رأى محللون إن إيران هي الفائزة في نهاية الأمر خلال التوتر الاخير بين بغداد واربيل. ويعتقد على نطاق واسع أن طهران أيدت ونسقت الهجوم الذي شنه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في 16 أكتوبر تشرين الأول لاستعادة السيطرة على المناطق التي تقودها السلطات الكوردية بما في ذلك مدينة كركوك الغنية بالنفط.
وقال حسن شعبان وهو معلق سياسي في بغداد وناشط في مجال حقوق الإنسان ”إيران أحسنت اللعب أكثر من الإدارة الأمريكية وكانت القوة الأساسية التي أدت إلى الاتفاق لتسليم كركوك“.
وتحول ميزان القوى في شمال العراق مما كشف عن نفوذ الكورد المحدود في أي مفاوضات مستقبلا. كما كشف عن الدور المهيمن الذي لعبته إيران في تغيير مصير المنطقة الكوردية. كما تقول رويترز.
وأصبحت إيران في وضع يسمح باستغلال العواقب السياسية والسعي لانتقال مركز السلطة من أربيل عاصمة الإقليم، حيث ثقل بارزاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى حلفائها الكورد في مدينة السليمانية.
وقال ريناد منصور وهو خبير في شؤون العراق بمؤسسة تشاتام هاوس البحثية ”كانت إيران دوما تسبق الاستفتاء بخطوة“.
وأضاف أن الإيرانيين كانوا يعرفون أن بارزاني لن يؤجل الاستفتاء أبدا. وقال ”كان الإيرانيون يخططون بينما كان الأمريكيون يتخبطون“.
وأشار مسؤول إيراني كبير إلى أن طهران نصحت بارزاني بعدم إجراء الاستفتاء لكنه لم ينصت لها.
ونقلت وكالة مهر للأنباء يوم الثلاثاء عن علي شامخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قوله ”نحن نصحنا بارزاني بعدم إجراء الاستفتاء وحذرناه من تداعياته على الكورد وعليه شخصيا ولكن للأسف الشديد كانت تصله معلومات خاطئة… وقرر إجراء الاستفتاء”.
* تدخل إيراني
والقائد العسكري الإيراني الميجر جنرال قاسم سليماني حليف منذ سنوات لحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني الخصم الرئيسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة بارزاني.
لكن الاستفتاء زاد القائد الإيراني القوي قربا من المشهد السياسي الكوردي وأظهر كيف امتد نفوذ إيران لما هو أبعد من الحكومة المركزية في بغداد.
وقال مسؤولون كورد وعراقيون إن سليماني نصح الزعماء الكورد في اقليم كوردستان قبل الاستفتاء بسحب قواتهم من كركوك وإلا سيواجهون هجوما ”شرسا“ من القوات العراقية ومقاتلين مدعومين من إيران.
ودفع التحذير مقاتلي البيشمركة الكورد إلى الانسحاب من معظم المناطق وعمق الشقاق بين قاعدة نفوذ بارزاني في أربيل وعشيرة طالباني المنافسة في السليمانية والحليفة منذ وقت طويل لإيران.
وعبر سياسيون عراقيون عن قلقهم من تنامي نفوذ إيران لكنهم أثنوا على العبادي لأنه كبح جماح الطموحات الكوردية.
وقال الشيخ أحمد العبيدي من مجلس عشائر كركوك “نحن نشعر بالقلق لرؤية أذرع الأخطبوط تمتد بعمق في الشمال. ”إذا تكرر نفس التدخل في المناطق الكوردية عندها فالأسوأ قادم وسيسود عدم الاستقرار. رأينا جميعا المشاكل التي حصلت في أجزاء أخرى من العراق ومن ضمنها المناطق ذات الأغلبية السنية والناتجة عن تدخل إيران“.
وفي كلمة للكورد الذين ضعفت روحهم المعنوية بعد هزائم ميدانية كبيرة قال بارزاني يوم الأحد إنه سيتنحى وذلك بعد شهر واحد من الاستفتاء الذي دافع عنه في وجه معارضة إقليمية ودولية.
