تقرير: العراق و الشرق الأوسط سيشهدان تزايداً بمعدلات الوفيات بسبب الحر القاتل

1

post-image


وجه موقع ألماني ،السبت، تحذيراً من أن العراقيين و عموم سكان المنطقة الاقليمية، متروكون من جانب حكوماتهم في مواجهة موجات الحر الحادة و المتزايدة والتي يتوقع ان تتسبب بوفاة عشرات الآلاف سنوياً خلال العقود القليلة المقبلة.

و لفت تقرير جديد لموقع “دوتشيه فيله” الألماني ،و تابعته المطلع، إلى أنه في ظل تزايد تواتر موجات الحر ، فإن الشرق الاوسط سيشهد تزايداً في معدلات الوفيات المرتبطة بالحرارة ، فيما تعاني المنطقة من تخلف في التخطيط للقضايا المتعلقة بالصحة العامة للناس.

نصف درجة الغليان

لكن هناك ما يمكن تعلمه من المنطقة حول النجاة من الطقس الحاد. ونقل التقرير عن العراقية خلود العامري وهي مؤسسة شبكة مقرها بغداد لصحفيات عاملات في مجال المناخ، قولها انه عندما يهدد مؤشر الحرارة بالارتفاع فوق 50 درجة مئوية في العراق، فإن الناس يحصلون عادة على عطلة و يطلب منهم البقاء في الداخل.

ولفتت العامري الى ان العراقيين يحصلون عادة على هذه المعلومات من قناة “العراقية” التي تديرها الدولة ، أو قد يتم نشرها على فيسبوك ، حيث يقولون لا تذهبوا الى العمل، كما يطلبون من اي شخص معرض لدرجات الحرارة المرتفعة، أن يبقى في الداخل.

و أضافت:”يخبروننا ايضا ان نضع أوعية من المياه تحت الاشجار من أجل الطيور و الحيوانات الأخرى”.

و اشارت العامري الى ان هذا كل ما يقومون به، موضحة ان العراقيين يشعرون بالغالب وكأنهم وحدهم في مواجهة موجة الحر.

و اضافت ان الناس يتعلمون “التعايش مع الحرارة ويتأقلمون طوال الوقت”، مشيرة الى ان من الاجراءات المتخذة اعادة تجهيز مكيفات الهواء وحتى اغلاق الطابق العلوي من المنزل خلال الصيف.

و نقل التقرير عن العامري قولها ان “العراقيين سيحاولون حل هذه المشاكل بأنفسهم لانهم لا يؤمنون كثيرا بأن الحكومة ستساعدهم”.

إهمال الدولة

واعتبر التقرير ان هذا الاهمال من جانب الدولة لمثل هذه المشاكل قائم برغم أن الناس في الشرق الأوسط هم الأكثر عرضة لمخاطر الحر الشديد مقارنة بجميع شعوب العالم.

وذكّر الموقع الالماني ببحث علمي نشر في ايار/ مايو الماضي في المجلة العلمية “استدامة الطبيعة” يرصد ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة العالمية بأكثر من 1.5 درجة مئوية على مدى الـ50 سنة المقبلة، مشيرا الى ان درجة الحرارة التي تصنف كمتوسطة في العالم تبلغ 29 درجة مئوية، لكن غالبية الناس في الشرق الاوسط سيتعرضون لحرارة شديدة بحلول العام 2050.

الحر القاتل

كما تناول التقرير دراسة علمية اخرى نشرت في المجلة الطبية “لانسيت” البريطانية حول عدد الوفيات المرتبطة بالحرارة التي قد تحدث في الشرق الاوسط وشمال افريقيا في حال استمر ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

وتشير الدراسة الى انه من المرجح ان عدد السكان في المنطقة الذين يموتون لاسباب مرتبطة بالحرارة سنويا، سيرتفع من معدل نحو حالتي وفاة لكل 100 الف شخص حاليا، الى نحو 123 لكل 100 الف شخص في العقدين الاخيرين من القرن.

واوضح التقرير ان ذلك يعني انه بحلول العام 2100، من المحتمل ان يموت نحو 138 الف شخص سنويا لاسباب مرتبطة بالحرارة في العراق.

وبحسب دراسة “لانسيت” ايضا، فإن التركيبة السكانية والانتقال المتزايد للاشخاص الى المدن في الشرق الاوسط، سيكون له تاثير على كيفية تاثير الحرارة الشديدة على السكان.

واشار الى نه بحلول خمسينيات القرن الحالي، سيكون من المتوقع ان نحو 70% من السكان سيعيشون في المدن الكبرى، وانه بحلول العام 2100، سيفوق عدد كبار السن عدد الشباب في المنطقة.

الكثافة السكانية وتقدم العمر

ونقل التقرير عن معدي الدراسة وهم من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي ومعهد قبرص، قولهم ان “تقدم العمر والكثافة السكانية العالية، تعتبر من عوامل الخطر الرئيسية للامراض والوفيات المرتبطة بالحرارة”.

واوضحوا ان كبار السن هم اكثر عرضة جسديا، حيث ان المدن تميل الى ان تكون اكثر سخونة، وذلك بسبب عوامل مثل المباني الاكثر كثافة، والشوارع الاسفلتية التي تمتص الحرارة وبسبب قلة اوراق الاشجار.

