقف عرض الفيلم بعدما أثار ضجة هائلة بين الجمهور بسبب مشاهده الجريئة، لكن محكمة القضاء الإداري استجابت لطعن المنتج محمد السبكي في القرار، وقررت وقف تنفيذه وإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية المادة (49) من قانون تنظيم الرقابة على المهن السينمائية.

وسبق وأصدرت الرقابة على المصنفات الفنية قراراً بسحب ترخيص فيلم “كارما” للمخرج خالد يوسف وعدم عرضه بسبب مخالفته شروط الترخيص الممنوحة له، وذلك قبل يوم من الاحتفال بالعرض الخاص له، وجرى حل الأزمة وعرض الفيلم بعدها.

ومن الأزمات الشهيرة سينمائياً منع عرض فيلم “خمسة باب” لعادل إمام ونادية الجندي وفؤاد المهندس وإخراج نادر جلال، والفيلم من إنتاج عام 1983، ووقتها أصدر وزير الثقافة عبدالحميد رضوان قراراً بإيقاف عرض الفيلم بتهمة أنه مخل بالآداب العامة بعد أسبوع واحد من العرض، لكن منتج الفيلم محمد مختار رفع دعوى قضائية وربحها بعد ثماني سنوات في المحكمة، وسُمح بعرضه مجدداً.

أما فيلم “جنون الحياة” الذي أنتج عام 1999 فقد واجه اعتراضات رقابية كبيرة وحذفت منه مشاهد عدة بحجة أنه يسيء إلى الآداب العامة، وجرى منع عرضه سينمائياً، كما أنه ممنوع تلفزيونياً حتى الآن.

وكان فيلم “لاشين” الذي عرض عام 1938 أول الأفلام المصرية التي تعرضت للإيقاف بعد عرضها، إذ رأى سياسيون موالون للملك فاروق أنه المقصود بشخصية الحاكم الطاغية في الفيلم الذي يترك أمور الحكم لرئيس وزراء فاسد.

أما فيلم “ناجي العلي” الذي أدى بطولته الفنان الراحل نور الشريف وأخرجه عاطف الطيب وكتب السيناريو له بشير الديك، فعرض في مهرجان القاهرة السينمائي عام 1992، لكنه منع من العرض في المهرجان القومي للسينما الذي تشرف عليه وزارة الثقافة المصرية ورفع من دور العرض السينمائي.

ويعد فيلم “زائر الفجر” للمخرج عاطف شكري وبطولة ماجدة الخطيب من أشهر الأفلام الممنوعة من العرض، إذ اتهمه بعضهم بأن يوجه انتقاداً واضحاً وصريحاً للنظام، ودارت الأحداث حول الاعتقالات التعسفية التي سادت بداية حقبة السبعينيات.

وواجه فيلم “الغول” بطولة عادل إمام، وتأليف وحيد حامد مصيراً مؤلماً إذ جرى رفعه من دور العرض بعد عرضه بسبب اعتراض الرقابة وتقديمها تقريراً تصف فيه الفيلم بأنه يعادي نظام الحكم والمؤسسات القضائية، ويشجع على العنف والثورة ضد أصحاب الأموال.

التعليقات معطلة.