واتهم برزاني أعداءه ”بالخيانة العظمى“ لأنهم سلموا كركوك للقوات العراقية دون مقاومة فيما وجه خصومه نفس الاتهام له لأنه أجرى الاستفتاء.
* خلافة غير واضحة
وقضى الاستفتاء وما أدى إليه من عقاب عسكري وسياسي عراقي للكورد بدعم من إيران وتركيا على القوة النسبية التي تمتع بها الكورد منذ سنوات.
واتفق المشرعون الكورد يوم الأحد على توزيع سلطات بارزاني الرئاسية بين البرلمان والقضاء والحكومة في ظل غياب انتخابات رئاسية وشيكة وعدم تعيين خليفة له.
ولا يزال بارزاني رئيسا للحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي يهيمن على البرلمان والحكومة وسيظل عضوا في المجلس السياسي الأعلى وهو هيئة غير حكومية تأسست بعد الاستفتاء. وبذلك سيحتفظ بارزاني بقدرته على التأثير في السياسة.
وبهذا يمكن أن يخفف بارزاني من حدة الفوضى السياسية المتصاعدة. لكن موقفه يسلط الضوء على الغموض بشأن من سيكون مسؤولا في مفاوضات مهمة مع بغداد بشأن مستقبل المنطقة.
وتقول رويترز، انه كان من المرجح قبل الاستفتاء أن يصبح مسرور ابن بارزاني خليفته لكن دعم مسرور للاستفتاء أضره.
وبدلا من ذلك تصدر نيجيرفان برزاني، ابن أخي مسعود بارزاني ورئيس إدارة الإقليم، المشهد. وحصل نيجيرفان على بعض سلطات بارزاني الرئاسية بعد توزيعها وحافظ على علاقاته بالمعارضة الكوردية مما جعله مرشحا يحظى بقبول أكبر لرأب الصدوع في المنطقة. كما أن نيجيرفان على علاقة وثيقة بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وأثنت الولايات المتحدة يوم الاثنين على قرار بارزاني التنحي وقالت إنه سيتعاون ”بنشاط“ مع نيجيرفان ونائبه قوباد طالباني وهو عضو في فصيل سياسي منافس يتمتع رئيس الوزراء بعلاقة طيبة معه.
ولم يتضح من سيكون الرئيس المقبل لحكومة إقليم كوردستان العراق. وإلى جانب التوصل إلى تسوية فيما بين الكورد يجب أن يوضع نفوذ بغداد وإيران في الاعتبار.
ويقول مسؤولون كورد كبار من الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني إن الخيار الأفضل بالنسبة لهم هو تقديم جبهة موحدة في المفاوضات مع بغداد.
وتسيطر القوات العراقية التي تضم فصائل شيعية مدعومة من إيران على المعابر الحدودية في الشمال وطرق التجارة المهمة بالنسبة للكورد. ووجه استسلام كركوك عسكريا ضربة قاصمة للكورد على المستوى المعنوي والمالي إذ انخفضت عائدات المنطقة من تصدير النفط إلى النصف بين ليلة وضحاها.
وتعاني عشيرة طالباني من أزمة خلافة خاصة بها بعد وفاة الرئيس السابق جلال طالباني.
وقال منصور من معهد تشاتام هاوس ”رأت إيران في طالباني حليفها الكوردي يتفكك“. وأضاف أن إيران بحاجة إلى خليفة واضح لضمان استمرار نفوذها.
ويتنافس أبناء وأقارب آخرون على القيادة في أعقاب الاستفتاء. لكن أنصار حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني عبروا عن قدر كبير من الإحباط إزاء الطريقة التي أدار بها زعماؤهم أزمة كركوك.
وقال قيادي في البيشمركة متحالف مع حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني طالبا عدم ذكر اسمه خشية تعرضه للعقاب ”خاننا زعماؤنا في كركوك ومنعونا من قتال الفصائل (الشيعية العراقية). باعونا لإيران من أجل مصلحتهم“.
تقرير: ايران الفائزة بتوتر بغداد-اربيل تبحث عن خليفة لحليفها القديم
التعليقات معطلة.