تحاول بكين توسيع علاقاتها السياسية والاقتصادية مع النظام الحاكم في كابول إلا إنها تشعر بالقلق من وجود مقاتلي الأويغور وعائلاتهم على الأراضي الأفغانية
وزير الخارجية الأفغاني مستقبلاً نظيره الصيني في كابول، في 24 مارس 2022 (أ ف ب)
في لقاء لوزيري الدفاع الملا يعقوب، والخارجية أمير خان متقي، مع ممثل الصين لدى أفغانستان يوشيا إيونغ، أكدا توسيع التعاون مع بكين.
وفي تغريدة لوزارة الدفاع الأفغانية (طالبان) على موقع “إكس”، قالت إن الملا يعقوب أبلغ يوشيا إيونغ أنه مع مجي “الإمارة الإسلامية” أصبحت علاقات أفغانستان الثنائية مع دول الجوار، خصوصاً الصين، أقوى يوماً بعد يوم.
وقالت وزارة الدفاع في حكومة طالبان نقلاً عن ممثل الصين لدى أفغانستان أنه أعرب عن ارتياحه لاستتباب الأمن والاستقرار في أفغانستان، وأكد استمرار مساعدة الصين للشعب الأفغاني في المجالين الاقتصادي والتجاري.
ووفقاً للبيان الذي نشرته حكومة طالبان، أعرب أمير خان متقي خلال لقائه مع يوشيا إيونغ، عن تقديره لمواقف الصين تجاه “طالبان” في الاجتماعات الدولية. كما جاء في هذا البيان نقلاً عن ممثل الصين أن بلاده تحترم استقلال أفغانستان ولن تتدخل أبداً في الشؤون الداخلية الأفغانية.
وتعد الصين من الدول التي أقامت علاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع نظام “طالبان”، وسافرت وفود صينية عدة من مجالات مختلفة إلى أفغانستان. ففي أعقاب الإطاحة بالنظام الجمهوري في أفغانستان، زار وزير الخارجية الصيني وانغ يي، العاصمة كابول في مارس (آذار) 2021، والتقى كبار المسؤولين في حكومة “طالبان”، ومنهم وزير الخارجية أمير خان متقي، ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، الملا عبد الغني برادر. زيارة وزير الخارجية الصيني إلى أفغانستان تمت في الوقت الذي نادراً ما يزور فيه مسؤولون أجانب ذلك البلد.
وأتاحت الحكومة الصينية هذا العام وفي أكثر من مناسبة، الفرصة لبعض مسؤولي “طالبان” للتحدث والمشاركة في الاجتماعات الإقليمية والدولية، ويظهر هذا النهج الصيني أن العلاقات بين بكين وكابول أصبحت أكثر دفئاً من أي وقت مضى. كما ألقى النائب السياسي لرئيس الوزراء في حكومة “طالبان” مولوي عبدالكبير كلمة عبر الفضاء الافتراضي في معرض الاستيراد والتصدير لجنوب آسيا والصين في أغسطس (آب) الماضي، إذ أعرب عن امتنانه العميق لتعاون الصين وتوسيعها العلاقات التجارية مع أفغانستان.
اقرأ المزيد
- إيران تستعين بـ”طالبان” لتفادي طعنات جيش العدل البلوشي
- لتلك الأسباب لا تكتمل لـ”طالبان” مشاريع اقتصادية
- “طالبان” أعطت كابول الأمن وسرقت الألوان
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023 دعت الحكومة الصينية أمير خان متقي إلى حضور اجتماع الهيملايا، وناقشت دول الهيملايا في هذا الاجتماع العلاقات الاقتصادية والتواصل الإقليمي والتغيرات المناخية في هذه المنطقة. كما أعرب أمير خان متقي عن امتنانه وشكره ليو شياويينغ على هذه الدعوة التي وجهت له من الحكومة الصينية. كما دعت الصين وفد حكومة “طالبان” برئاسة وزير الصناعة نور الدين عزيزي، إلى المشاركة في منتدى التعاون الدولي الثالث لـ”الحزام والطريق” في نهاية الشهر الجاري، الذي من المقرر أن يعقد بحضور ممثلين عن 130 دولة في الأقل.
وبعد وصول طالبان إلى السلطة في أفغانستان، أبدت الحكومة الصينية رغبة كبيرة في الاستثمار في مناجم أفغانستان ومواردها وثرواتها، ووقعت حكومة “طالبان” عقداً بقيمة 540 مليون دولاراً أميركي مع إحدى الشركات الصينية لاستخراج النفط من حوض “أموداريا الشمالي” (نهر جيحون). وقيل أيضاً إن هذه الشركة الصينية زادت حجم استخراج النفط. كما طلبت “طالبان” من الصين البدء بالتعدين في منجم “عينك” للنحاس الذي يعتبر أكبر مناجم النحاس في أفغانستان. وأظهرت الصين اهتماماً شديداً باستخراج مناجم الليثيوم الذي يعتبر من أغلى العناصر المعدنية. وأجرت محادثات مع “طالبان” في هذا الخصوص، وكما هو معلوم فإن الليثيوم يتمتع بالقدرة على تخزين الطاقة الكهربائية ويستخدم في صنع بطاريات الهواتف والسيارات الكهربائية وأجهزة الحاسوب والطائرات من دون طيار، لكن واجهت هذه العقود التي أبرمت بين حكومة طالبان والصين انتقادات محلية ودولية نظراً إلى عدم شرعية نظام طالبان.
وتحاول الصين توسيع علاقاتها السياسية والاقتصادية مع نظام طالبان، إلا أنها تشعر بالقلق من وجود مقاتلي الأويغور وعائلاتهم في الأراضي الأفغانية، وطلبت الحكومة الصينية سراً من “طالبان” صد تهديد الأويغور، ومن ناحيتها تزعم طالبان أن الأراضي الأفغانية لن تستخدم ضد أية جماعة أو دولة.
هذا وتعتبر الصين انتهاء المهمة العسكرية الأميركية في أفغانستان إنجازاً لها، ومع مرور الوقت سيتضح لنا إلى متى ستظل “طالبان” تلعب على وتر التعاون مع الصين التي تعتبر أحد المنافسين الحقيقيين للولايات المتحدة والغرب بشكل عام. وأعربت بعض الشخصيات السياسية الأميركية، أبرزها المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة دونالد ترمب، عن القلق الشديد في شأن نفوذ الصين في أفغانستان.
نقلاً عن “اندبندنت فارسية”