تعمّقت البحوث العلمية في دراسة الفيروسات الحيوانية التي تنتقل إلى البشر وتُحدث موجات وبائية بينهم، فتوصلت إلى اكتشاف تركيب جيني في إحدى عائلات تلك الفيروسات، يعينها في سهولة الانتقال إلى الإنسان. وفي دراسة جديدة، اكتشف العلماء تركيباً جينياً عند البشر يسهِّل استقبال فيروسات تلك العائلة التي تسمى “آرتري فيروس” arteriviruses .وكذلك توصلوا إلى تحديد نوع من الأجسام المضادة التي يفرزها جهاز المناعة البشري، ويقدر على التصدي لتلك الفيروسات، بحسب ما ورد أخيراً في موقع “ساينس دايلي” Science Daily.
انتشار واسع بين الثدييات
تنتشر فيروسات عائلة “آرتري فيروس” على نطاق واسع بين أنواع الثدييات التي تعتبر مضيفات طبيعية لها. يشمل ذلك القردة والخنازير والخيول، لكن البشر ليسوا ضمن تلك القائمة.
يهدف الباحثون إلى فهم آليات عدوى “آرتري فيروس” بشكل أفضل بهدف تقييم مدى خطورة انتقال العدوى إلى البشر ومعرفة الإجراءات الوقائية التي قد تصبح ضرورية في حال حدوث ذلك في المستقبل.
غير محصنين مناعياً
وفي هذا السياق، أوضح المؤلف المشارك كودي وارن، الأستاذ المساعد في علوم البيطرية بجامعة ولاية أوهايو أنه “من المهم أن نأخذ في الاعتبار مسألة عدم وجود فيروسات “آرتري فيروس” معروفة تصيب البشر. إذ يعني ذلك أننا عملياً نُعتبر غير محصنين مناعيّاً ضدها”.
قاد كودي وارن هذا العمل بالتعاون مع آدم بيلي، الأستاذ المساعد في علم الأمراض وطب المختبرات بجامعة ويسكونسن-ماديسون.
يعيش عددٌ من الحيوانات التي تستضيف أجسادها إحدى سلالات عائلة “آرتري فيروس” من دون ظهور أي علامات مرضية عليها. وحينما تصيب تلك الفيروسات الخنازير فقد تتسبب بالتهاب رئوي، وحالات إجهاض لدى الخنازير الحوامل. وقد تُحدِث سلالات أخرى حمى نزفية أو التهابات دماغية في بعض الحيوانات الثديية.
أكثر ضراوة
تتميز “آرتري فيروس”بقدرتها غير العادية على إحداث عدوى تدوم فترات طويلة، وتصبح أكثر ضراوة حينما تجد مضيفين جدداً.
واستناداً إلى ذلك، سعى فريق البحث إلى تحديد التراكيب الجينية في الثدييات التي تستخدمها “آرتري فيروس” كـ”أبواب” للدخول إلى الخلايا المضيفة ثم التكاثر فيها.
منع العدوى الفيروسية
أظهرت نتائج هذه الدراسة أن هنالك نوعاً معيناً من تلك “الأبواب” يسمّى “إف سي آر إن” FcRn تستعمله خمسة من أعضاء عائلة “آرتري فيروس” للدخول إلى أجسام القرود والخنازير والخيول.
وثمة ثنية مثيرة في ذلك البحث. إذ تبيّن أن حيوانات ثديية كثيرة، من بينها البشر، تحتوي أجسامها على “الباب” المسمّى FcRn، لكن تركيبته لدى البعض منها لا تسمح بدخول الفيروسات عبرها.
ويؤكد وارن “إذا نظرنا إلى بيولوجيا الفيروسات، فإن أحد أهم الأشياء التي يمكننا فهمها هي آليات الدخول. لأنه إذا كان بإمكانك إيقاف قدرة الفيروس على إصابة خلية من خلال تعطيل الاتصال الأولي بين الفيروس والمنطقة التي تستقبلها، فإنك بذلك تمتلك استراتيجية علاجية محتملة”.
وتتضمن كلمات وارن إشارة إلى معلم آخر في تلك الدراسة نفسها. إذ توضَّح للعلماء أيضاً أن جهاز المناعة في بعض الثدييات، خصوصاً البشر، يفرز نوعاً خاصاً من الأجسام المضادة يستطيع إقفال “الباب” المسمى “أف سي آر إن”، ما يمنع الإصابة به. وبالتالي، تصلح تلك الأجسام المضادة كسلاح للوقاية في حال حدوث عدوى وبائية من إحدى سلالات “آتري فيروس” في المستقبل