تقرير الكتل الشيعية الخمس الرئيسة في العراق تنتظر مصيرها بعد غد

1

مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية، في 12 مايو (أيار) الحالي، تزداد حملتها شراسة وسط تصاعد تبادل الاتهامات فيما بين الكتل والمرشحين. وأعلن تحالف «الفتح»، المشكل في غالبيته من فصائل «الحشد الشعبي»، أمس، عن نجاة أحد مرشحيه من محاولة اغتيال في إحدى مناطق العاصمة بغداد، وذلك بعد يومين من اغتيال مدير المالية في هيئة «الحشد».

ويعتبر المراقبون الانتخابات الحالية الأشرس، بالقياس إلى الحملات الدعائية للدورات البرلمانية الثلاث الماضية، رغم توقيع غالبية الكتل السياسية على ما سمي «وثيقة الشرف الانتخابي»، برعاية الأمم المتحدة. وانشغلت الولايات المتحدة، أو الأمم المتحدة، بما تعرضت له مرشحات من عمليات تسقيط وتشويه، من خلال الفيديوهات التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي. كما كانت حملات التسقيط المتبادل بين الكتل، وحتى الزعامات، عبر ترويج فيديوهات لبعضهم بعضاً، إحدى العلامات السلبية التي ميزت هذه الحملة.

وشيعياً، فإن المرشحين الشيعة الموزعين على نحو 5 كتل رئيسية (النصر بزعامة حيدر العبادي، ودولة القانون بزعامة نوري المالكي، والفتح بزعامة هادي العامري، وسائرون برعاية مقتدى الصدر، والحكمة بزعامة عمار الحكيم) ينتظرون بعد غد (الجمعة) بفارغ الصبر لمعرفة ما سيصدر عن المرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني حول عبارة «المجرّب لا يجرّب».

وفي هذا السياق، أكد النائب عن التحالف الوطني، صادق اللبان، أن الكتل الشيعية تنتظر خطاب المرجعية، الجمعة المقبلة، مبدياً استعداده للانسحاب من السباق الانتخابي، في حال كانت العبارة تعني الجميع، وأضاف: «إذا كانت العبارة تعني الجميع، فأنا أول المنسحبين احتراماً لرأي المرجعية، وتقديراً للمصلحة الوطنية».

وتباينت ردود مختلف ممثلي الكتل السياسية من المرشحين للانتخابات المقبلة بشأن طبيعة سلوك الناخب حيالهم، وفهمهم لمقولة «المجرّب لا يجرّب». وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، يقول النائب السابق والمرشح الحالي عن ائتلاف دولة القانون، سامي العسكري، إن «التغيير عملية تدريجية؛ ليست انقلابية بل هي تراكمية، والمواطن الفاعل الأساس فيها من خلال صوته عبر مراحل انتخابية متتالية.. فلا نتوقع انقلاباً وتغييراً جذرياً من خلال انتخابات واحدة».

وبشأن مقولة «المجرّب لا يجرّب»، يقول العسكري إن «هذه المقولة صحيحة ومنطقية، لكن هناك من يريد استخدامها على طريقة كلمة الحق التي يراد بها باطل»، مبيناً أن «هناك من حرفها بما يناقض المنطق والعقل.. فليس من المنطق ولا العقل ولا الصواب أن يتساوى المحسن والمسيء، بحجة أن كليهما قد جربا. فإذن، ما الجدوى من التجربة ما دامت ستطرح جانباً الجميع، مهما كانت نتائج التجربة؟».

ومن جهتها، ترى النائبة شروق العبايجي، المرشحة حالياً عن حركة «تمدن»، أن «عبارة (المجرب لا يجرب) أسيء فهمها تماماً لأنها لا يمكن أن تكون عامة شاملة. وبالتالي، أدت إلى إرباك واضح في كيفية التعامل معها، بينما الأمر بالنسبة للناخب؛ فإن مسؤوليته هي الأساس في كيفية حصول التغيير».

وأضافت أن «المفروض على الناخب أن يدرك حقيقة مفادها أن سوء الاختيار، أو الخضوع للضغوط والتأثيرات، أو شراء صوته، سيلحق به ضرراً كبيراً على مدى سنوات ما بعد الانتخابات، لأنه سيكون المساهم الأول والأهم في تأسيس برلمان ضعيف وحكومة ضعيفة هي الأخرى»، وأوضحت أن «من شأن ذلك أن ينعكس سلباً على مستوى أداء الحكومة والبرلمان، وبذلك تضيع وتتبعثر الجهود».

أما رئيس كتلة تحالف القوى العراقية في البرلمان العراقي، صلاح الجبوري، المرشح للبرلمان عن محافظة ديالى، فيقول في تفسيره لمفهوم «المجرب لا يجرب» إن «الانتخابات المقبلة سوف تعتمد على الشخص المرشح، ومدى مقبوليته، سواء كان مجرباً أو وجهاً جديداً»، مبيناً أن «المجرب الجيد يجب أن يدعم لأنه بات صاحب خبرة، وهو ما نحتاجه في بناء البلد».

ومن جهته، يرى الشيخ مروان الجبارة، الناطق باسم مجلس شيوخ محافظة صلاح الدين، أن «المشكلة التي يواجهها الجميع الآن هي أن هناك مستوى عالياً من الإحباط من قبل الناخب والمجتمع حيال حصول عملية تغيير حقيقي يمكن أن تفرزها الانتخابات». ويضيف الجبارة أنه «في مناطق شرق تكريت مثلاً، هناك 14 ألف بطاقة انتخابية يرفض أصحابها استلامها، بالإضافة إلى وجود جهات مسلحة ضغطت باتجاه تغيير قناعات الناخبين، يضاف إلى ذلك المال السياسي الذي يضخ من أجل ضمان التصويت لأطراف معينة».

وبشأن عبارة «المجرب لا يجرب»، يقول الجبارة إن «هذه العبارة لن يكون لها تأثير في صلاح الدين، وعموم المناطق السنية، لأسباب مختلفة».

أما الأكاديمي السياسي المستقل الدكتور شاكر كتاب، فيقول إنه «إذا استطعنا أن نتخلص من آفة التزوير، أكاد أكون على يقين من أن تغييراً واضح المعالم سيطرأ في بلادنا، وإذا أتيح فعلاً للناخب العراقي أن يدلي بصوته بحرية دون ضغوط طائفية وحزبية، ودون محاولات الابتزاز الرخيصة التي يمارسها البعض من المرشحين».

ويضيف كتاب أن «الناخب العراقي كمواطن بدأ ينهض بوعي ملحوظ نحو ضرورة إسقاط ظلم وفساد الشريحة المتسلطة بالباطل منذ عام 2003 حتى اليوم»، مبيناً أنه «استيقظ مطالباً بحقوقه كإنسان وكمواطن، والأكثر من هذا نراه اليوم يتعلم بنجاحٍ عالٍ فن مساءلة المسؤولين، إن لم نقل محاسبتهم».

ويوضح كتاب أن «الناخب العراقي، كما يبدو لي، مصمم على التغيير، بإزاحة هذه الوجوه التي باتت من ماركات النظام الفاسد والحكم الفاشل بامتياز».

التعليقات معطلة.