وتابع التقرير ان المدن يمكن ان تكون اكثر دفئا بين 2 و9 درجات مئوية زيادة عن المناطق الريفية المحيطة بها.

ونقل التقرير عن المسؤولة في الامم المتحدة اليني ميرفيلي، قولها انه “برغم ان الحرارة الشديدة تعتبر من اشد مخاطر الارصاد الجوية، الا انه غالبا ما يتم التقليل من شانها او تجاهلها”.

واضافت انه من اجل الاستجابة “بفعالية لهذا التهديد، فان الحكومات بحاجة الى مسار عمل واضح لزيادة الوعي والاستعداد والقدرة على الصمود”.

قطر

وتابع التقرير انه على الرغم من ان معظم الدول في الشرق الاوسط قد اقرت قوانين بشأن التنمية المستدامة وحماية البيئة، الا ان التقرير نقل عن خبراء صحة عامة اعدوا دراسة في قطر، ان العديد من هذه الدول في المنطقة “ما تزال تفتقر الى رؤية واضحة فيما يتعلق بكيفية معالجة الاثار طويلة المدى لتغير المناخ على الصحة العامة، وان سياسات التخفيف والتكيف تتأثر بتغيرات المصالح الوطنية والاقتصادية، وان النزاعات السياسية والكوارث الانسانية لا تجعل من قضايا التغيير المناخي اولوية”.

اليمن

وفي اليمن على سبيل المثال حيث كانت تدور حرب اهلية منذ العام 2014، قال التقرير ان القدرة على التنبؤ بظواهر الحرارة الشديدة هي جزء اساسي من خطط العمل المتعلقة بالحرارة التي ترعاها الدولة.

ولكن، تقريرا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة، يقول في العام 2022، يقول حول التخطيط المستقبلي ان “النظم الراسخة سابقا في اليمن مثل مراقبة الطقس او انظمة الحماية الاجتماعية تأثرت بشدة بالنزاع وفي بعض الحالات توقفت عن تقديم الخدمات تماما”.

الشرق الأوسط

وبرغم ذلك، قال التقرير انه توجد بالفعل في الشرق الاوسط، بعض افضل الطرق المتاحة للتعامل مع زيادة الحرارة الشديدة.

ونقل التقرير عن استاذة ادارة التنمية والحوكمة في جامعة ايراسموس روتردام سليفيا بيرغ قولها ان الاشخاص الذين يعيشون في منطقة الشرق الاوسط، معتادون على درجات الحرارة المرتفعة ويميلون بالفعل الى العيش في مساكن اكثر برودة.

واشارت بيرغ الى ان “التكيفات التقليدية القائمة في الشرق الاوسط منذ قرون للتعامل مع ندرة المياه والمناخ الحار، توفر مستودعا قيما للمعرفة البشرية”، مشيرة بذلك الى اشياء مثل ابراج “لواقط الرياح” التي تنقل الهواء البارد الى مناطق المعيشة، وانفاق الري.

كما نقل التقرير عن ميرفيلي، المسؤولة في الامم المتحدة، قولها ان هناك الكثير لنتعلمه من هذه المنطقة، مضيفة “اننا في اوروبا نتحدث كثيرا عن انهاء الاستعمار”.

ودعت الى اهمية ان يتعلم الغرب من الجنوب العالمي بدلا من الاصرار على التدريس، موضحة ان هناك معرفة وتقنيات لا تصدق تم ضبطها لقرون لملاءمة الظروف المناخية الحالية التي يمكننا الاستفادة منها.

واعتبرت ميرفيلي ان “هناك ثلاثة انواع رئيسية من الاجراءات التي بامكان المدن وينغبي لها، ان تتخذها للتعامل مع الحرارة الشديدة”، موضحا انها من خلال “زيادة الوعي وتعزيز الجاهزية واعادة تصميم البيئة الحضرية”.

كربلاء والحزام الاخضر

وبحسب العامري، الناشطة العراقية، فإن هناك عدة اقتراحات من بينها “عيادة طوارئ مخصصة لهذه الاحداث”، موضحة ان “السلطات المحلية قد تقول للمواطنين بان المستشفيات ممتلئة اثناء موجة الحر او العاصفة الرملية، لكنها لن تمنحهم خيارات لاي مكان اخر يذهبون اليه”.

وتابعت العامري ان “هناك حاجة الى معلومات افضل حول الطقس القاسي حتى نتمكن من الاستعداد بشكل افضل، اذ انهم يخبروننا عادة قبل يوم واحد فقط”.

واضافت “نحن بحاجة الى المزيد من الاشجار المزروعة والمزيد من الاحزمة الخضراء”.

وكمثال، لفتت العامري الى ان كربلاء هي المدينة الوحيدة في العراق التي لا تزال تسعى الى انشاء حزام اخضر كبير حولها، وهو مخطط يتم بناء على طلب من السلطات المحلية وبمساعدة من السلطات الدينية في المدينة.

وختم التقرير بالاشارة ما طرحه الباحثون في “لانسيت” من خلال اقتراح بسيط ورربما يكون اكثر صعوبة في الوقت نفسه، ويتمثل في انه بالامكان منع اكثر من 80% من الوفيات المرتبطة بالحرارة في الشرق الاوسط، فقط من خلال الحد من الاحتباس الحراري الى 

 

درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.

التعليقات معطلة.